أخبار محلية

العونيّون:14 آذار من “التنفيسة” الى “التفنيصة”

المنبر – أنطوان سلمون

 

لا تزال حنجرة مذيع “صوت العرب من القاهرة” أحمد سعيد تَصدَح بانتصارات الدول العربية في حرب العام 1967، وما فتئت تصاريح وزير إعلام صدام حسين محمد سعيد الصحاف مدويّة ومسموعة، مسطّرة ومعبّرة عن انتصارات جيش صدام حسين على الأميركيين، وما برح الممانعون المُحرِّرون يردّون على الاعتداءات والاحتلالات في الأزمنة والأمكنة المناسبة ويصلّون في المقدّسات المغتصبة…

بالتوازي ما انفكّ العونيّون يحتفلون بذكرى انطلاقة تحرير، انتهى بتوسع الاحتلال ليشمل مناطق بقيت حرّة عصيّة طيلة فترة الحرب، وما برح محتفلو القرن الواحد والعشرين يمجدّون ذكرى هزيمة 13 تشرين الأول من العام 1990، يوم دخول الاحتلال لتلك المناطق بـ”كرنفالات وكرميسات” وحفلات المشاوي ولعب طاولة وورق.
لقد شبّه الرئيس ميشال عون نفسه بالقديسة جان دارك، كما شبّه نفسه بديغول، كونه محرّراً وبطلاً للتحرير، أعلن حرب تحرير لبنان من الاحتلال السوري في 14 آذار من العام 1989 والتي استمرت حتى دخول الاحتلال الى قصر بعبدا والمناطق الشرقية في 13 تشرين الأول من العام 1990.
ومن أسباب فشل حرب التحرير، أنها افتُعلت في توقيت غير مناسب، وشرح رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، صهر ميشال عون، هذا الفشل لاحقاً، إذ قال في 19 آذار من العام 2019، “من يحدد الحرب من تكون لديه القدرة على ربحها”.
ومَنْ يعرف ما هي حرب التحرير، أكثر من بَطَلِها، وهو الذي أسقط عنها الهدف “التحريري”، إذ قال بعد فترة من فشلها، “حرب التحرير بدأت بحصار على المرافئ غير الشرعية وانتهت بِتَنْفيسَة”
وصفة “التنفيسة” لا “التحريرية” تُرجمت مع شنّ حربه على “القوات اللبنانية”، عندما أفرغ جيشُه الجبهات على خطوط التماس مع المحتل السوري، ليُزَجّ في حرب مطمئناً مرتاحاً للعدو المفترض الخارجي ومُطّمئِناً له.
وهنا لا بد من الإشارة الى أن “القوات” في ما سُمّي بحرب التحرير، وقفت الى جانب ميشال عون عسكرياً ومادياً، وفي هذا الإطار نقرأ في كتاب صديق ميشال عون آنذاك فايز قزي، “من ميشال عفلق الى ميشال عون في الصفحة 191: انتقل اللواء عصام أبو جمرة الى المجلس الحربي لمقابلة سمير جعجع للبحث في إيجاد حلّ للمشاكل المالية، خصوصاً أن الجيش بدأ يعاني من نقص في اللواء الطبّي واللوجستي… وتمنّى على القوات لو تقدّم المال الى الجيش”. وفي الصفحة 214، نقرأ، “لم يكن لميشال عون أي شريك أو حليف في هذه الحرب (حرب التحرير)، لو لم تبادر القوات اللبنانية الى اللحاق بموقفه، دفاعاً عن المنطقة الشرقية، متجاوزة الآثار السلبية التي تركتها معركتها مع الجيش في 14 شباط”.
وفي حربه ضد “القوات”، زوّد الجيش المحتل وميليشياته جيش عون، بالسلاح والذخائر والمحروقات ـ على ما جاء في التصريحات وفي الكتب ـ حتى سقوطه مستسلماً للاحتلال، ليُصَدِّق على ما اوردته كارول داغر في خاتمة كتابها جنرال ورهان، “وتبيّن أن ميشال عون خير حليف لمُسقطيه”.

وبانتقالنا الى 14 آذار من العام 2005، كان للجمهور العوني دوراً بارزاً في التظاهرة التي أقيمت، ردّاً على تظاهرة 8 آذار والتي حملت عنوانَ وشعارَ، “الشكر والوفاء لسوريا”، وهذا الجمهور كان غافلاً طبعاً عن الاتصالات والمفاوضات والاتفاقات السياسية، والأمنية، والمالية التي نسجها ميشال عون مع النظام السوري وأتباعه في لبنان قبل عودته، وكيفية انخراطه سلفاً ضمن القوى التي حملت فيما بعد اسم قوى 8 آذار، بوجه قوى 14 آذار، وهذا أيضاً وُثِّق بالتصاريح وجاء في الكتب، التي لن يكون آخرها كتاب، “صدمة وصمود” لكريم بقرادوني… وقد تأكدت الصفقة بعدها بتبنيّ العونيين خطاب قوى 8 آذار، ونطقهم بأدبياتهم وسيرهم بخطاهم ولا يزالون…

طبعاً لن يغرّنَا مضمون خطاب باسيل في ذكرى 14 آذار عن السيادة والحريّة والاستقلال ولا عن “عَتَبِه” على “السيّد” حسن نصرالله والذي يأتي على “قدر المحبة”، كون الأخير فضّل سليمان فرنجية عليه لترشيحه رئيساً للجمهورية، مخالفاً الوعود المعطاة له… فالعتب ما هو الا إسقاطاً لكل سيادة، ولكل حريّة، ولكل استقلال، مع استعطائه واستجدائه كرسي الرئاسة من رئيس حزب يقّوض الدولة، و”يتبع مالياً وسياسياً وعسكرياً ودينيّاً للجمهورية الإسلامية في إيران”.

وعلى ما سبق، نرى أن “الذكرَيَين” في 14 آذار من العامين 1989 و2005 بالنسبة للعونيين “تفنيصة”… وهما أقرب الى الأول من نيسان شأنهما شأن 13 تشرين الأول…
ويردّ الكتاب المقدس على من انتظر خائباً ومن يترقّبُ متأملاً سيادةً وتحريراً واستقلالا ومحاربةَ للفساد من العونيين، “مِن ثِمارِهم تَعرفونهم، هل يَجْتَنُونَ مِنَ الشَوْكِ عِنَباً، أو مِنَ الْحَسَكِ تِيناً”(متى7:16).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى