أخبار محلية

أبرز ما تناولته الصحف اليوم ١٣ / ١ / ٢٠٢٤ 

أبرز ما تناولته الصحف اليوم ١٣ / ١ / ٢٠٢٤

 

كتبت النهار

لم يشعر المسيحيون في لبنان وربما المسلمون أيضاً ومن مذاهب مختلفة بأي ارتياح عندما شاهدوا تدفّق النازحين السوريين الى بلادهم وبعشرات الآلاف بل بمئاتها سواء قبل التوقّف الموقّت ربما للحرب فيها الذي فرضه الجيش الروسي عام 2015 بعد التدخل الناجح فيها والى جانب قوات نظام الرئيس بشار الأسد وتدخّل قوات “حزب الله” وميليشيات شيعية مسلمة عراقية وأخرى غير عربية في الحرب. وشعور عدم الإرتياح هذا إزداد يوماً بعد يوم ولا سيما بعدما وصل عدد هؤلاء الى نحو مليونين ومئتي ألف وفقاً لإحصاءات، أو بالأحرى لأرقام المؤسسات اللبنانية والأمنية في مقدّمها، كما بعدما انتشروا في محافظات لبنان كلها وفي عواصمه الثلاث بيروت وطرابلس وصيدا، وكذلك في أقضيته وحتى في معظم مدنه وقراه الممتدة من سواحله الى قمم جباله مروراً بسهوله. المقلق وربما المخيف أن شعور الخوف حلّ مكان شعور القلق عندهم في ظل انحلال الدولة اللبنانية والموت السريري لمؤسساتها الإدارية وشلل مؤسساتها الدستورية رغم استمرار الجيش اللبناني ومعه الأجهزة الأمنية المتنوّعة في القيام بأعمالها ولكن في ظل واقع إنقسامي في البلاد شلّ القضاء بكل فئاته وعطّل تالياً عمل الأمن والعسكر رغم التوقيفات الكثيرة جداً التي قاموا بها لنازحين سوريين لدخولهم لبنان بطريقة غير شرعية ولعملهم فيه بطريقة غير شرعية أيضاً ولاشتراكهم مع اللبنانيين “المنحرفين” في خرق القوانين والتعدّي على المواطنين من كل الفئات. الحجة التي تذرّع بها هؤلاء كانت غياب الدولة وشلل الإقتصاد وانهيار العملة الوطنية والحاجة الى المال للبقاء على قيد الحياة، علماً أن ذلك لا يعني أن قسماً مهماً من النازحين السوريين لا يقومون بعمل ما إلا لإحجام العمالة اللبنانية عن القيام به. لكن ذلك في النتيجة لا يغيّر من واقع الإنتشار السوري في البلاد وانعكاساته السلبية عليها وعلى مواطنيها اللبنانيين وخطره المستقبلي على “الهوية اللبنانية” التي صار الوجود السوري المدني غير الشرعي في لبنان خطراً عليها، ولا سيما في ظل الخبرة السورية الطويلة المدى في استعمال الأسلحة في بلادهم يوم كانت مستقرة ووفقاً لقوانينها وأجهزتها، كما يوم انقسموا وحاربوا بعضهم بعضاً بعد نشوب ثورة إصلاحية سلمية في بلادهم حوّلتها جهات كثيرة داخلية وخارجية حرباً أهلية قتلت سوريين كثيرين وهجّرت سوريين كثيرين وخرّجت “مقاتلين محترفين” كثيرين جاهزين لممارسة ما اعتادوا القيام به في أثناء الحروب.

هل يشكّل النازحون السوريون المصدر الوحيد للخطر الذي يشعر به اللبنانيون بعدما صاروا يقاسمونهم اللقمة حيناً، وينافسونهم في أعمالهم أحياناً، ويشاركون السيئين منهم في أعمال مخالِفة للقوانين والأنظمة ساهمت ولا تزال تساهم في جعل فشل الدولة نهائياً وغياب الأمن نهائياً، كما شكّلت ولا تزال تشكل خطراً على الهوية اللبنانية رغم الإختلاف عليها بين اللبنانيين أنفسهم؟ كلّا، يجيب لبنانيون كثيرون ومنتمون الى الطوائف والمذاهب التي تحوّلت شعوباً متناحرة باسم الدين والدين والله عزّ وجلّ براء منهم لأنهم لا يعكسون في معظمهم وحدانيته التي أكدها في كتبهم المقدسة. فعملية “طوفان الأقصى” التي نفّذتها “حماس” في الغلاف الجنوبي لإسرائيل يوم 7 أكتوبر الماضي وفي أيام تالية له ردّت عليها الأخيرة بحرب بالغة الشراسة دمرت الحجر وقتلت عشرات آلاف البشر وهجّرت مئات الآلاف منهم، لكنها وبعد نيّف وثلاثة أشهر لا تزال عاجزة عن استعادة أسراها لدى “حماس” وعن الانتصار عليها رغم الخسائر التي تكبّدها الطرفان في الحرب. وقد ردّ عليها “حزب الله” اللبناني الحليف الأول لإيران الإسلامية في المنطقة إذ حقّقت بواسطته إنجازين مهمين جعلاه درّة تاجها هما تحرير لبنان من احتلال إسرائيل عام 2000 ومنع الأخيرة من الإنتصار في حرب تموز عام 2006، رد عليها بفتح الحرب على شمال إسرائيل من جنوب لبنان. كما ردّ عليها بالإفساح في المجال أمام “كتائب القسام” التابعة لـ”حماس” الموجودة في لبنان رغم عدم معرفة الناس بذلك في السابق، أو رغم تجاهلهم وتجاهل دولتهم لذلك بالرد على إسرائيل حرباً ومن الأرض اللبنانية. الرد نفسه مارسته سرايا “تنظيم الجهاد الإسلامي الفلسطيني” في الجنوب اللبناني أيضاً، كما مارسه تنظيم لبناني صغير لجماعة سياسية – دينية لبنانية وأممية في آن.

هذا الأمر زاد من قلق اللبنانيين على تنوّعهم ورغم اختلافهم في النظر الى مقاومة إسرائيل من أي فريق، إذ يعتبر ذلك بعضهم خطراً وجودياً على لبنان في حين يعتبر بعضهم الآخر ذلك واجباً دينياً ووطنياً وقومياً لا يمكن التخلّف عن أدائه أياً تكن الأخطار. وما يزيد شعور اللبنانيين بالقلق هو احتمال أن تزيد العودة السورية “الأسدية” والمعادية لها والعودة السورية الإسلامية إذا جاز التعبير الى لبنان مع العودة الفلسطينية إليه في استعادة أجواء التنافر والعداء بين “شعوب” لبنان التي سادت أيام الحرب الأهلية بين 1975 و1990، علماً أنها كانت موجودة قبل ذلك وأنها لم تختفِ بعد “اتفاق الطائف” بل استمر جمرها واقعاً تحت الرماد وجاهزاً للإشتعال عند أول هبّة ريح محلية وإقليمية ودولية. هل الخوف المتنوّع المفصّل أعلاه في محلّه؟ وما هو شعور “حزب الله” كونه الفريق الأقوى في لبنان بشعبه أولاً وبجيشه الكبير المدرّب وبتجاربه العسكرية الناجحة، علماً أنه هو الذي أسهم وإنْ على نحو غير مباشر في نظر لبنانيين معادين له ومن زمان بتدخله في سوريا في “طوفان” عدد السوريين الى لبنان، كما في عودة الوجود الفلسطيني المسلّح الى العمل فيه وإنْ ضد إسرائيل حتى الآن فقط؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى