أبرز الأخبار

شبح يلاحق جبران باسيل

“ليبانون ديبايت” – محمد المدني

في كل مرة، يثبت رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل أنه غير قادر على توقيع ورقة الطلاق مع حليفه “حزب الله”. نعم يختلفان، لكن تحت سقف “تفاهم مار مخايل”، ولو أنه بات بحاجة ملحة إلى تعديلات وصياغة جديدة وعناوين مختلفة.

أول من أمس، استعمل جبران باسيل طريقته المعتادة بانتقاده ل”حزب الله”، وهي “ضربة عالحافر وضربة عالمسمار”، وصحيح أنه أعلن رفضه لمعادلة “وحدة الساحات”، إلا أنه في الوقت ذاته شرّع ل”حزب الله” حقه بالمقاومة والدفاع عن لبنان.


عدة أسباب تمنع باسيل من الخروج عن الحزب، وأهمها أن أحداً لا يمكنه إعطاء باسيل مكاسب سلطوية كما يفعل الحزب، والأمر الآخر هو أن باسيل لم يجد لنفسه حلفاء آخرين غير “حزب الله” في الداخل.

ومن هنا، يأتي نداء باسيل للبطريرك مار بشارة بطرس الراعي، يطالبه بالدعوة إلى عقد لقاء مسيحي في بكركي للدفاع عن المسيحيين وموقعهم. وللعلم، هي ليست المرة الأولى التي يدعو فيها باسيل البطريرك إلى عقد قمة “مسيحية”، لكن هذا اللقاء يتعذّر حصوله بسبب رفض “القوات اللبنانية” المشاركة فيه، وتفضيل تيار “المردة” أن تكون اللقاءات المسيحية “ثنائية” برعاية بكركي.

يريد باسيل من لقاء بكركي، أن يفكّ عزلته ويفتح خط حوار مع “القوات اللبنانية” التي ترفض هذا الأمر جملة وتفصيلاً، وأن يجرّ باقي القيادات المسيحية إلى معركته ضد حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في ما يتعلق بالصلاحيات بين الرئاستين الأولى والثالثة.

مشكلة باسيل أن أفق علاقاته مع القوى المسيحية المعارضة مقفل، فيما هو أقفل على نفسه العلاقة مع “المردة” برفضه السير بترشيح فرنجية.

أما رفض “القوات” الجذري لإعادة التواصل مع “التيار”، فهو ناتج عن تجربة “تفاهم معراب” الذي نكث باسيل بكل التزاماته حتى حين حملت توقيعه، ممّا أوصل “القوات” إلى قناعة بأن قيادة “التيار” الحالية غير موثوقة وفاقدة للمصداقية في أي اتفاق ممكن أن ينتج عن اجتماع مشترك بين الحزبين، ولذلك، لن تتخطّى العلاقة حدود التقاطعات السلبية عند الحاجة، كما يحصل بين “التيار” و”القوات” في مواجهة ترشيح فرنجية، دون أن تتحوّل إلى تفاهمات إيجابية يبنى عليها.

أما في ما يخصّ العلاقة مع الكتائب، ورغم أن سامي الجميّل يحاول التقرب من باسيل، معوّلاً على خلافه مع “حزب الله” ورفضه لفرنجية، فإن أفق هذه العلاقة التي يضمر الطرفين توظيفها ضد “القوات اللبنانية”، سيبقى محدوداً لأن سقف الجميّل في موضوع الحزب، أعلى من قدرة باسيل على مجاراته.

وموقف الجميّل من موضوع الحكومة والرئيس ميقاتي لا يتلاءم أبداً مع حملة باسيل، بدليل رفض الكتائب التوقيع على عريضة الإتهام التي حضرها “التيار” ضد ميقاتي، وما زال يبحث عن 26 نائباً لكي يقدّمها للأمانة العامة لمجلس النواب.

يحاول باسيل من خلال تموضعه الجديد فتح أبواب واستدراج عروض من كل الجهات، ولكن شبح التجارب المرّة لمعظم القوى السياسية معه في الماضي القريب، ولا سيّما خلال عهد عمّه، يلاحقه أينما ذهب. ولعلّه أخطأ في حساباته عندما أضاف أيخراً “حزب الله” إلى ضحايا تجاربه المرّة، فقد لا يجد عند الآخرين ما فقده بانهيار تحالفه مع الحزب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى