أخبار محلية

“الفاو” تقرع الجرس… لبنان قد يواجه مجاعةً!

النهار

لبنان في قلب العاصفة. هذا ما تؤكده التقارير الأممية، وآخرها التقرير الذي أصدرته منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة وبرنامج الأغذية العالمي، والذي يصنّف لبنان ضمن دول “البؤر الساخنة” المهددة ب#المجاعة.
المعلومة ليست جديدة على المسامع منذ بدء الحرب الأوكرانية، ولكن التلكؤ في معالجة المسألة يفاقم من حدّة الأزمات ويجعلها أقرب للحدوث.

وفي التفاصيل، أصدرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة وبرنامج الأغذية العالمي تحذيراً صارخاً من “وجود عدد من الأزمات الغذائية الوشيكة بفعل الصراعات والصدمات المناخية وتداعيات جائحة كوفيد-19 والعبء الثقيل للدين العام، والتي تتفاقم جميعها بسبب التأثيرات المتوالية للحرب في أوكرانيا، ما أحدث زيادة سريعة في أسعار الأغذية والوقود في العديد من بلدان العالم، وتأتي هذه الصدمات في سياقات تتميز أساساً بالتهميش الريفي وضعف النظم الزراعية والغذائية”.
ويدعو تقرير البؤر الساخنة للجوع – إنذارات مبكرة من منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي بشأن انعدام الأمن الغذائي الحاد، “إلى اتخاذ إجراءات سريعة على صعيد العمل الإنساني في 20 من “البؤر الساخنة للجوع” حيث من المتوقع أن يتفاقم الجوع الحاد من حزيران إلى أيلول 2022 – من أجل إنقاذ الأرواح وسبل العيش والوقاية من المجاعة”.

كما يشير التقرير إلى أنّ “الحرب في أوكرانيا أدّت إلى تفاقم أسعار الأغذية والطاقة من حول العالم التي كانت تشهد بالفعل ارتفاعاً ثابتاً، وهو ما يؤثّر بالفعل على الاستقرار الاقتصادي في مختلف الأقاليم. ومن المتوقع أن تكون التأثيرات حادة للغاية، إذ يترافق عدم الاستقرار الاقتصادي والارتفاع الحاد في الأسعار مع انخفاض إنتاج الأغذية بسبب الصدمات المناخية على غرار حالات الجفاف أو الفيضانات المتكررة”.

من جهته، قال المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة، شو دونيو، إن “قلقاً عميقاً يساورنا إزاء التأثيرات المتضافرة للأزمات المتداخلة التي تقوّض قدرة الأشخاص على إنتاج الأغذية والحصول عليها، ما يدفع بملايين الأشخاص الإضافيين إلى مستويات قصوى من انعدام الأمن الغذائي الحاد. فنحن في سباق مع الوقت لمساعدة المزارعين في البلدان الأشدّ تضرراً، بما في ذلك من خلال العمل سريعاً على زيادة الإنتاج الغذائي الممكن وحفز قدرتهم على الصمود في وجه التحديات”.
وحذّر مدير برنامج الأغذية العالمي ديفيد بيزلي من أن العالم “يواجه عاصفة مثالية لن تلحق أضرارها بأشد الفقراء فقرًا فحسب، بل ستجتاح أيضاً ملايين الأسر التي بقيت بمنأى عنها حتى الآن”.

ولفت إلى أنّ “الأوضاع الراهنة أسوأ بكثير مما كانت عليه خلال الربيع العربي في عام 2011، وخلال أزمة أسعار الأغذية في 2007-2008، عندما هزّت الاضطرابات السياسية وأعمال الشغب والاحتجاجات 48 من البلدان. وقد شهدنا ما يحصل في إندونيسيا وباكستان وبيرو وسري لانكا، والتي ما هي إلا غيض من فيض. والحلول متاحة لنا. لكن يجدر بنا العمل وبسرعة”.
النتائج الرئيسية
يُظهر التقرير أنه – إلى جانب الصراعات – لا تزال الصدمات المناخية المتكرّرة تتسبب بالجوع الحاد وتنذر بدخولنا إلى “واقع جديد” تقضي فيه حالات الجفاف والفيضانات والأعاصير والعواصف بشكل متكرر على الزراعة وعلى تربية الماشية وتدفع بالسكان إلى النزوح وبالملايين إلى شفير الهاوية في بلدان مختلفة حول العالم.

ويحذّر التقرير من أنّ الاتجاهات المناخية المقلقة المرتبطة بظاهرة “لا نينيا” منذ أواخر سنة 2020 من المتوقع أن تتواصل خلال سنة 2022، ما سيؤدّي إلى زيادة الاحتياجات على صعيد المساعدة الإنسانية وإلى ارتفاع معدلات الجوع الحاد.

وتؤدي موجة غير مسبوقة من الجفاف في أفريقيا الشرقية وتطال الصومال وإثيوبيا وكينيا إلى رابع موسم أمطار دون المتوسط على التوالي، في حين سيشهد جنوب السودان للسنة الرابعة على التوالي فيضانات واسعة النطاق، ما سيؤدي على الأرجح إلى ترك الأشخاص منازلهم وسيعيث فساداً بإنتاج المحاصيل والإنتاج الحيواني. ويتوقع التقرير أيضاً أن تتخطى معدلات هطول الأمطار المتوسط مع خطر حدوث فيضانات محلية في منطقة الساحل، في مقابل اشتداد موسم الأعاصير في منطقة البحر الكاريبي وانخفاض هطول الأمطار إلى ما دون المتوسط في أفغانستان، التي تتخبّط بالفعل في مواسم جفاف متوالية وحالة من العنف والاضطرابات السياسية.

ويشدّد التقرير أيضاً على الطابع الملحّ لظروف الاقتصاد الكلي السيئة جداً في بلدان عدّة، والتي نشأت عن تداعيات جائحة كوفيد-19 وتفاقمت بفعل الاضطرابات الأخيرة في الأسواق العالمية للأغذية والطاقة.
وتتسبب هذه الظروف بخسائر فادحة في مداخيل أفقر المجتمعات، وتستنزف قدرة الحكومات الوطنية على تمويل شبكات الأمان الاجتماعي، والتدابير الرامية إلى دعم المداخيل، واستيراد السلع الأساسية.

وفي السياق، ذكر التقرير أن ما زالت كل من إثيوبيا، ونيجيريا، وجنوب السودان، واليمن في “حالة تأهّب قصوى “باعتبارها بؤرًا ساخنة” تعاني من ظروف كارثية، فيما تدرج كل من أفغانستان والصومال كبلدين جديدين في هذه الفئة المقلقة، منذ صدور التقرير الأخير عن البؤر الساخنة في كانون الثاني 2022. وتعاني مجموعات سكان هذه البلدان الست كافة من مستويات “الكارثة” ضمن المرحلة 5 من التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي أو يواجهون خطر التدهور نحو ظروف كارثية، حيث يصل فيها عدد الأشخاص الذين يعانون من المجاعة ويواجهون خطر الموت إلى 750 ألف شخص. ويعيش 400 ألف شخص من بين هؤلاء في منطقة تيغراي في إثيوبيا، وهو أعلى رقم يسجّل في بلد واحد منذ المجاعة التي شهدها الصومال في عام 2011.

وإلى ذلك، ما زالت جمهورية الكونغو الديمقراطية وهايتي ومنطقة الساحل والسودان والجمهورية العربية السورية “مصدر قلق بالغ” في ظل الأوضاع الحرجة المتدهورة، كما في الإصدار السابق من هذا التقرير- مع انضمام كينيا إلى قائمة هذه البلدان في التقرير الجديد. وأضيفت كل من سري لانكا، والبلدان الساحلية في غرب أفريقيا (بنن، وكابو فيردي، وغينيا)، وأوكرانيا، وزمبابوي إلى قائمة البلدان التي تشكل بؤرًا ساخنة، إلى جانب أنغولا، ولبنان، ومدغشقر، وموزامبيق التي ما زالت بؤرًا ساخنة للجوع بحسب ما جاء في التقرير.

النهوض بالإجراءات الاستباقية لمنع الكوارث
ويقدّم التقرير توصيات ملموسة خاصة ببلدان محددة بشأن أولويات الاستجابة الإنسانية الفورية لإنقاذ الأرواح، ومنع حدوث مجاعة، وحماية سبل العيش، فضلاً عن الإجراءات الاستباقية. وقد سلّط الالتزام الأخير لمجموعة السبعة الضوء على أهمية تعزيز الإجراءات الاستباقية في مجال المساعدات الإنسانية والإنمائية، لضمان ألا تتحوّل المخاطر التي يمكن التنبؤ بها إلى كوارث إنسانية مستشرية.
وقد أقامت منظمة الأغذية والزراعة شراكة مع برنامج الأغذية العالمي لتوسيع نطاق ومدى الإجراءات الاستباقية الممكن اتخاذها لحماية الأرواح في المجتمعات المحلية وأمنها الغذائي وسبل عيشها قبل أن تحتاج إلى المساعدة المنقذة للأرواح وذلك خلال الفترة السانحة البالغة الأهمية بين الإنذار المبكر ووقوع الصدمة. ويمكّن التمويل المرن للعمليات الإنسانية منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي من استباق الاحتياجات الإنسانية وإنقاذ الأرواح. وتبيّن الأدلة أنه يمكن مقابل كل دولار أميركي واحد يُستثمر في العمل الاستباقي لحماية الأرواح وسبل العيش، ادّخار ما يصل إلى 7 دولارات أميركية عن طريق تجنّب الخسائر في المجتمعات المتضررة من الكوارث.

وتنطوي “البؤر الساخنة للجوع” التي يتم تحديدها استناداً إلى تحليل استشرافي، على احتمال تفاقم انعدام الأمن الغذائي الشديد خلال الفترة التي تشملها التوقعات. ويتم اختيار البؤر الساخنة استناداً إلى عملية مبنيّة على توافق الآراء تشارك فيها فرق العمل الميدانية والفنية في برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة، إلى جانب محللين متخصصين في الصراعات والمخاطر الاقتصادية والمخاطر الطبيعية.

ويقدّم التقرير توصيات خاصة ببلدان محددة بشأن أولويات العمل الاستباقي – كالتدخلات الوقائية القصيرة الأجل التي يتعين تنفيذها قبل أن تتبلور الاحتياجات الإنسانية المستجدّة؛ والاستجابة لحالات الطوارئ – والإجراءات الرامية إلى تلبية الاحتياجات الإنسانية القائمة. ويشكّل هذا التقرير جزءًا من سلسلة المنتجات التحليلية التي يجري إعدادها في إطار الشبكة العالمية لمكافحة الأزمات الغذائية، من أجل تعزيز وتنسيق عملية إنتاج المعلومات والتحليلات القائمة على الأدلة وتشاركها لمنع حدوث الأزمات الغذائية والتصدي لها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى