أخبار محلية

أبرز ما تناولته الصحف الصادرة اليوم الأربعاء ١٠ / ١ / ٢٠٢٤

كتبت النهار:

تحفز الحيوية التصاعدية للتحرك والاندفاع والدور الأميركي لمنع تدحرج الإعصار الحربي في غزة نحو تفجير حرب شاملة في لبنان على الإكثار من المقاربات الديبلوماسية والصحافية لهذا الاندفاع من باب مقارنات أو بالأصح “مطابقات” تشبيهية لمهمة آموس هوكشتاين مع تجربة “أعرق” الوسطاء الأميركيين في ثمانينيات القرن الماضي الأميركي اللبناني الأصل فيليب حبيب. وهو أمر بديهي من الناحية النظرية أقله من منطلق واقع “رسوخ” الحضور الأميركي المستدام في الشرق الأوسط كثابت لم يتبدّل منذ عقود بإزاء المتغيّرات الضخمة التي طرأت على واقع الشرق الأوسط واستحضرت عوامل طارئة جديدة أبرزها النفوذ الإيراني الزاحف والعابث بدول “المحور الممانع” قاطبة. ومع ذلك تبرز مقارنة أو مطابقة مهمة آموس هوكشتاين بتجربة فيليب حبيب الكثير من المغالاة وعدم الدقة في مقاربة الظروف والتبدلات والمقاربات الخاصة بكل من الوسيطين بما يستدعي ويستأهل التوقف عندها لئلا يترسخ لدى الرأي العام اللبناني أقله اقتناع بأن “التاريخ سيعيد نفسه” سلباً أو إيجاباً بهذه الخفة.

نجح فيليب حبيب في عامي 1981 و1982 في مهمتين خطيرتين هما وقف حرب بين إسرائيل وسوريا إثر وساطته في أزمة الصواريخ السورية التي نُصبت في صنّين وترتيب اتفاق انسحاب منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت عقب الاجتياح الإسرائيلي للجنوب امتداداً الى بيروت، ولكنه فشل قطعاً في منع الاجتياح الإسرائيلي نفسه الذي رتّب تداعيات زلزالية على لبنان والمنطقة. الفارق الهائل الذي يميّز تجربة فيليب حبيب عن تجربة خلفه بعد نحو نصف قرن آموس هوكشتاين، العامل الآن في حقل ألغام للحؤول دون تفجّر ما يمكن أن يشكل أسوأ من حرب غزة وما يمكن أن يؤدّي الى أخطر زلزال عرفه لبنان في تاريخه المفجع في الكوارث والحروب، هو أن الوسيط السلف كان يعمل تحت مظلة الحرب الباردة قبل انهيار الاتحاد السوفياتي فيما يعمل الوسيط الخلف الآن تحت واقع الجنون الإسرائيلي العاتي من جهة والعبث الإيراني الخبيث من جهة أخرى من دون إسقاط حالة الشك العميق في الدور الأميركي نفسه كـ”وسيط” مؤهّل لقيادة الشرق الأوسط نحو تسوية عادلة للقضيّة الفلسطينية. لا يمكن التقليل أبداً من “رصيد” هوكشتاين في إنجازه ملفّ الترسيم البحري وما استتبعه من إطلاق معادلة الاستثمارات النفطية المتصلة بالتنقيب عن الغاز والنفط وتداخلها مع الاستقرار المفترض المستدام بين لبنان وإسرائيل. ولكنه رصيد بات يقف عند باب غرفة العناية الكثيفة بعدما كادت حرب غزة تجهز على كل مرتكزات المرحلة التي سبقت تاريخ السابع من تشرين الأول الماضي ولو أن الإنهاك الذي ضرب الجميع بعد دخول الحرب شهرها الرابع سيزوّد هوكشتاين بقدرة خلفية إضافية لطرح مشروع تسوية ثابتة عبر الترسيم البرّي للحدود اللبنانية مع إسرائيل. تكاد المشكلة الجوهرية التي ستواجه هوكشتاين ما بين اتفاق حدودي بحري ناجز ومشروع اتفاق بري جاهز تُختصر بزلزال لم يكن محسوباً أقام في طريقه ما يتجاوز آثار الحرب الباردة في الثمانينيات التي أبحر عبرها فيليب حبيب بصعوباتها الضخمة آنذاك. ولعل أقصى “المنى والطلب” الذي يواكب هوكشتاين حين يحط رحاله في الأيام الطالعة مجدداً في بيروت هو أن يثبت لكل المشككين قدرة الولايات المتحدة وحدها على منع الحرب وتالياً أنها وحدها منعت حتى الساعة انجراف الجنون الإسرائيلي نحو إلحاق لبنان بغزة في حرب الإبادة كما قدرتها الرادعة على وقف زحف الاستغلال الإيراني للدماء اللبنانية النازفة في “مواجهة المشاغلة” الجارية الآن.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى