أبرز الأخبار

“كشاتبين” عين التينة والسراي

 

بشارة شربل – “نداء الوطن”

كنت أودّ لو أتفرّغ لتهجمات جبران باسيل على قائد الجيش وثورة 17 تشرين، كونه يهجس بالانتقام من الناس الذين ظهّروا سيرته في الساحات، وبتدمير صورة أي مرشح رئاسي لا يستلهم وفاء عمّه لمن ولّاه بعبدا. لكنني انكفأت حين وجدت أن زعيم «التيار» تلقّى ردوداً لو نزلت على صخر تفتّت، وتعرّضَ لتقريع يمكن أن يوزِّع الفائض منه على الأتباع.

ثم قلتُ إن البرلمان يسرق الأضواء بعدما اختلطت فيه الأوراق وصار مجرّد حضور المعارضة لتأمين النصاب، أو تقديم وتأخير بند التمديد لجوزاف عون، بالتوازي مع جلسة حكومية مريبة، مثيراً للراغب في تسليط المجهر على توافِه الحرتقات، فيما البلاد تعاني الانهيار ومصير المواطنين مرهون بخطط محور إيران، وبحسابات نتنياهو وجنرالاته في اقتناص فرصة ضرب «حزب الله» ولبنان، أو في تغيير قواعد الاشتباك التي جرفها «طوفان حماس».

اللعبة التي يمارسها الرئيس بري نيابة عن «حزب الله» وبالتواطؤ مع رئيس حكومة تصريف الأعمال تحاول تقليد «الثلاث أوراق»، أو تستذكر بلا نجاح تلك الكرتونة المربّعة في ساحة البرج التي كان المتحذلق الجالس قرفصاء يزيغ الكرة تحت كشاتبينه الرابضة عليها لتستقرَّ في كمّه. الأرنب الذي كان الرئيس بري يخبئه للمخارج الذكية هرمَ وفقدَ الصلاحية. صار اللعب على المكشوف أقل رهافة في عين التينة وأكثر سماجة في السراي.

يقال إن الساعات المقبلة حبلى بالأحداث وبسياسات الأزقة التي لا تليق بنواب الأمة ولا بوزراء «صمدوا» في مقاعد الاستئثار بالسلطة وتسهيل أمور «المنظومة» التي أنزلت باللبنانيين والمؤسسات أبشع بلاء. يمكن أن نبتسم بسخرية وندّعي التسلية أمام الشاشات وننصت للمحللين يستقون الأخبار من عَسَس الزعماء، لكننا يجب ألا ننسى أن هؤلاء الذين سيأتوننا بترياق المشاريع وتأجيل التسريح أو التمديد هم الذين داسوا قلب الدستور تعطيلاً وتنكيلاً، ثم جاؤوا يتحدثون اليوم بوقاحة عن خشية من طعون مجلس الشورى أو المجلس الدستوري، وكأن سرقة المودعين وتخريب النظام المصرفي وتجريد المواطن من مقومات الحياة والتفريط بقرار السلم والحرب مسائل لا يشملها نص ولا عقاب ولا تؤخذ في الاعتبار.

معيبٌ أن تستفيق المنظومة على تفاصيل «الكتاب» والقوانين لتمانع في ضرورة التمديد لأرفع مسؤول أمني يتفق مانحو المؤسسة العسكرية، على الأقل، على أنه حافظ على الجيش في زمن الانفراط، واحتفظ بخميرة مقبولة يبنى عليها إذا دارت الدوائر على لبنان. ثم لماذا المراوغة وسَوق المبررات؟ قبل السياسة وفوق المماحكات، هناك شيء طائفي استئثاري وثأري عميق لدى من حاكوا المؤامرة ويمارسون حفلة «التنتيع» في الحكومة والبرلمان. سمعنا مثله بُعيد سيطرة دمشق وأعوانها على «الطائف» ومفاصل لبنان. نحن نتذكَّر، ونذكِّر لأن «الذكرى تنفع المؤمنين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى