أبرز الأخبار

الانتخابات البلدية شبه المستحيلة: “القوات” وحزب الله جاهزان..

رغم أن دعوة الهيئات الناخبة للانتخابات البلدية، التي أطلق مسارها وزير الداخلية بسام المولوي يوم أمس الإثنين، بمثابة إعلان نية فقط، ولرفع المسؤولية القانونية عن وزارة الداخلية بتعطيل الاستحقاق، إلا أن فرضية أن الانتخابات ستحصل تبقى قائمة. وذلك بخلاف كل الوقائع التي تثبت عدم جهوزية وزارة الداخلية والأحزاب والمجتمع المدني ومجموعات التغيير، وكل المواطنين استطراداً، بالذهاب إلى الانتخابات، في ظل الظروف الراهنة وضيق الوقت، مع استثناء حزبي القوات اللبنانية وحزب الله.
فالقوات اللبنانية بدأت بتفعيل ماكينتها الانتخابية منذ مدة في معاقلها، وحزب الله، يستطيع الاستعداد لها في مهلة الشهرين المتبقيين لموعد إجراء الانتخابات في معاقله، أي الجنوب والبقاع. بمعنى آخر، هاتان القوّتان الحزبيتان، بسبب التنظيم والتمويل، الأكثر استعداداً لخوض الاستحقاق، بخلاف باقي المكونات اللبنانية، التي تختلف قدراتها المالية واللوجستية، من الاستعداد الجزئي وصولاً إلى عدم الجهوزية. وهي حال تيار المستقبل، الذي ستنطلق الانتخابات، في حال جرت، في معاقله أولاً، أي الشمال، وذلك بخلاف الدورات الانتخابية السابقة.

الشمال أولاً!
في السابق جرت العادة أن تكون الانتخابات البلدية في محافظتي الشمال في المرحلة الرابعة، أي بآخر يوم أحد من مواعيد الانتخابات، التي تحصل على أربع مراحل. ففي انتخابات العام 2016 جرت الانتخابات في بيروت والبقاع في المرحلة الأولى وفي جبل لبنان في المرحلة الثانية والجنوب في المرحلة الثالثة والشمال في المرحلة الرابعة، وفي انتخابات العام 2010 كانت محافظتي الشمال في المرحلة الرابعة. وهنا تستغرب المصادر أن يتخذ المولوي قراره بقلب تلك المراحل وإطلاق الانتخابات في محافظتي الشمال أولاً، وجعل الجنوب أخيراً. فقد تقررت دعوة الهيئات الناخبة في الشمال في 7 أيار المقبل (مهلة الترشح تبدأ في 4 نيسان وتنهي في 26 منه)، وفي جبل لبنان في 14 أيار (مهلة الترشح تبدأ في 12 نيسان وتنتهي 3 أيار)، وفي بيروت والبقاع في 21 أيار (مهلة الترشح في البقاع وبيروت تبدأ في 19 نيسان وتنتهي في 10 أيار)، وفي الجنوب في 28 أيار (مهلة الترشح تبدأ في 17 نيسان وتنتهي في 22 أيار).

وتضيف المصادر بأن عدم بدء الانتخابات ببيروت والبقاع ربما مجرد صدفة أو لإرضاء طرفين: “القوات” الراغبة بالانتخابات، وحزب الله الذي يريد بعض الوقت للاستعداد لها. وبجعل المولوي انتخابات البقاع والجنوب في آخر مرحلتين، يكون قد أرضى حزب الله من خلال منحه فرصة للاستعداد الجيد للانتخابات (نحو شهرين). ومن ناحية ثانية أعطى المولوي المزيد من الوقت لبحث مصير بلدية بيروت، في ظل الخلاف الحزبي والطائفي عليها لتقسيمها إلى بلديتين. وفي أسوأ الأحوال يمكن إجراء الانتخابات في البقاع وتأجيل بيروت في موعد لاحق، في حال حصلت ممانعة وعدم قبول القوى المسيحية على إبقاء العاصمة بمجلس بلدي واحد. أما قرار البدء بمحافظتي الشمال فمرده إلى عدم وجود قوى سنّية تعترض على هذا الإجراء، في ظل غياب تيار المستقبل، المعترض على أداء المولوي وإصراره على إجراء الانتخابات البلدية، في ظل الظروف الحالية، خصوصاً أن شهر نسيان الحالي كله فرص رسمية ستكون على حساب هاتين المحافظتين في كيفية الاستعداد للانتخابات.

معوقات لوجستية
على المستوى اللوجستي لم تستعد وزارة الداخلية لإجراء الانتخابات. فإعداد قوائم الناخبين لا يعني أن الوزارة تستطيع إجراء الانتخابات. بل هذا الإجراء الروتيني في تنقيح القوائم لشطب المتوفين وإضافة من بلغ سن الـ21 عاماً، يحصل كل سنة، سواء كان هناك انتخابات أما لا، تقول المصادر. وتضيف أن وزارة داخلية ستعجز عن تأمين أبسط الأمور مثل أوراق محاضر أقلام الاقتراع، التي تحتاج إلى وقت وأموال لتأمينها.
ووفق المصادر يوجد في لبنان نحو ألف ومئة بلدية، وعدد المقاعد فيها نحو 12700 مقعد، والمجالس الاختيارية نحو 2500 مقعد. وعدد المرشحين لا يقل عادة عن أربعين ألف مرشح. وهؤلاء بحاجة إلى تأمين وزارة الداخلية 40 ألف إخراج قيد و40 ألف سجل عدلي وما يلزمها من عشرات آلاف الطوابع المالية غير المتوفرة من وزارة المالية. وهذا الأمر معطوف على أن شهر نيسان كله عطل رسمية، وهذا بمعزل عن عدم حضور الموظفين إلى أماكن عملهم. فكيف تنجز وثائق القيد في دوائر النفوس ليصار بعدها إلى طلب سجل عدلي وبعدها دفع رسوم الترشيح، في وقت أن أبسط معاملة في دوائر النفوس تحتاج إلى شهر أقله؟ تسأل المصادر.

الموظفون والقضاة
في شهر نيسان الحالي أيام العمل الرسمية هي سبعة أيام، وفي ظل عدم استعداد المحافظين لوجستياً، كيف يتقدم المرشحون بوثائقهم، في حال تمكنوا من تأمنيها، في مراكز المحافظات؟ فهل أمنت وزارة الداخلية أقلام وحبر وأوراق وطابعات وكهرباء في المحافظات؟ تسأل المصادر، وتجيب بالنفي.
وتضيف المصادر، أن المسألة الأكثر تعقيداً من اللوجستيات تتعلق بتأمين نحو 12 ألف موظف لهيئات القلم. سترسل وزارة الداخلية إشعارات للموظفين الذين شاركوا في الانتخابات النيابية، لأن ضيق الوقت والإضرابات يمنعها من مخاطبة الإدارات المعنية لتعيد إرسال جداول الموظفين. لكن لا ضمانات تؤكد مشاركة هؤلاء في الانتخابات البلدية، لقاء حصولهم على نحو 8 ملايين ليرة، في وقت باتت صفيحة البنزين بأكثر من مليوني ليرة. والطامة الكبرى ستكون في لجان القيد الابتدائية والعليا. فالانتخابات تحتاج إلى 159 لجنة قيد ابتدائية وثلاثين لجنة قيد عليا مؤلفة من 800 قاضٍ، وغالبية هؤلاء غير متوفرين. ففي الانتخابات النيابية، عندما كان الدولار بنحو 27 ألف ليرة، حصلت إشكاليات عدة في الفرز بسبب تغيب القضاة، ما يعزز عدم مشاركة هؤلاء، في وقت بات الدولار بأكثر من مئة ألف ليرة. وهذا بمعزل عن أن عدداً كبيراً من القضاة أخذ إجازات للعمل في الخارج.
دعوة المولوي الهيئات الناخبة لم تكن لرفع المسؤولية القانونية عن وزارته، بل أتت أيضاً لحث القوى السياسة على الإسراع لإصدار قانون التمديد للمجالس البلدية. أما البديل فهو تأمين التمويل للانتخابات، التي في حال حصلت، يستفيد منها الطرفان الأقوى في المعادلة، أي القوات وحزب الله. ما يدفع التيار الوطني الحر إلى قبول تأمين النصاب لجلسة تشريعية على جدول أعمالها قانون التمديد للمجالس المحلية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى