أخبار محلية

أبرز ما تناولته الصحف الصادرة اليوم ٢٧ / ١٢ / ٢٠٢٣

 

كتبت النهار

 

لو عزلنا التقويم اللبناني الشامل للسنة الآفلة بعد أيام عن ربعها الأخير الذي شكل إعادة الربط القاتلة للبنان بتطورات المنطقة، ولو من بوابة القضية الفلسطينية، لثبت لنا بمعايير المقارنة بين ظروف لبنان في سنوات الأزمات أن السنة 2023 شكلت نموذجاً قياسياً للاستسلام الرسمي والسياسي والمجتمعي لأسوأ سلوكيات التكيّف مع الأزمات الى حدود الاهتراء. يكاد مسار لبنان في تبديل أحواله الداخلية ينعدم انعداماً تاماً أمام الاستعصاء السياسي الذي استسلم له الطاقم السياسي والحزبي ونواب “الأمة” بصرف النظر عن استحالة القفز فوق التمييز بين قوى تتحمّل التبعة الأصلية لتعطيل النظام واسترهانه والدفع بالبلد قدماً نحو أسوأ مصائره وقوى تقاوم هذا النهج التقويضي الانقلابي المستدام. لعلنا لا نذهب بعيداً في خلاصات عبثية أن تجسّد لنا مجمل المسار الداخلي للأزمات في السنة الراحلة عبر صورة لبنان المتخلف التي قفزت الى صدارة التطورات قبل أيام مع طوفان السيول والأمطار التي أنبأتنا تكراراً أننا أبناء بلد فقد بقايا دولته من زمان ولم يبق فيه أي معالم تطوّر. هكذا صار التعامل السياسي مع أزمة الفراغ الرئاسي ومتفرعاتها وتداعياتها بعدما كسرت قوى التعطيل المحاولة المتقدمة لقوى المعارضة لكسر النمطية الحديدية للتعطيل وتسخير الأزمة لفرض مرشحها بقوة ميزان انقلابي، إذ إن سقوط معادلة الاحتكام الى مبارزة مشروعة بين المرشحين سليمان فرنجية وجهاد أزعور بعد الجلسة الـ12 الشهيرة ستظهر بعده بأشهر طويلة معالم السقوط السياسي العام تحت معالم الاستسلام للأزمة وتركها تتعفن. لم تستسلم قوى المعارضة لقوى التعطيل ولا تمكنت قوى التعطيل من استكمال انقلابها للسيطرة المطلقة على السلطة من أعلى هرمها ورئاساتها الثلاث “وبالنزول”، ولكن حلّ تكيّف سياسي مع كل “مندرجات” الاهتراء والجمود والتأكل المتدرج الزاحف في كل الاتجاهات وسط تفاعل عميق للتداعيات الانقسامية سياسياً وطائفياً للأزمة، وتفاعل أعمق وأشد أذى لتداعياتها الاقتصادية والمالية والاجتماعية من جهة مقابلة.

لم يكن “انهيار” الوساطة الفرنسية وانعدام تأثير ما يسمّى “المجموعة الخماسية” قبل انفجار الربع الأخير من السنة بحرب غزة وتمدّدها الى جنوب لبنان تحت مسمّى المشاغلة للعدو ومساندة حركة حماس، سوى الذريعة التالية الملائمة التي تصيّدتها قوى التعطيل للمضيّ قدماً في فرض واقع منع الانتخابات الرئاسية حتى إشعار مفتوح يطوي سنة تلو الأخرى.

تخبّطت فرنسا ماكرون في تعقيدات الأزمة كما لم تتخبّط من قبل أي وساطة أو دولة أو طرف خارجي الى حدود تلاشي مهابتها وقدرتها على المضيّ نحو إحداث اختراق جدّي في جدار الاستعصاء. ومع ذلك بدا من العقم والتلاعب والتشاطر الفارغ أن يتلطى الأفرقاء اللبنانيون وراء هذا الإخفاق الفرنسي الهائل لتسويغ الاستسلام الشمولي للأزمة بين تعطيليين انقلابيين يحلمون بالسيطرة المطلقة على لبنان ومعارضين سياديين استهلكوا كل ما يملكون وعجزوا عن إحداث ميزان قوى يعيد إحياء الديموقراطية اللبنانية ودستورها. لولا أحداث الربع الأخير من السنة، لكانت السنة نموذجاً عن بهتان قاتل ساد لبنان وكأن سنة إضافية لم تمر به، ولكن سوء طالع لبنان واستحالة خلاصه من الارتباطات الخارجية الدائمة لدى قوى وطوائف وفئات فيه “أعاده” قسراً الى توهّج حدث من البوابة الأشد خطورة وهذه المرة من واقع اختلاط مخيف بين فراغ السلطة الحقيقية الدستورية في الداخل والتفلت المخيف للمنازلة الميدانية عند الحدود مع إسرائيل… وللبحث صلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى