أبرز الأخبار

هكذا ستنتهي “حرب الجنوب”.. 4 نقاطٍ تشرح ما ينتظرنا!

محمد الجنون / لبنان 24

تقارير عديدة تحدّثت عن طرح الأميركيّين والفرنسيّين إنشاء منطقة عازلة عند الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة. المسألةُ هذه موضوعة وبجدِّية على طاولة البحث، وإن حصلت ستعني تعديلاتٍ جذريَّة على القرار 1701 الذي أوقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل إبان حرب تمّوز عام 2006.

إذاً، مع هذه المنطقة ستتبدل المعادلات، والهدف منها هو إبعاد “حزب الله” عن الحدود كون الإسرائيليين يرون فيه تهديداً حقيقياً لهم وتحديداً أولئك الذين يقطنون في المستوطنات المُحاذية للبنان.. ولكن، السؤال الأكثر بروزاً هنا: لماذا الفرنسيون والأميركيون يتبنون هذا الطرح الآن؟ لماذا لم يقدموه طيلة السنوات الماضية علماً أن تهديد “حزب الله” لإسرائيل كان قائماً وبشدة في محطات كثيرة سابقاً؟

تتحدّثُ أوساطٌ معنية بالشؤون العسكريّة عن الضغوط الفرنسيَّة والأميركية لإنشاء المنطقة العازلة، مشيرةً إلى أنَّ الضغط في هذا الإتجاه لا يرتبطُ فقط بإضفاء حماية أمنية لإسرائيل فحسب، بل للإنطلاق نحو ضمان مشاريع أخرى عالقة ترتبطُ بموارد الغاز في البحر المتوسط.

المصادر عينها أشارت إلى أنَّ الفرنسيين والأميركيين يعون تماماً أنَّ إستمرار التوتر في المنطقة وتحديداً في غزة ولبنان، سيؤدي حُكماً إلى زيادة تضرر مشاريع الغاز قبالة إسرائيل بالدرجة الأولى، لذلك هناك حاجة ماسّة للإستفادة من أي “حلّ دبلوماسي” تبعاً لوجهة النظر الإسرائيلية، يساهم في ضمان تلك المشاريع التي تُعتبر عنصراً مهماً بالنسبة للفرنسيين والأميركيين لاسيما وسط حرب أوكرانيا ضدّ روسيا.

أمام هذه المشهدية، يبرزُ “حزب الله” الذي هدّد مراراً وتكراراً بإستهداف منصات الغاز الإسرائيلية في حال توسعت رقعة الحرب والمواجهة. ضُمنياً، فإنّ هذا التهديد كان بارزاً إلى حدٍّ كبير العام الماضي، وتحديداً خلال الفترة التي سبقت إتفاق ترسيم الحدود البحريّة بين لبنان وإسرائيل. ولكن، هل المنطقة العازلة ستمنع “حزب الله” من إستهداف منصات الغاز أو ستجعلهُ مرتدعاً تجاه الأهداف الإسرائيليّة الأخرى؟

بالنسبة للأوساط المعنية بالشؤون العسكرية، فإنَّ “حزب الله” سيبقى مُمسكاً بزمام المبادرة الهجومية ضدّ منصات الغاز في حال حصول أي حرب، كما أنه ليس في وارد القبول والرضوخ لمطلب المنطقة العازلة مهما كلّف الأمر. الأمرُ هذا في الحقيقة يدركه الفرنسيون والأميركيون والإسرائيليون على حدّ سواء، ويعون تماماً أن إمكانية تطبيق مخطط المنطقة العازلة لن ينجح في لبنان بسهولة، وقد يُكلف حرباً كبيرة يتجنبها الجميع.. فإذاً.. كيف يمكن تفسير حقيقة الضغط الفرنسي والأميركي بشأن المسألة المطروحة؟ ما هي الخلفية التي يمكن إستنتاجها؟

ضُمنياً، يمكن أن يكون طرح المنطقة العازلة هو “ورقة ضغط” كبرى تمثل ثاني الخيارات الصعبة بعد الحرب. وبما أنه ما من طرفٍ يريد الدمار والتوتر، جرى طرحُ خيار المنطقة العازلة المرفوضة من قبل “حزب الله” للوصولِ إلى خيارات أقلّ وطأة، يمكن أن تُرضي الأخير من جهة وتضمن لإسرائيل أمنها وتحافظ على مواردها النفطية والغازية من جهة أخرى، والأولوية في هذا الأمر فرنسية – أميركية. بعبارة أوضح، الأطراف المذكورة مجتمعة تعي تماماً أن الخيار المطروح (المنطقة العازلة) لن يتحقق كما أن الحرب الشاملة لن تحصُل، وبالتالي فإنَّ التمهيد لتسوية من نوعٍ مختلف هو الذي قد يُطرح على طاولة البحث.

إن دخلنا إلى عُمق الواقع، فإنّ “حزب الله” لن يتخلى عن سلاحه ولن يتراجع إلى شمال الليطاني، كما أن إسرائيل لن تتنازل عن أطماعها وعن أهدافها المرتبطة بلبنان. إلا أن التسوية التي قد تنشأ سترسمُ الملامح نفسها التي يحملها القرار 1701، ولكن مع التشديد أكثر على شروطه المرتبطة بمنع الأعمال العسكرية. هنا، فإنّ الالتزام بهذا القرار قد يُشكل رادعاً نوعاً ما لأي حرب، لكن في المقابل سيكون هناك شرطٌ مفتوح وهو إنه في حال بادر أي طرفٍ بالاعتداء على الآخر، عندها فإن سيناريو المواجهة سيفرض نفسهُ في الميدان على غرار ما يحصل الآن في الجنوب. أما مسألة “إقتحام الجليل” التي يتبناها الحزب، فستكون آخر ورقة يلجأ إليها “حزب الله” في حال قررت إسرائيل التمادي ضد لبنان عند أي مواجهة مستقبلية.

وعليه، يمكن الوصول إلى خلاصة مفادها أن توازن الردع بين إسرائيل ولبنان سيأخذ اتجاهات جديدة، ويمكن تبسيط المشهدية التي قد تفرض نفسها واقعاً على النحو التالي:

1- حزب الله وإسرائيل سيلتزمان بوقف العمليات العسكرية عند الحدود مثلما حصل عام 2006.

2- لا منطقة عازلة بشكلٍ فعلي، لكن التشديد سيكون في التزام الحزب داخل

لبنان على عدم وجود أي ظهور مسلح له، والإلتزام في هذا الإطار ينطبق على تنظيمات أخرى كانت لها عمليات في الجنوب ضدّ إسرائيل في الآونة الأخيرة.

3- في حال قام أي طرفٍ بعملية عسكرية ضد الآخر، عندها فإنّ سيناريو المواجهة سيكون مرتبطاً بما يشهده الجنوب الآن، أي ضمن سقف الحرب الحالية والمحدودة نوعاً ما.

4- في حال قررت إسرائيل توسيع جبهتها أو تصعيد معركتها خارج إطار “الحرب المحدودة”، عندها فإنّ ورقة “حزب الله” لإقتحام الجليل وقصف منصات الغاز ستكون حاضرة وبقوة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى