أبرز الأخبار

مما يخاف الحزب؟

مصادر قريبة من الضاحية الجنوبية كشفت أن نصر الله بات في جو مواجهة حتمية أو وشيكة بين ايران واسرائيل التي باتت في ما يبدو متأكدة من أن ايران اقتربت كثيراً من انتاج قنبلة نووية، ومتأكدة أيضاً من أن المفاوضات الأميركية والدولية مع طهران ليست الا وقتاً ضائعاً لا بل جهد بائد.

وأضافت أن مناورات عرمتى، وقبلها الصواريخ المتطورة التي ظهرت في غزة أخيراً، ليست الا أنموذجاً لما يمكن أن تواجهه اسرائيل اذا أقدمت على أي مغامرة ضد ايران، مشيرة الى أن “قوى الممانعة” نجحت في توحيد الجبهات المحاذية للدولة العبرية، ضاربة عرض الحائط بما يقرره العرب في قممهم أو ما يقرره المسلمون في مؤتمراتهم.

والواقع أن ما فعله “حزب الله” في عرمتى، حرّك المخاوف الأميركية والترسانة الاسرائيلية من جهة، وكرّس من جهة ثانية الحقيقة التي تقول إن لبنان تحول فعلاً الى مقاطعة إيرانية، وان الجيش اللبناني لن يكون يوماً قادراً على الحلول محل “المقاومة الاسلامية” مهما تلقى من سلاح وتدريبات، ليس من منطلق ضعف بل من غياب القرار السياسي من جهة والاجماع الوطني من جهة ثانية.

وليس سراً أن “حزب الله” في عرمتى نجح في تهميش الجيش وإبعاده من أي خيارات أو قرارات مستقلة تماماً كما حدث في معركة نهر البارد، وفي تحذير من يعنيهم الأمر من مغبة اختيار رئيس لا يجيد التوقيع بلا تردد، وفي دفع الأميركيين الى التفكير في وقف المساعدات العسكرية عن المؤسسة الشرعية، تماماً كما فعلت السعودية عندما سحبت هبة من ثلاثة مليارات دولار لتسليح الجيش رداً على حملة شعواء شنها نصر الله على الرياض من دون أي موقف اعتراضي من الدولة اللبنانية.

ويذهب مصدر قريب من هذا المزاج بعيداً الى حد القول ان “حزب الله” يحاول الهرب نحو تشنج مع اسرائيل لتلافي أي تسوية سعودية – سورية قد تقضي بانسحابه من سوريا، تماماً كما أصابه في اليمن على المستوى العسكري وكما أصابه على المستوى السياسي بحيث يجهد عبثاً لايصال مرشحه الى قصر بعبدا.

وأضاف أن “حزب الله” الذي فقد الغالبية النيابية في البرلمان الحالي، وبات شأنه شأن أي تيار سياسي آخر، في حاجة اما الى تنازلات لا يقوى على ابتلاعها، واما الى فراغ لا يقوى على تحمله، واما الى كلمة سر خارجية قد لا يقوى أيضاً على رفضها.

كلمة السر هذه، لم تأتِ له حتى الآن بمرشحه الوحيد سليمان فرنجية ولم تحفظ له التحالف مع “التيار الوطني الحر” صامداً وثابتاً، ولم تمنحه أي دعم عربي اثر الحياد السعودي، ولا أي دعم دولي في ظل البلبلة التي أصابت فريق الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، ما يعني أن عهد الأعذار والتبريرات والسلاح والصواريخ قد وصل الى مرحلة حاسمة تقتضي الانسحاب من حال التسويات الى حال الصدامات مع تل أبيب، بعدما ألقت حربه من أجل سوريا سلاحها، ودخلت حربه من أجل اليمن محطتها الأخيرة، ومالت حربه من أجل العراق نحو المحاصصات والتسويات.

والسؤال هنا، اذا كان “خط الممانعة” يميل فعلاً الى خوض حرب مع اسرائيل، فهذا يعني أن المصالحات التي أجراها ليست الا محاولة لشراء الوقت، ايران تضحك على الجميع، وأن الأسد يمارس “كذبة” تشبه تلك المناورات والمواربات التي مارسها النظام الحاكم في دمشق منذ سبعينيات القرن الماضي؟

وما يعزز الاحتمال الأخير اصرار الثنائي الشيعي على ايصال فرنجية الى الرئاسة الأولى معتبراً ذلك مسألة حياة أو موت، ومردداً جهاراً وتكراراً أن سقوطه ممنوع وانسحابه ممنوع وترشيح من يمكن أن يسقطه ممنوع أيضاً.

انه الخط الذي يخوض أشرس معاركه في الداخل والخارج، محاولاً ايهام الناس والعالم بأنه آخر “المحاربين” العرب أو آخر “المجاهدين” المسلمين. فهل يتعامل معه العرب على أنه “بندقيتهم الوحيدة” ويتعامل معه المسلمون على أنه “منقذهم الوحيد”، أم تثمر المصالحات الأخيرة مصالح مشتركة تبرد رؤوساً حامية في مكان وتلغيها في مكان آخر، وتعيد رسم خريطة اقليمية جديدة لا وجود فيها للمغرّدين خارج الأسراب العربية والاسلامية؟

انطوني جعجع / لبنان الكبير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى