منوّعات

نفاد تذاكر حفل عمرو دياب في بيروت…فضيحة الازمة اللبنانية

تعكّر مزاج الكثيرين نتيجة نفاد تذاكر حفلة عمرو دياب في بيروت، بعد دقائق معدودة من فتح باب بيعها. تسبب “طيران” التذاكر المفاجئ بحالة من الضياع، قبل أن يشرع عشاق دياب بحثاً عن تذكرة على الأقل، للقاء “الهضبة” في أسواق بيروت يوم 19 آب/أغسطس المقبل.

“عمرو دياب في بيروت ولن نتمكن من حضور حفلته”.. يا للرعب. انقسم جمهور مواقع التواصل الاجتماعي، وراح كلٍّ منهم يغرّد “من وادٍ”. قررت فئة البحث عن التذاكر مع محاولة تحليل أسباب نفادها بوقت قياسي، مع اتهام جهات مجهولة بشرائها لبيعها لاحقاً في السوق السوداء. أما البعض الآخر، فقد نصبوا أنفسهم كمدافعين عن “حق الفرح في لبنان”، بينما راح قسم منهم الى التذمر، باعتبار أن ما يتضمنه لبنان من مآسٍ أكبر من القلق لمجرد حفل لا تتعدى مدته الساعتين. 

انقسام حول الحفل

اختصرت التعليقات “الانهيار” الذي سبّبه الحفل، بعبارة “يا ريت اللبنانيين بيهتموا بشؤون بلدهم قد ما مهتمين بعمرو دياب”. بعيداً عن الانحياز لأي طرف، قد يكون هذا التوصيف الأدق، ذلك أن قلقاً مشابهاً لم نشهده منذ فترة طويلة رغم الفراغ الرئاسي وغياب الأمن والحد الأدنى من مقومات العيش.

في مواقع التواصل، تبدو جميع الآراء محقّة، ولو جزئياً، ولكلٍّ منها الحجج المقنعة. الفئة التي بمعظمها من “فانز” دياب في لبنان، محقّة باعتبار أن لكل شخص الحق في لقاء نجمه المفضل، خصوصاً إذا كان الحفل في بلده ولا يتطلب السفر لحضور حفل في الخارج. يأتي هذا بعد غياب دياب عن العاصمة بيروت لأكثر من 12 عاماً، حسب ما أعلن عبر حسابه على “انستغرام”.

 

يُضاف إلى ذلك ما وصفه البعض بـ”تجربة العمر” باعتبار أن دياب لن يحيي حفلات متتالية في بيروت، وغيابه قد يطول مجدداً. كما أن بعض اللبنانيين متعطشون للحفلات في مختلف المناطق اللبنانية، والتي غابت عنها منذ ظهور وباء كورونا وانفجار مرفأ بيروت وتسارع وتيرة الانهيار الاقتصادي.

تعيدنا مشهدية من نصّبوا أنفسهم كـ”مدافعين عن فرح بيروت” إلى موجة اقتحام أماكن بيروت “الفاخرة” خلال فترة انتفاضة 2019. حينها، انقسمت الآراء بين من يؤمن بمبدأ “قلق الطبقة الغنية”، وآخر اعتبر أن من حق الناس التمتع بأموالها بغض النظر عما تشهده الشوارع من تحركات. تؤمن هذه الفئة بأنه من حق اللبنانيين عيش القليل من الفرح بعد حرمانهم إياها لسنوات، وهو مبدأ سارٍ على كافة الشعوب التي عاشت حروباً وأزمات اقتصادية مماثلة.

 

750 ألف دولار

حسب المعلومات التي تسرّبت، سيتقاضى عمرو دياب 750 ألف دولار مقابل إحياء حفلة أسواق بيروت. الرقم كفيل بخلق بلبلة في بلد يعيش قمة الازدهار، وبالتالي فإن ما تشهده مواقع التواصل من امتعاض طبيعي، مع دخول البلاد عامها الرابع من الأزمة وسط غياب بوادر الحلحلة.

هؤلاء الممتعضون، الذين أزعجوا بتعليقاتهم بعض “السعداء” بالحفل، بينهم من يعدّ أيامه التي أمضاها بحثاً عن فرصة عمل دون جدوى. لم يسلم الممتعضون من الحفل، وهم يقارنون أسعار هذه التذاكر مع أحوالهم المعيشية، من اللوم والبهدلة بوصفهم “قاتلي فرح يريدون تحويل لبنان إلى مقبرة جماعية”.

يأتي حفل دياب ليؤكد الهوّة الكبيرة التي خلفّتها الأزمة اللبنانية بين الأغنياء والفقراء.. والأشد فقراً. ويصادف الإعلان عن الحفل بعد شهر على دراسة موقع Statista (راجع المدن)، التي صنّفت لبنان الأكثر استهلاكاً للسيجار في العالم رغم اعتباره من كماليات الكماليات. هذا عدا عن المراكز السياحية الـFull والتي تحتاج زيارتها حجزاً مسبقاً يصل لأسابيع.

مع اقتراب حفل دياب، ستعلو الأصوات التي تشكّك بوجود أزمة في لبنان، وهي من أكثر التعليقات التي شهدتها مواقع التواصل في اليومين الماضيين. فهؤلاء يؤمنون أنّ البلد الذي تنفد فيه تذاكر حفل تتراوح قيمتها بين 60 و160 دولاراً، ونواديه الليلية وفنادقه ومطاعمه مملوءة.. لا أزمة فيه. تحليل هؤلاء يفتقد الى الحد الأدنى من منطق العلوم الاقتصادية ويحفل بالكثير من الجهل.. أو الأنانية والتهميش.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى