خيارات فرنجية الصحيحة..
خاص جانين ملاح
اللبنانية
على امتداد تاريخ السياسة اللبنانية، طالعتنا هذه المسيرة على أسماء أشخاص ترفع لهم القبعة، فلا يريدون تقديم المديح لهم، إنّما أمثالهم تتكلم عنهم أعمالهم، وتصرفاتهم المهنية، التي أيقنوا من خلالها بأنّهم في مراكز المسؤولية، لا التّحكم بالقرارات.
ومن بين هذه الأسماء والشخصيات، يبرزُ إسما وزيرين تمَّ تزكيتهما من قبل رئيس تيّار المردة النائب السابق سليمان فرنجية ليكونا الورقة الرابحة التي تعبّر عن خيارات هذا الرجل السياسية الهادفة، والصحيحة: وزير الإعلام زياد مكاري ووزير الاتصالات جوني القرم.
لم تعرفْ وزارة الاعلام يوماً على عهد الوزير مكاري “الصّعب” الهدوء، أو الكلل أو الملل، بل على العكس تماما، كانت بمثابة خلية عمل دائمة، ومتواصلة، لأجل طرح كافة القضايا التّي تهمُ مهنة المتاعب، والعملِ على تسويةِ كافة الإشكالياتِ والمشاكل التي كانت تنتقلُ من عهدٍ إلى عهدٍ آخر.. وهكذا كان الوزير “مكاري” الرجل المسؤول، الذي قرّر وضع النّقاطِ على الحروف من خلالِ تعليماته الواضحة، ونهجه الوحيد ألا وهو المُتمثل بالاتجاه نحو العمل المثالي، مؤكداً دائماً على وجوب التمتع بالشفافية والأمانة، والنّزاهة.
منذ تسلّمه المهام، شرّع مكاري ابواب الوزارة أمام اهل الصحافة والاعلام، فكانت بحق منزل كلّ إعلاميّ وكل صحافية، ليكون بذلك على استعدادٍ دائمٍ ليقرّب المسافة ما بين وزارة الإعلام والإعلاميين، وليكون خير صديقٍ لهم قبل أن يكون وزيرا عليهم.
وإكمالاً بعمل مكاري الجاد، والشّفاف، لم يرضَ مكاري أن يترك تلفزيون لبنان على ما هو عليه، لا بل قرّر أن يمضي قدماً بالمحاربة لأجل إعادة الحياة إلى النّاطق الإعلاميّ الرسميّ بإسم لبنان، من خلال خطة عمل عليها مكاري بالتعاون مع فريق عمل وزارته، مطلقاً العنان لمسؤوليته الوطنية، فقام بترميم غرفة الإستقبال المتضررة من جراء انفجار مرفأ بيروت على نفقته الخاصة، كما وأجرى مسحاً كاملاً لتلفزيون لبنان، لا بل كان هو الذي يقدّم نفقات حفلة وزارة الإعلام بدل الإستعانة بموازنة الوزارة.
وما بين طوابق وزارة الإعلام وحدها ضربات أوراق المشاريع تُسمع. جعل الوزير مكاري من كل غرفة من الوزارة مكتباً للعمل، وخليةً للعطاء. هو الذي يريد أن يتدارك الوقت ويعمل لآخر نفس.
من هنا يؤكد العاملون في الوزارة بأن ثلةً من المشاريع قد أفردها مكاري في طوابق الوزارة، وهذا ما لم نكن نراه مع أي وزير آخر، فهذا الرجل المعطاء، لم يكن قبل أن يضع أساساً لهذه المشاريع، وخططاً وتعليمات للانطلاق بها.
إبن زغرتا، ومنذ وصوله إلى الصّنائع أيقن حجم المسؤولية، وكان من أربابها.. ومن هذه الخطط لا يسعنا إلا أن نذكر بعضاً منها، نسبةً إلى أن مقالاً واحداً لا يكفي للتكلم عن عمل مكاري المتميز داخل الوزارة، فقام الوزير بإطلاق مشروع أرشفة تلفزيون لبنان مع فريق فرنسي، كما وأطلق تيليتون تلفزيون لبنان، والذي كان بمثابة مركز عمل أساسي أشرف عليه الوزير شخصياً جامعاً القدرات للنهوض بتلفزيون لبنان.. ومن يريد أن يكون للبنان الملتقى الإعلامي، والثقافي والإعلامي، فإن الوزير مكاري هو خير مثالٍ على ذلك، فأول الغيث كانت النتائج الإيجابية لإجتماعات الوزارة لأجل إعادة جذب المنتجين العرب حيث انتهى الوضع بمباركة ومسعى من الوزير زياد مكاري إلى إنشاء مقرّ للإتحاد العام للمنتجين العرب في بيروت والعمل على تحويل لبنان إلى مقرّ للإنتاج الدرامي والسينمائي.
الوضع السليم ينسحب الى وزارة الإتصالات. استطاع الوزير جوني القرم الذي زكاه ايضا فرنجية إلى جانب فريد هيكل الخازن، أن يرسم هالة النجاح حول اسمه.
نجح الرجل الآتي من نشوار ذائع الصيت في القطاع الخاص في انتشال قطاع الاتصالات من الحضيض، والمُعاناة، راسماً خطة إنقاذية، استطاع من خلالها أن ينعش قطاع الاتصالات من جديد، فبموازاة أزمة الدولار، والمحروقات، والتّفلت الأمني الذي أخسر الوزارة العديد من الإحتياجات الميدانية جرّاء السّرقات المتتالية، أمعن القرم بمواجهة الواقع من خلال العمل الجاد على عدم انهيار القطاع سيما وان الاتجاه كان التقنين تماماً مثل قطاع الكهرباء.
البعيد عن الضوضاء وتسجيل نقاط امام الرأي العام، نتائج عمل القرم الدؤوب كفيلة بالاصاءة على الثمار النّاجحة التي انتجها.
حيّد القطاع عن المناكفات السياسية، جعله قطاعاً منتجاً، وحيوياً. صبّ عمله على اجتماعات، ولقاءات متصلة ما بين نهاره وليله، ليضع، ويبحث، ويوثق، ويبدي الآراء ليكون المنقذ الأوّل للقطاع.
نهضة قطاع الاتصالات من جديد لم تكن النتيجة الوحيدة، أو المشروع الوحيد للوزير القرم، لا بل إن وزاراته كان بيته الثاني النّشط، غير الهادئة، فأروقة الوزارة كانت بمثابة فريق واحد، يسعى لتنفيذ الخطط، وتدارك الوقت، حيث لم تكن المهمة بالسهلة أبداً.
الوزير القرم علم حجم المسؤولية، ولسان حال موظفي قطاع الإتصالات هو مهنية القرم، حيث أن هذا الوزير أصرَّ على أن يقوم بالتوفير والإستغناء، والإبتعاد قدر الإمكان عن استعمال موازنة الوزارة، فهو الذي تخلى عن المواكب الشكلية، بوقت السّلف لم يوفر عنصراً إلا وضمّهُ إلى مواكبه.. أيقن بأنَّ المراكز هي مراكز المسؤولية والعمل، لا مراكز التّحكم بالقرارات. عمل جاهداً على تقليص نفقات الوزارة، والسّفر بشأن عمل الوزارة طان يتم على نفقته الخاصة، لا وبل كان يعملُ على تقنين هذه المصاريف، حيث رأى بأن استغلالها في مكان يخدم قطاع الإتصالات هو أمر أفضل بكثير.
ومن هنا تطالعنا خيارات الوزير السابق سليمان فرنجية على أسماء مسؤولين، متيقنين لمراكزهم، عالمين حجم المسؤوليات الواقعة عليهم، ليكون بذلك كل من وزير الإعلام زياد مكاري ووزير الإتصالات جوني القرم مثالاً على وزراء بعيدين كل البعد عن مسميات الفساد، فهم حقاً أتوا من فوق فوق الغربال.