أبرز الأخباربأقلامهم

قصة اغتيال الرئيس رينيه معوض…خسره لبنان زعيماً وطنياً علمانياً معتدلاً / غابي أيوب

غابي ايوب

المرصد اونلاين

إنه يوم الأربعاء من صباح 22 تشرين الثاني 1989. لبنان الخارج للتوّ من حرب أهليّة بعد توقيع اتفاق الطائف، يحتفل بالذكرى السادسة والأربعين لعيد الاستقلال في ظلّ رئيس للجمهوريّة اسمه رينيه معوّض منتخب منذ 17 يوماً، وذلك بعد 409 أيام من الفراغ الذي استولد حكومتي سليم الحص وميشال عون،القصر الجمهوري محتل من الشعب، وميشال عون يقيم فيه مع عائلته… في 21 تشرين الثاني 1989، يوجه رينيه معوض كلمة الاستقلال الى اللبنانيين.. في اليوم التالي، كان اللبنانيون بانتظار حفل الاستقبال التقليدي في مقرّ السرايا الحكومية المؤقت (في الصنائع). فخامته يخرج من منزله. تضع السيّدة الأولى نائلة معوّض في جيبته حبة بونبون بعد أن يئست من إقناعه بعدم الذهاب. يصرّ معوّض على الاحتفال بالاستقلال مؤكداً “أنني أخاطر بحياتي للحفاظ على الروابط بين كلّ فئات لبنان”. أكثر من ثلاث ساعات قضاها معوّض وإلى جانبه الحسيني والحصّ في السرايا. يضعون يدهم في يد المهنئين. يخرج فخامته ليعود إلى منزله.

في تمام الساعة 2 إلا عشر دقائق، وعند تلك النزلة المعروفة بـ”حبس النسوان” (عائشة بكار)، كان بانتظار معوّض 250 كيلوغراماً من المتفجّرات. معوّض الذي كان ينظّم بالأمس موضوع توزيع الأكاليل على الأضرحة، صار اليوم رجلاً للاستقلال. وتحوّل معه العيد إلى ذكرى استشهاد رئيس الجمهوريّة.

“كان معوض شخصية مارونية مؤهلة منفتحة على كل المناطق، ومن دون اية عداوات. لم يشارك في الحرب ولم يتخذ اي موقف طائفي ولديه ثوابت راسخة بشأن الوفاق وفكرة الدولة”.

قصة الاغتيال
تذكر مصادر خاصة (لموقعنا الالكتروني) وقائع من يوم اغتيال الرئيس رينيه معوض مستغربة كيف تم طمس الامر وعدم وجود قرار ظني، او ملف قضائي في هذا الموضوع، وتؤكد انه يوم 5 تشرين الثاني من عام 1989 عند انتخاب الرئيس رينيه معوض رئيساً للجمهورية في مطار القليعات، أصبح العميد طنوس معوض المسؤول الأول عن حماية الرئيس من قبل الجيش اللبناني. وقام رئيس جهاز الامن والاستطلاع في القوات السورية يومذاك العميد غازي كنعان بتكليف الرائد في المخابرات السورية جامع جامع بتولي مسؤولية الاستطلاع وحماية رئيس الجمهورية اللبنانية رينيه معوض من قبل الدولة السورية، وأن يكون من الفريق الأمني التابع للرئيس، وأن يسكن في القصر الجمهوري. الا ان الرئيس رينيه معوض رفض فكرة سكن ضابط سوري داخل القصر الجمهوري، فأوعز الى العميد طنوس معوض باستضافته في فندق “البوريفاج”، وهذه الخطوة لم ترق للقيادة السورية..

 
ويشير المصدر الى ان اللافت ان الانفجار الذي استهدف موكب الرئيس معوض والموضوع قرب حائط ثانوية “رمل الظريف”، وقع في منطقة تابعة لمركز المخابرات السورية – مفرزة الحمراء، والنقيب السوري جهاد صفتلي كان من عديد هذا المركز.. كما ان الرائد جامع جامع كان في طليعة الموكب ومتقدماً 150 متراً عنه، وهو نفسه من كان يوجه الموكب عند وقوع الانفجار الذي استهدف موكب الرئيس معوض قرب ثانوية رمل الظريف، كان الرائد جامع جامع قد وصل الى محاذاة منزل الرئيس سليم الحص، فتابع سيره وكأن شيئاً لم يكن رغم ضخامة الانفجار الى أن وصل الى المقر الرئاسي، سُئل عن مصير الرئيس معوض فأجاب الرائد جامع جامع: “ما بعرف”..

بحسب المصدر.. النقيب صفتلي التابع للمخابرات السورية هو من نفذ عملية الاغتيال حيث وضع المتفجرة وفجّرها بأمر من غازي كنعان وبمساعدة رستم غزالة والرائد جامع جامع. بعد ذلك روّجت الاستخبارات السورية معلومات وبقصد التضليل تشير الى ان الضابط صفتلي قُتل في ضهر البيدر، الا انه وبعد اغتيال الرئيس رينيه معوض رُقي – أي صفتلي – الى رتبة رائد، ثم شوهد لاحقاً يتنقل ما بين المطار وعنجر

اختفت بقايا السيارة
الانفجار ادى الى شطر سيارة الرئيس رينيه معوض المصفحة الى شطرين، وهي من نوع “مرسيدس 500”. وهذه السيارة كان قد قدّمها الى الرئيس معوض رجل الاعمال (يومذاك) رفيق الحريري، وسُحبت السيارة على الفور الى ثكنة الحلو، ولم يُسمح لأحد الاقتراب منها وحتى الأجهزة الأمنية اللبنانية مُنعت من ذلك.

اغتيال رينيه معوّض | قناة 218

مصير المتهمين
العميد غازي كنعان: “قضى انتحاراً” كما تردّد في سوريا بتاريخ 12 تشرين الثاني 2005.

الرائد جامع جامع: رُقي الى رتبة مقدم بعد اغتيال الرئيس رينيه معوض وأصبح المسؤول عن مركز الحمراء لفرع المخابرات السورية. أُعلن عن مقتله في محافظة دير الزور شرق سوريا في 17 تشرين الاول 2013 وكان برتبة لواء.

اللواء رستم غزالة: أُعلن عن وفاته في 24 نيسان 2015 في ظروف غامضة بعد نقله الى المستشفى.

العقيد جهاد الصفتلي: يدور حول مصيره لغط كبير. ففيما تؤكد السلطات السورية أنه توفي في حادث سيارة منذ سنوات، أشارت أوساط لجنة التحقيق الدولية في قضية اغتيال الشهيد رفيق الحريري إلى أنها تملك مستندات تثبت أنه لا يزال حياً، وأنه “متوفٍ على الورق” فحسب، وأن عملية “تمويته الصورية مع ضباط آخرين” كانت بهدف قطع الخيوط المتعلقة باغتيال الرئيس معوض عام 1989 بالنظر إلى أنه، وفق المعطيات المتوافرة، هو من قام بتنفيذ جريمة الاغتيال.

استشهد الرئيس رينيه معوض، ومعه استشهدت جمهورية كان يرسمها في أمنياته واحلامه ونضالاته، خسره لبنان زعيماً وطنياً علمانياً معتدلاً منفتحاً على الجميع…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى