أبرز الأخبار

ربح جعجع و”القوات” وخسر المسيحيون

“ليبانون ديبايت”

لا يختلف اثنان على أنّ حزب “القوات اللبنانية” يشكّل رقماً صعباً في الحياة السياسية اللبنانية، مع استمرار تقدمه الشعبي الذي تُرجم انتصاراً كبيراً في الإنتخابات النيابية حيث حصد 19 نائباً متجاوزاً “التيّار الوطنيّ الحرّ”، واستمرّ هذا التقدّم بفوز طلاب “القوات” في الإنتخابات الطالبية في الجامعات.

هذا الإنتصار بقي قاصراً عن تنفيذ وعود هذا الحزب يوم تبنّى شعار “العبور إلى الدّولة”، فانتصر في الإنتخابات النيابية الاخيرة إلّا أنّه خسر في أول اختبارٍ له في المجلس النيابي، فلم يستطع بناء تحالفات يستطيع معها فرض خياراته النيابية داخل المجلس، والدليل ما حصل في انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه وأمين السرّ حيث كان السقوط المدوي لمرشّحه إلى هذا المنصب.


واستمرّ بعدها مسلسل النأي بالنفس عن الدولة وإعلان أكبر كتلة نيابية عدم مشاركتها في الحكومة حتّى أنّها بقيت خارج اللعبة الحكومية، وكأنّ الحكومة التي يتمّ تشكيلها لا تعني حزب “القوّات” ولا كتلته النيابية التي كلّفها الناخبون مسؤولية تمثيلهم في الدولة والدفاع عن مصالحهم وترجمة برنامج “القوات” الإنتخابي إلى أفعال، مع العلم أن موضوع تشكيل الحكومة لا زال يشهد شدّ حبال بين “التيّار الوطنيّ” والرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، ولو أن “القوات” دخلت كشريك في التشكيل ربما لضاقت مسافة الخلافات.

وهذه الإستراتيجية “الزاهدة” التي تعتمدها أكبر كتلة مسيحية، حرمتها من الدخول إلى الإدارات العامة والمؤسسات الأمنية والعسكرية والقضائية التي أصبحت بمعظمها من حصّة فريق معين، ممّا يدفع إلى التساؤل عن أسباب إحجام “القوات” عن خوض معركة “الحقوق”، فهل تكون المشاركة بوصول رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أو من يختاره إلى قصر بعبدا أو لا تكون؟

وهي عندما تحتفل اليوم بفوز طلابها في الإنتخابات الطالبية في الجامعات، ألّا يتوجّب على رئيسها عندما يهنّئ الطلاب أن يشرح لهم أسباب الإقصاء الإختياري للقوّات؟

ولا يجب أن يسهى عن بال أحد، أن “القوات” عادت إلى الحياة السياسية مع خروج الجيش السوري من لبنان وخروج رئيسها سمير جعجع من السجن. يومها كان خيار “القوات” هو الدولة لكنه حتى الساعة ورغم الفوز على الصعيدين الشعبي والبرلماني استسلمت لـ “التيار”، ولم تترجم الإنتصارات الإنتخابية المتكررة على أرض الواقع، مع العلم أنّ كافة الأحزاب تدخل إلى السياسة للوصول إلى مواقع القرار لتنفيذ مشروعها، إلّا “القوات” بقيت خارج الأسوار.

وإذا كان الهدف فقط الوصول إلى بعبدا أولاً فإنّ لدى هذا الحزب المسيحي، قصوراً في النظرة المستقبلية للأمور، فالدولة لا تعني فقط كرسياً رئاسياً، الدولة تعني إيصال أصحاب الكفاءة إلى المناصب، فإذا استمرّ قبض الآخرين على تلك المناصب فماذا يعني الإنتصار في الانتخابات النيابية أو الطلابية؟

المطلوب اليوم من “القوات” أن تبادر إلى وضع استراتيجية تقوم على نسج التحالفات ومقاربة الشأن العام وتحفيز المشاركة المسيحية الفاعلة والمتفاعلة مع بقية المكوّنات، كون استراتيجيتها السابقة أثبتت عقمها في إحداث تغييرٍ على الصعيد الوطني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى