أخبار محلية

حزب الله يخشى هذا الموضوع

يستشعر حزب الله بقلق كبير حيال التطورات على الجبهة الجنوبية، ويسكنه هاجس اليوم التالي للحرب في حال اندلاعها وانخراط لبنان بها، انطلاقا من صعوبة ايجاد موقف وطني جامع يدعم الحزب في حربه. ففي القرى الجنوبية تتعاظم صرخة الاهالي الذين تركوا قراهم ومنازلهم، ويواجه حوالى المئة الف نسمة لاسيما من القرى المحسوبة على الحزب صعوبات كبيرة بالاندماج في الاماكن التي يقطنون فيها بعد تهجيرهم، ويشكو هؤلاء من شحّ المساعدات واللامبالاة الرسمية والمحسوبيات الحزبية التي تدفع ببعضهم الى اطلاق صرختهم وترجمتها بإشكالات واقتحامات لمراكز المساعدات.

تغيَّرت الظروف مقارنة بالعام 2006، فالازمة الاقتصادية والعقوبات أرغمت حزب الله على التعامل مع بيئته وفق المثل “دبروا حالكم”، في حين تنتقد بيئة حركة أمل مسار الحرب على الجبهة الجنوبية، فهذه البيئة لا تتلاءم مع ظروف الحرب التي تقيّد حركتها وتنظر الى ما يجري بعين الريبة كونها تفضّل الهدنة لما لها من حسنات على أعمالها التجارية وداخل الدولة.

اما القرى المسيحية على الشريط الحدودي فسكانها في مكان آخر بعيدين كل البعد عن “طموحات” حزب الله. فالتنوع السياسي داخل تلك القرى بات واحدا في مقاربة الازمة اذ يُجمع التيار والقوات والكتائب على رفضهم لاقحام لبنان في حرب لا ناقة له بها ولا جمل، ويؤكد هؤلاء أن ما يحصل اليوم كارثة كبيرة على الصعد كافة. فهم غير معنيين بالاجندات الخارجية وما يعنيهم البقاء في بيوتهم وممارسة اعمالهم كما اعتادوا عليها لأكثر من عشرين سنة. وفي مقاربتهم لهذه الحرب مع حرب الـ 2006، يؤكد سكان القرى المسيحية على الحدود ان الاسرائيلي لا يميّز بين عيتا الشعب ورميش أو عين ابل، فبعض العناصر الحزبية تحاول الهروب باتجاه القرى المسيحية وتأخذ من أطرافها مراكز عسكرية فيتم استهداف القرية التي يشعر سكانها بزلزال حين تسقط القذائف الاسرائيلية. يرفض هؤلاء النزوح وترك قراهم خشية من احتلالها من قبل سوريين أو هاربين من القصف الاسرائيلي، رغم خطورتها الا أنهم يفضلون الموت في بيوتهم على تركها مستباحة. ورغم تعاطفهم مع اهالي القرى المجاورة ورفضهم لمنطق القوة الاسرائيلية، الا أن المسيحيين على الحدود الجنوبية ينتقدون حزب الله الذي زجَّ لبنان في حرب غزة واعتمر قبعة “وحدة الساحات”، في وقت كان الاجدى بالمعنيين أن يذهبوا باتجاه تحصين الجبهة الداخلية والتوافق على الاستحقاقات الدستورية.

في منطق حزب الله تبقى الغلبة لمشروعه السياسي والثقافي والعمل بجهد وقوة لتطبيقه، اما مسألة قيام الدولة بمؤسساتها المدنية فهي نقيض لهذا المشروع، وبالتالي فإن أولويته الحفاظ على مؤسساته الحزبية. وانطلاقا من هذا المبدأ يهاجم الحزب مباشرة أو عبر جيشه الالكتروني كل رأي مخالف لتوجهاته، وفي السياق يأتي الهجوم على بكركي بعد العظة الاخيرة للبطريرك بشارة الراعي والتي انتقد فيها “الانتصارات الوهمية”.

يعلم الحزب ان فئة كبيرة من اللبنانيين يرفضون معادلاته وبكركي عبَّرت عن رأيهم، وهذه الفئة هي خاصرة حزب الله الضعيفة والقادرة على انتهاج سيناريوهات لا يريدها الحزب ويخشى منها ولكنه يدفع تجاهها عبر تخوين كل من يرفض دخوله الحرب. من هنا تخشى مصادر سياسية مطلعة من انقلاب الرأي العام اللبناني على حزب الله واستغلال اسرائيل لهذا الوضع والدخول أكثر في تلك البيئات التي ترى في الحزب فتح لاند عرفات وتؤكد استعدادها لمواجهته بشتى الاسلحة، وهذا ما يُثير المخاوف من حرب داخلية، يُدرك الحزب خطورتها على لبنان الكبير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى