أبرز الأخبار

“الفلاش مموري”العائدة لرياض سلامة… من تُخيف؟

مَن منّا لم يتذكّر عندما سمع بخبرية “الفلاش مموري” العائدة للحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة الحبكات البوليسية التي غالبًا ما يلجأ إليها كاتبو سيناريوهات المسلسلات الدرامية، فيضعوا أيًّا من شخصيات القصة في دائرة الخطر والتهديد والتصفية الجسدية، بعد تورّطه في عمليات تزوير أو احتيال أو الاشتباه بأن لديه علاقات مع منافسين لمشغّليه، فتكون ردّة فعله بإيداع ما لديه من معلومات سرّية عن تورّط كثيرين ممن واكبوه بالمهام المشبوهة، التي كانوا يكلفونه للقيام بها، لدى جهات يثق بها، وذلك تحت وقع التهديد المضاد في كشف المستور في حال تعرّضه لأي خطر. وهكذا يظّن بأنه يحمي نفسه من أي خطر داهم أو أي تهديد محتمل.
هكذا فعل رياض سلامة لحماية نفسه من أي انتقام، خصوصًا أن ما ورد في التقرير الجنائي عن صفقات ورشوات قام بها قد تكون نقطة في بحر ما في هذه “الفلاش مموري” من تسجيلات ووثائق وأسماء، الذين كانوا يغطّون ما كان يقوم به مما يُسمى بـ “هندسات مالية” كانت مكلفة كثيرًا، وأدّت في نهاية المطاف إلى هذا الانهيار التراجيدي للقيمة الشرائية ليرة اللبنانية، التي كان يُقال لنا عنها بأن وضعها ممتاز، وأن لا خوف على انهيارها، وأن كل كلام عن احتمال تراجعها في السوق التنافسية ليس سوى شائعات، حتى اكتشف اللبنانيون بين ليلة وضحاها أن ليرتهم، التي كان يُقال إنها “متل الدهب”، بدأت تفقد قيمتها الفعلية شيئًا فشيئًا حتى أصبح سعر صرفها في الأسواق اللبنانية أقلّ قيمة من سعر ربطة الفجل. 

هل كنت تعلم التفكير الإيجابي يجذب الحظ؟

فلو أن ما يروَّج له عمّا يحتويه هذا “الفلاش” من معلومات خطيرة ووثائق خطّية وتسجيلات تطاول جميع الذين غطّوا كل هذه الهندسات المالية، فإن ما يبادر إلى أذهان من لا يزال رأسهم على أكتافهم سؤال يبقى برسم القضاء اللبناني في الدرجة الأولى، على رغم ما قيل من إن بين الذين استفادوا من “مغارة سلامة” قضاة كبارًا، أن يثبت أنه لا يزال يشكّل خشبة خلاص لكثيرين من اللبنانيين تمامًا كما هو الجيش، الذي لا يزال صمام أمان السلم الأهلي.
ولكي يستطيع القضاء اللبناني أن يثبت أنه لا يزال صوت الضمير ما عليه سوى أن يضع يده على هذا الملف الخطير، وأن يعمل بعيدًا عن السياسات المحورية، التي ميّعت الحقيقة في ملف انفجار المرفأ.
فالمودعون اللبنانيون، الكبير منهم والصغير، المقيم والمغترب، يعّلقون الآمال العريضة على القضاء لكي يكشف المستور، والعمل على ألاّ تضيع مدّخراتهم هباء كما ضاعت حقيقة جريمة العصر.
وعلى رغم أن ما أقدم عليه سلامة يمكن وصفه بالقرار الذكي جداً الذي قد يحميه من التصفية الجسدية، خصوصًا أنَّ المعطيات تشير إلى أنَّ المعلومات الواردة في “الفلاش” ستُنشر “أونلاين” في حال تعرّضه لأي مكروه، فإن المطلوب أن تُكشف كل تلك المعلومات عن طريق القضاء اللبناني لتبرئة نفسه أولًا، ولوضع النقاط على الحروف ثانيًا، مع ما يستلزم ذلك من شفافية مطلقة وصدقية لا تشوبها شائبة، بحيث يمكن الركون إلى ما يمكن أن يصدر عن هذا القضاء، الذي يجب أن يكون كامرأة قيصر، من قرارات قد تكون مقدمة لعودة الأمل باسترجاع ما قد نُهب من اللبنانيين على حين غفلة، وبعيدًا عن أي مراقبة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى