أبرز الأخبار

فرنجية و”التنازل الأليم”

على عكس مشاوير الصيد التي يمارس فيها رئيس تيار المردة هوايته المفضلة، يأتي مشواره السياسي نحو الاستحقاقات الكبرى التي يسعى من خلالها الى تثبيت زعامته الزغرتاوية. ففي الاولى تفيض جعبة الرجل بالغنائم من طيور وغزلان وغيرها من الفرائس التي تطالها بندقيته، اما في الثانية فالوضع مختلف والبندقية وحدها لا تكفيه وهي تحتاج الى ظروف سياسية لا مناخية تساعده على التصويب نحو “الكرسي الرئاسي” فيقتنصها في لحظة التقاطعات الاقليمية والدولية.

زراعة الشعر يمكن أن تكون أرخص مما تعتقد
إعلانات البحث
لا يختلف فرنجية عن أي زعيم ماروني يعتلي المنصة السياسية اللبنانية حيث تتراءى أمامه كرسي الرئاسة الاولى وتصبح هدفا مشروعا له طالما أنه يقدم فرضه على الطريقة اللبنانية من حيث الخدمات والقدرة على الانغماس أكثر داخل النظام الذي أرساه الطائف وقبله ميثاق الـ 1943، وشأنه شأن مَن مرّ من قبله وقال ذات يوم “طالما أن الآخر حصل عليها فلما لا تؤول إليَّ”. هذه المعادلة شرَّعت طموح فرنجية نحو بعبدا ووضعته في استحقاق 2023 الرئاسي في الصفوف الامامية وزكته على مرشحي محوره وعلى رأسهم رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.

استند فرنجية على الثنائي حزب الله – حركة أمل. فالرجل سلفهم في استحقاق الـ 2016 رضخ لتمنيات الحزب وانسحب لصالح الرئيس ميشال عون انطلاقا من وعد برئاسة الـ 2023، وهو وعد لا يُفرط به فرنجية خصوصا وان كان الحزب وراءه وتحديدا امينه العام السيد حسن نصرالله.

ترك الثنائي لفرنجية مساحة حرة للتعبير عن مواقفه السياسية وتحديدا في مقاربة عهد الرئيس ميشال عون، فلم توفر سهامه التيار ولا العهد القوي الى حد التشكيك بثروة لبنان النفطية يوم خرج قبل ثلاث سنوات غامزا من قناة التيار: “إن لبنان ليس بلدا نفطيا ولا أثر للغاز فيه.. لقد كذبوا عليكم وأنا أتحمل مسؤولية كلامي”. أثار تصريح فرنجية استغراب اللبنانيين واستند اليه من كان ضد الرئيس ميشال عون والوزير باسيل من احزاب مسيحية معارضة، فيما يعود اللبنانيون اليوم الى تصريح فرنجية بعد أن حطت منصة الحفر في مياههم الاقليمية، ليضعوه في خانة الاستهزاء بالمرشح الرئاسي الاقوى لدى محور الممانعة.

وعلى مشارف الانتخابات النيابية بادر فرنجية الى وقف الحملة على العهد كتوطئة لفتح صفحة السباق الرئاسي نحو بعبدا، فخفت اطلالاته الاعلامية ومرر أكثر من موقف ايجابي تجاه الاطراف كافة وتحديدا التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، وأوفد الى الحزبين نجله واجتمع مع “المراسيل”، ولكن من دون أي جدوى، فالابواب موصدة امامه ولا مهادنة على اسقاطه وجاءه النبأ المستعجل من معراب وميرنا الشالوحي.

استمر الرجل في حملته الرئاسية، فضَّل تحضير الطبخة من بعيد والتركيز على محاولات الثنائي علَّها تخرق جدار الكتل النيابية، فيما عمل على أكثر من خط لرفع الفيتو السعودي عنه، فجند رجال اعمال مقربين من الاليزيه، فاقحم ماكرون نفسه في الوحول اللبنانية ولم ينجح بثني ولي العهد السعودي ودفعه الى اسقاط الفيتو عن الزعيم الزغرتاوي، فأجهضت مبادرته. اليوم لا يُحسد فرنجية على موقفه، فالرجل الذي أعلن ترشيحه الرئيس نبيه بري ينتظر المخرج الملائم للانسحاب لاسيما وأن ورقة النعي الرئاسية جاءت من الفريق الذي تبناه وسوق له لدى الخماسية الدولية.

قد يخرج فرنجية عن صمته في اطلالة تلفزيونية أو مؤتمر صحافي ويقول ما في جعبته من كلام ومواقف ومحطات بعضها كان لصالحه وبعضها الآخر وهو الأكبر جاء ليُجهض مرة ثانية طموح الرجل ليعلن “التنازل الاليم”.

علاء الخوري

ليبانون فايلز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى