أخبار محلية

عدم إحضار الموقوفين الى الجلسات: شاحنات السوق لقوى الامن هرمت وأعطال بالجملة!

يظهر تقرير لنقابة المحامين في بيروت في نهاية العام الماضي 2023 جدولاً يحصي عدد السجناء في السجون اللبنانية والنظارات الاقليمية ونظارات قصور العدل. ويبيّن هذا التقرير أن العدد الاجمالي للسجناء بلغ حتى أواخر كانون الاول الماضي 8180 سجيناً. يتوزع 3564 سجيناً في السجن المركزي في رومية، وبزيادة ثلاثة أضعاف عن قدرته الاستيعابية التي تقدّر بـ1200 سجين. ويوجد 2633 في السجون الأخرى في المحافظات وعددها 25 سجناً كما يوجد 1983 سجيناً في النظارات الإقليمية وقصور العدل. وبحسبه إن عدد السجناء اللبنانيين 4730 من العدد الاجمالي، ويشكلون نسبة 57،8 في المئة من السجناء. ويتوزع العدد الباقي على 2482 موقوفاً سورياً ونسبتهم 30،3 في المئة، بينهم 1123 سجيناً في رومية بينما 332 منهم في سائر السجون، و143 في نظارات قصور العدل، و550 في نظارات القطعات الإقليمية. أما النسبة الباقية من السجناء فتشكل 11،8 في المئة من الاجمالي، وعددهم 968 ومن جنسيات مختلفة. ويتبين وفق جدول الإحصاء أن الفرق كبير بين عدد الموقوفين الذين لا تزال قضاياهم عالقة أمام القضاء وبلغوا 5129 موقوفاً، ويشكلون نسبتهم 83،8 في المئة من العدد الإجمالي في مقابل نسبة 17،2 من المحكومين الذين ينفذون عقوبات في أحكام صدرت في حقهم وبلغ عددهم 1068 محكوماً ونسبتهم 17،2، من دون أن يشير الجدول الى نوع الجرائم الملاحق به هؤلاء الموقوفين إن كان جنائياً أو جنحياً.

ويلحظ الجدول أن 24 سجيناً تُوفوا خلال عام 2023 بتراجع عن وفيات العام 2022 حيث سجل 37 حالة وفاة. وهم 12 لبنانياً وخمسة سوريين، وثلاثة فلسطينيين وآخر مكتوم القيد. 17 منهم تُوفوا في المستشفيات بأزمات قلبية أو توقف في عمل القلب والرئة إثر تعرّض لجلطة أو بسبب داء السكري أو ضعف في عضلة القلب، كما أورد حالة وفاة واحدة بداء عضال، ووفاة أربعة سجناء اختناقاً بينهم سوري بسبب حريق في سجن زحلة واثنين آخرين اختناقاً بسبب حريق في نظارة مخفر إهدن أحدهما سوري. ولحظ انتحار ثلاثة موقوفين في سجن رومية.

ويوجز رئيس لجنة السجون في النقابة المحامي جوزف عيد الذي أعدّ هذا الإحصاء، الى مشكلة الاكتظاظ المزمنة التي تعاني منها السجون وانتقالها الى النظارات، أن الحاجة الداهمة للسجناء هي للأدوية ولا سيما تلك المتعلقة بأمراض مزمنة، بحسب ما ذكره لـ”النهار”، مضيفاً أن 70 سجيناً تقريباً يعانون من أمراض مزمنة ويجب أن يتناولوا العقاقير بانتظام. ويعزو سبب الافتقار الى الأدوية على أنواعها الى أن “الدولة كانت ترصد ميزانية للوضع الصحي بالنقد الوطني الذي لم يعد كافياً بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار. ونتكل في تغطية العجز على تقديمات من منظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر وجمعيات إنسانية، درجوا على توفير الأدوية ولكن ليس في شكل مستمر فيما الأمر يحتاج الى استمرارية وإلا تضمحل نتيجتها عند انقطاع المريض المزمن مدة أسبوع أو أكثر عن تناوله ما يعرض حياته للخطر”. وينادي عيد بوجوب وضع خطة طوارئ صحية بين قوى الأمن الداخلي ووزارتي العدل والصحة ونقابة المحامين والمنظمات الإنسانية في إطار المتابعة لأوضاع السجناء، مضيفاً أن عدة جمعيات راجعتنا في شأن حصول وفيات في السجن وجوابنا كان دائماً أن الدولة مفلسة وأننا نحتاج الى مستشفى ميداني ومستوصف داخل السجن لأن وجودهما كفيل بحل الازمة”، مشيراً الى تناقص عدد الأطباء المكلفين معاينة السجناء في رومية من سبعة أطباء الى طبيبين فحسب، في مقابل كثافة عدد السجناء. وحده مستشفى الحياة يستقبل نزلاء فيما يسدّد ذووهم الفواتير في مستشفيات أخرى بدل استشفاء.

ثمة شكوى من عدم إحضار موقوفين الى الجلسات. ويوضح في السياق أن شاحنات السوق هرمت وتتعرّض لأعطال، متحدثاً عن مساعدة جمعيات في رأب الصدع وكذلك عملت نقابة المحامين على إعادة تأهيل 60 شاحنة سوق عبر مساعدات وهبات تلقتها. ولكن ثمة آليات عتيقة لا تلبث أن تتعطل بعد إصلاحها فيما الحاجة الى استمرارية في هذا المجال في وقت تبذل فيه عناصر قوى الأمن الداخلي كل المستطاع في التعامل مع مشكلة الاكتظاظ وتأمين السوق في ظروف اقتصادية صعبة يعيشونها قضمت رواتبهم. ويثير عيد مسألة “البطء في بت الملفات أمام القضاء بسبب نقص في عدد القضاة. هناك 83 في المئة من الموقوفين غير محكومين ومطروحة ملفاتهم أمام 300 قاضٍ في المجال الجزائي”. كما شكا من تأخر في بت طلبات التخلية بالعشرات لموقوفين في قضايا جنائية وجنح ضمن نطاق عدليتي جبل لبنان في الغالب وبيروت في قضاء التحقيق والحاكم المنفرد الجزائي، معتبراً أن المخرج للحل في تطبيق المادة 108 في قانون أصول المحاكمات الجزائية التي تشترط التخلية بلا كفالة مالية بعد انقضاء مهلة التوقيف الاحتياطي المنصوص عليها قانوناً. وفي هذا الاطار كانت “النهار” ذكرت في مقال سابق نقلاً عن مرجع قضائي أن هذه المادة (108) تطبق في قضاء التحقيق بعد انتهاء استجواب الموقوفين عند توافر الشروط. وشدد أيضاً المرجع في القضاء الجزائي القاضي جوزف سماحة أنه “لا يجب التوسع في التوقيف الاحتياطي أو التوجس من عدم الاستناد الى نص المادة 107 في القانون المذكور (لجهة التخلية بلا كفالة مالية)، بعكس الجرائم الجنائية الخطرة من قتل وخطف ومخدرات التي أول ما توجبه إصدار مذكرة التوقيف بحق المشتبه فيه. ولكن هذا لا يغني عن استحداث سجون جديدة في نظره، ولا سيما أن هناك أكثر من ثلاثة ملايين غريب في لبنان، ونسبة حوالى 40 في المئة من الموقوفين والمحكومين في السجون غير لبنانيين، إضافة الى تزايد نسبة الجرائم”.

أخيراً يشير عيد الى أن “ثمة قضاة لا يصعدون الى مكاتبهم إلا مرة واحدة في الأسبوع بسبب الظروف الاقتصادية وعدم توفر القرطاسية والكهرباء”، مطالباً “قضاء التحقيق والنيابات العامة بمرافقتنا الى السجون للاطلاع على أوضاعها ميدانياً تطبيقاً للقانون الذي ينص على القيام بهذه الزيارة”.

كلوديت سركيس- النهار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى