أبرز الأخبارخاص

الجمهورية اللبنانية رئيس ودولة ؛ محاضرة عن الموارنة وتاريخهم…

Screenshot_20221006_003255

المرصد اونلاين

عقدت اليوم في المقر العام للمجلس الماروني في مار مخايل – الاشرفية ندوة بعنوان : ” الجمهورية اللبنانية رئيس ودولة” حاضر خلالها كل من الأب شارل كساب والدكتور عماد مراد بادر في بدايتها رئيس المجلس العام الماروني ميشال متى بالترحيب بالحاضرين وادار الندوة المدير العام لشركة ” ستاتستكس ليبانون ” وناشر موقع “. lebanonfiles ” الاستاذ ربيع الهبر. حضر الندوة كل من النائب نديم الجميل والسفير خليل كرم الشيخ وديع الخازن وعدد كبير من اساتذة الجامعات ومهندسين واعضاء في كل من الرابطة المارونية والمجلس العام الماروني.

الأب شارل كساب حاضر في
” عمق التاريخ السيّاسي للحضور الماروني”

واعتبر ان هناك تاريخان لا يلتقيان:
تاريخ ظاهر للعلن ، -تاريخٌ مدني للحكام و المدن و الحروب و الأنتصارات و
فتوحات ،،،
-تاريخٌ من نوعٍ آخر ،حقيقي، هو التاريخ الخلاصي لشعب الرّب ، و يُلَخِّص أحداث و إختبارات لجماعة مختارة في مسيرتها الإيمانية مع الله،
وشرح كساب أن التاريخ الخلاصي مجسد بالحضور الإلهي في هياكل هذه الجماعة اللحميّة ، الكنيسة ، العلامة الحسيّة لجسد المسيح السرّي ، ليس حُكما ثيوقراطياً بل قيادة مستلهمةً الروح القدس في مسيرتها المجمعيّة بدءاً من سنة ٣٢٥ + المجمع النيقاوي و سنة ٤٥١ + المجمع الخلقيدوني ،
وشرح كيف أن الرب إختار إبرام من بلاد حاران ، بهدف الإصلاح الديني و التوحيد و الإبتعاد عن الوثنية ،
و كما إختار الرب موسى فيما بعد ، مخلصاً للشعب من العبودية في مصر و العبور الى أرض الحريّة ،
و كما إختار الرب داود الراعي ،
إبن يسّى إبن بوعز زوج راعوث ، ليؤسس ويضع مداميك المملكة الداووديّة المسيحانية تحضيراً للملكوت المسيّاني الأبدي ،
و أختار الرّب أبينا يوحنا مارون بطريركاً قائداً للكنيسة المارونية بالتزامن مع الفتوحات الإسلامية في نهايات القرن السابع الميلادي ، الذي فيه تزامن ظهور مؤسسة الخلافة الإسلامية ،
ومخلصاًً للموارنة من الفتوحات العربية واضعاً حجريّ أساس لشريعة المحبة.
فكانت الحريّة و العبادة :
١- ألإجلال لله الثالوث
٢- كرامة الإنسان
٣- العدالة
٤-المساواة
٥- التبشير بإنجيل الخلاص بالرب يسوع المسيح ،
وفي المقابل مسيرة عنوانها المقاومة و الصمود :
١- السلطة البطريركية أبوةً و قيادة
٢- نظام المقدمين (جيش الدفاع الماروني)
٣- التعاضد المجتمعي
٤- البنيّة التحتيّة (المقومات الحياتية)
٥- الإذدهار و عيش الخيور مشاركة بين أعضاء الجماعة المارونية ،
واعتبر كساب أن
الكنيسة المارونية كنيسة خاصة مستقلّة إختارها الرب للشهادة عن الإيمان الكريستولوجي السليم ، و هي بالحقيقة : ” شعب الله المختار” ، الشعب الخاص و المميّز في مواقفه و علومه و إيمانه المبني على الكتاب المقدس بعهديه و تعليم الأباء القديسين و المجامع المسكونية ،
فكان المسيحيون حاملين صليب الشرق الأدنى لخلاص النفوس من الحكام الطغاة و الأفكار الشمولية المادية البحتة المتمثلة بعقائد بربريّة همجيّة ،
و هنا إنطلقت المؤسسة المارونية أبوة و قيادة سياسية بزعامة بطريركها للدفاع بجيش ماروني ، بحيث “أن كلَّ بائلٍ بحائط” هو جندي ماروني، مقاتل شجاع متمرس بالقتال كرجال داود ، وجوههم كالأسود و أرجلهم كأسهم النار ، جبابرة في القتال “يحولون الجبل سهلاً” أمامهم ،
و نشيد العسكر الماروني مزمور لداود : “الرب نوري وخلاصي فممن أخاف ،الرب حصن حياتي فممن أرتعد ، إن نزل عليّ جيش لا يهاب قلبي لأنك أنت معي ،،،”
و أيضاً مرددين مع داود الملك :”مباركٌ الرَب الذي يُعلِم يديّ القتال و أصابعي الحرب”
ولقد تجلت الديمقراطية المارونية في صلب حياتها الزمنية و الروحيّة مستندة بذلك على سفر أعمال الرسل بعد إنتخاب متيّا محل يهوذا الإسخريوطي ،
هكذا فلمدة أربعة قرون تقريباً عاش الشعب الماروني في وسط معارك داميّة بوجه الفتوحات الاسلامية و الهروطقة و البدع و كل ما لف لفيفه من كل الحضور السياسي المحيط ، فالكل يريد إلغاء وجودهم ، إلا أن الرب يسوع المسيح القادر على كل شيء أباد أعداءهم “كالعصافة التي تُذرّيها الريح”
فأين مؤسسة الخلافة
و أين البزنطيين و أين النساطرة و اليعاقبة و أين هم السفيانيون الفاتحون ، كلهم إضمحلوا و بقيّت المارونية متجليّة من أعماق وادي القديسين “قاديشا” إلى شواهق كسروان إلى مشارف جزين ،
يدافعون عن لوحي شريعة المحبة الموضوعة من قبل مؤسسة يوحنا مارون ،

من هنا دأبت روما على تثقيف الرهبان باللاهوت الغربي و تعليم تفسير الكتاب المقدس و شروحاته،
ليكونوا بدورهم مثقفين الجماعة المارونية ، هذا الحضور في زمن القرون الوسطى ، العصر المدرسيّ السكولاستيكي ،
و قد ساهمت المدرسة المارونية في روما سنة ١٥٨٤ لتنشئة الأكليريكيين الموارنة ليعلموا و ليثقفوا الجماعة بأكملها بالعلوم الزمنية و الروحية ، و قد نبغ الموارنة في روما بحيث إستخدمتهم روما في تهذيب الأمراء أبناء الملوك في الغرب ،
و قد أطلق على كل فهيم و مثقف في الغرب مقولة: “عالمٌ كماروني” ،
و من سنة ١٥١٦ إنفتح الموارنة غرباً و باتوا بوابة الشرق للغرب،
فالحضور الرهباني الفرنسيسكاني و اليسوعي في وسط جماعة الموارنة أسهم بمعاصرة العصر و التأقلم حضارياً مع القارة الأوروبية ،
بعد ذلك كانت المرحلة التي تلت وهي : تأسيس المدرسة المارونية في روما ،لتثقيف الاكليروس أولا و بعده كل الجماعة ،

أما المِبحث المحوّري فهو المجمع اللبناني سنة ١٧٣٦ ،

أكد الاب كساب أن المجمع اللبناني سنة ١٧٣٦ كان تاريخ مفصلي في تاريخ الكنيسة المارونية ، فليست هي نفسها بعد هذا التاريخ المبارك ،
مرحبا فكل المجامع السابقة و التحضيرات و المقاومة و تنظيم الجيش و تعزيز البنى التحتية الروحية و الزمنية ، ساهمت في بناء مجتمع مسيحي حديث معاصر للغرب فكراً و قولاً و عملاً مع الاحتفاظ بالشخصية المعنوية المستقلة للكنيسة المارونية و تمتعها باستقلال ذاتي ككنيسة خاصة و بشراكة المحبة مع الكنيسة الجامعة الرسولية و بالشراكة الأخوية مع أسقف روما المتقدم بالمحبة ،
و على أثر الاصلاح البروتستانتي سنة ١٥١٣ إنعقاد المجمع التريدنتيني لتحديد العقيدة و الإيمان ،
و لتثبيت البطريرك الماروني بدرع بابوي ،
أوفد قداسة البابا يوسف سمعان السمعاني لأجل إنعقاد مجمع خاص بالموارنة ،
فلقد سميّ بالمجمع اللبناني و ليس بالمجمع الماروني ، إيماناً منهم بسيادة هذا الجبل المقدس كأرض مقدسة مثالا و ظلالاً لمدينة أورشليم السماوية في الاكار الزمني ،
فالمجمع الماروني وضع أسس و مداميك الدولة المدنية الحديثة* التي أعلنت سنة ١٩٢٠ مع المكرّم البطريرك الياس الحويّك ،
و من أهم نتائجه و مقررات المجمع اللبناني ، إعطاء صلاحيات كبرى للبطريرك الماروني في سلطته الزمنية و الروحية في نطاق أعمال الحكم في النظام ، أي إصدار مراسيم بطريركية ممهورة بختمه في إدارةه الكنيسة بكافة المجالات و المرافق المرتبطة بها مباشرة ،

و من أهم نتائج المجمع اللبناني أيضا الاصلاح الرهباني لتنشئة الرهبان ليكونوا معلمين و مبشرين و وعاظ ،
و وضع نظام ليتورجي أسراري يتوافق طبعا مع الكنيسة الجامعة المقدسة الرسولية،
إلزامية التعليم للجميع مع دفع هبات و مساعدات إجتماعية عند اللزوم
تعليم البنات كالصبيان ، فلقد سبق الموارنة الثورة الفرنسية بخمسين سنة و سبقوا إعلان دستور الولايات المتحدة ،
فالشأن التربوي ليس مجرد مشروع تعليمي ،بل نهضة فكرية شاملة عمّت كل أنحاء جبل لبنان الى أن إنتقلت فيما بعد الى نهضة عربية ثقافية،
و من مقررات المجمع اللبناني تقوية الروابط الاجتماعية بين الجماعة المؤمنة و الرعاة ، فلقد فرض إقامة الأسقف في أبرشيته و الكاهن في رعيته
ليكونوا العين الساهرة على تحقيق الأمانة الانجيلية المودعة من الرب يسوع المسيح ،
و هنا مارست الكنيسة مبدأ اللامركزية الادارية بمقابل سلطة مركزية للبطريرك و تحوّل سريع في النفوذ السياسي الداخلي عشية انعقاد مجمع اللويزة ، فتقلص نفوذ الأقطاع باتساع رقعة الامارة بتفاعل من الشعب اللبناني في كل المناطق ، فتحول الزعماء الاقطاعيين إلى جزء من كل مقابل مؤسستين كبيرتين تحكم البلاد الامارة العليا حاكمة البلاد ، بإرشاد كنسي ماروني ، و الكنيسة المنتشرة وفقا لتقسيم الامارة ،
و ترتبط الكنيسة المحلية إرتباطاً شديداً ،برئاسة الأسقف، بالكنيسة الأم كسلطة مركزية ،
المتمثلة بالسيّد البطريرك الماروني ،
تعاظمت الكنيسة المارونية و تعاظمت معها الرهبنات ، فالأديرة تؤمن من خلال مدارسها “ثقافة مستمرة” Formation continue
فأضحت البطريركية المارونية مرجعاً وطنياً لمعالجة الملمات و الشجون،
فكان القرن الثامن عشر بوابة كبيرة للانطلاقة المارونية لتحقيق ذاتيتهم و هويتهم التي جاء المجمع اللبناني يعبر جواباً عن كيانيتهم المستقلة و المتميزة عن محيطهم العربي و الاسلامي.

في القرن التاسع عشر ظهرت تيارات في الشرق الأدنى مناوئة لمبدأ الكيّانية و مضادة للفكر الغربي المتنور مع أرنست رينان ، منها فكر جمال الدين الأفغاني و بعده محمد عبدو و بعده حسن البنّا مؤسسة جماعة الاخوان المسلمين ،
و الدعوة إلى أمة إسلامية واحدة
كما ظهرت تيارات عروبوية تنادي بالقومية العربي إسلامية ، إلخ
بالمقابل الموارنة يحيّون الكيّانية اللبنانية بكافة جوانبها المنبثقة مع القضية اللبنانية من المجمع اللبناني سنة ١٧٣٦ الذي يدعو الى كرامة الفرد البشري بتجسيد الطموح الأنساني الأعظم ،أي الحريّة،
فدور الحرية الفردية في لبنان هو دور تأسيسي ، و معركة الحرية الفردية و الحريات العامة هي معركة العقل و الانسانية ،
فالحرية هي مدرسة الموارنة في الشرق بخدمة الشعوب المحبطة بدكتاتوريات ظالمة ،
فمدرسة الحرية اللبنانية المارونية نموذج و خدمة للأنسانية جمعاء ، إذ كان أبينا مارون الناسك السبّاق في رفع السقف ، إذ إلتحف السماء و افترش الأرض ، المدرسة المارونية لا يحدها أي سقف إيديولوجي و شمولي من صنيعة اليّد الآثمة ،
الحرية المارونية ،السيادة، عاقلة و متعقلة تنتهي إلى تكوين إرادة جماعية عاقلة تتجه بالمجتمع الى الانسجام و التفاعل و الشراكة ، و لادراك المصالح الحيوية الوطنية لكل المواطنين في الدولة اللبنانية ،
بحسب الشهيد الدكتور كمال الحاج :”القومية اللبنانية (المارونية) متجذرة و حاضرة اليوم بوجود الدولة اللبنانية”.
كما أنه لا فصل بين الوجود و الجوهر هكذا لا فصل بين القوة و مصدرها ،
فالكيّانية السياسية اللبنانية تتجاوز الظاهر ، فالدولة اللبنانية الحديثة هي تجسيد و تحقيق الكنه الماروني اللبناني ، الذي عبر عنه ميثاق سنة ١٩٤٣ أبلغ تعبير ،
فكل تيار قومي غير لبناني سيؤدي إلى قرار إلغاء لبنان و تاريخ ١٣٠٠ سنة من النضال لبناء دولة الرسالة في الشرق الأوسط الجديد ،
و أيضا لا مكان لدولتين في قومية واحدة ، فالدويلات الغريبة عن الكيانية اللبنانية هي سرطان سياسي يفتك بالجسم اللبناني من الرأس (الرئيس) إلى أخمص القدمين ، إلى كل المواطنين في أنحاء الأرجاء الوطن الأم ،
إن المناداة بقوميات لا تمت بصلة للكيّانية اللبنانية و للقضية اللبنانية هي جريمة عظمى تمس الأمن القومي اللبناني ، فيستدعي تحرك السلطة القضائية عفواً و السلطة الاجرائية بقرار متخذ في مجلس الوزراء بالاجماع و بتوصية من مجلس النواب بتفعيل السبل القانونية لإنهاء حالة الشواذ السياسي المخالف لطبيعة تكوين لبنان السيد و الحر و المستقل ،

فالكنيسة المارونية لم تتحد في بقعة جغرافية على مساحة ال ١٤٥٢ كلم٢ بل مساحة روحية لا يحدها لا زمن و لا تاريخ و لا جغرافية ، لانها كنيسة مبشرة بقيّم إنجيلية تبشيرية لخلاص الانسان من الخطيئة و العبودية ليكون على صورة الابن يسوع المسيح الكامل ،
بالعودة الى اعلان دولة لبنان الكبير :
فالقانون الدستور أعطى صلاحيات البطريرك الماروني زمنياً لرئيس جمهورية ماروني ،
فالأصيل هي بكركي و الوكيل هو رئيس الجمهورية،
و عندما يعتري الوطن أو كرسي الرئاسة شغوراً او مرضا او ضعفا أو فراغاً فالأصيل يقوم بمهام الوكيل المتقاعص أو الغائب ،
فالمؤسسة البطريركية هي ضمانة لبنان الجديد في الحكم و الرئاسة و الارشاد و الحضور الأغترابي الغير محدد بمساحة جغرافية بل روحية ،
و كنيسة الأنتشار اليوم هي أقوى من كل القوى الهدامة السرطانية في الوطن اللبناني المتألم ،
لذلك :
نريد رئيساً تنطبق عليه شروط إنتخاب المقدمين لجهة البطولة و الشجاعة و الجرأة ذات جبهة صوانية لا يهاب الوجوه غير مرتهن لسياسات مناهضة للكيّانية اللبنانية و مؤمناً ملتزماً بخط بكركي التاريخي السيّادي ، ملتزماً بالشرع الألهي و الطبيعي و الوضعي ، صاحب رؤية و حاضر وسط مجتمعه كالبطريرك الماروني ،
يتمتع بالحكمة التي طلبها سليمان ابن داود لحكم شعب الله العظيم ،
طاهراً يسلك في شريعة الرب ، لا يساوم و لا يبايع و لا يتنازل عن المقدسات الوطنية ،
عشتم و عاشت الكنيسة و عاش لبنان
الخوري شارل كساب

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى