أبرز الأخبار

رسالة مزدوجة لـ”حزب الله”.. لماذا حسم باسيل عدم دعمه لفرنجية رئاسيًا؟

كتب حسن خليفة في لبنان 24

صحيح أنّ قضية ملاحقة المطران موسى الحاج تصدّرت المشهد السياسي في الأيام الأخيرة، متقدّمة على كلّ الملفات والاستحقاقات الداهمة، بما فيها الترسيم والحكومة والرئاسة، إلا أنّها لم تحجب الاهتمام عن المواقف التي أطلقها رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق

جبران باسيل في إطلالته التلفزيونية الأخيرة، التي قال البعض إنّه “خلط” خلالها الكثير من الأوراق، خصوصًا على مستوى الانتخابات الرئاسية المرتقبة.

ولعلّ الموقف الذي أثار اهتمام المراقبين، ونال “قسطه” من المتابعات الإعلامية والسياسية، تمثّل في إعلان باسيل أنّه لا يرى “مبرّرًا” لتأييد رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، حاسمًا بذلك للمرة الأولى موقفه من احتمال “دعم” الأخير في الانتخابات الرئاسية، خصوصًا بعد التحسّن النسبي الذي طرأ على العلاقات بين الجانبين، منذ الإفطار الرمضاني الشهير الذي حظي برعاية “حزب الله”، وصولاً إلى لقاء باسيل والنائب فريد هيكل الخازن.

لكنّ ما استوقف البعض أيضًا، وربما أكثر من الموقف الأول، تمثل في “إيحاء” باسيل بـ”انفتاحه” على كلّ الخيارات الرئاسية، بدءًا من ترشحه شخصيًا، الذي لم يسحبه من التداول بوصفه “مرشحًا طبيعيًا”، ولو قال إنّه لا يسعى إلى الرئاسة الآن، وصولاً إلى إمكانية “التقاطع” مع فرنجية أو رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع على مرشح محدّد، ما دفع البعض إلى التساؤل عمّا إذا كان يفتح الباب على “تفاهم معراب” آخر.

الرسالة الأولى.. “أنا أحقّ”

بالنسبة إلى كثيرين، فإنّ باسيل وجّه من خلال إطلالته عبر قناة “المنار” تحديدًا، “رسالة مزدوجة” إلى “حزب الله”، من خلال إعلان نفسه “مرشحًا طبيعيًا” للرئاسة، من دون الحاجة إلى المرور عبر القنوات الرسمية، وقطع الطريق في المقابل على فرنجية، عبر رفض دعمه في ظلّ الاختلاف على مقاربة الملفات الداخلية، ولو أنّ البعض أعطى تفسيرًا مغايرًا للأمر، من خلال الحديث عن رسالة من “حزب الله” إلى فرنجية عبر باسيل.

وإذا كان موقف باسيل فاجأ الكثيرين، خصوصًا أنّه جاء بعد مرحلة من “الهدنة الإعلامية” بينه وبين فرنجية، وصلت إلى حدّ الحديث عن لقاء مرتقب بينهما في وقت قريب، مهّد له اللقاء مع الخازن قبل فترة، فإنّ هناك من يقول إنّه جاء نتيجة اتصالات ومفاوضات حصلت خلف الكواليس، وأفضت إلى “لا اتفاق”، باعتبار أن فرنجية لم يجد نفسه قادرًا على تلبية “شروط” باسيل، الذي يرفض دعم فرنجية مجانًا، ويريد أن يقبض “ثمن” ذلك سلفًا.

في النتيجة، بدت “رسالة” باسيل إلى “حزب الله” واضحة في هذا السياق، وقد عزّزها بإصراره على عدم سحب ترشيحه من التداول، وتأكيده أنّ العقوبات الأميركية لا يمكن أن تقف بينه وبين ترشحه للرئاسة، والمقارنة التي أجراها بينه، كرئيس تكتل من 20 نائبًا، وبين فرنجية، الذي “ليس لديه سوى نائب واحد”، كما قال، ومفادها: “أنا أحقّ بالحصول على دعمكم بكل المعايير، وأنا الذي تعرّضت للعقوبات وللحصار بسبب دعمي لكم بالدرجة الأولى”.

الرسالة الثانية.. “كل شيء وارد”

لكنّ رسالة باسيل إلى “حزب الله” الذي لم يفصح بعد عن خياراته الرئاسية خلافًا لموقفه الذي كان مُعلَنًا بوضوح قبيل استحقاق 2014، ما يزيد من “حيرة” المراقبين، لم تقف أبدًا عند هذا الحد، فهو أرفقها برسالة أخرى، ترك معها كل الاحتمالات مفتوحة، بما فيها إعادة سيناريو “تفاهم معراب”، من خلال التقاطع مع رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع على مرشح معين، يمكن أن يكون “توافقيًا”، رغم الخلاف بين الجانبين.

صحيح أنّ مثل هذا الخيار “مُستبعَد” وفق ما يقول كثيرون، باعتبار أنّ العلاقة بين باسيل وجعجع وصلت إلى أسوأ أحوالها، وأنّ استعادة “تفاهم معراب” سابع المستحيلات بالنسبة إلى الطرفين، بعدما “غسلا أيديهما” منه منذ أشهر طويلة، لكن هناك من يعتقد في الوقت نفسه أنّ سليمان فرنجية قد يكون “الجامع” بينهما من جديد، بمعنى أنّهما قد يتفقان على “تفاهم ظرفي مؤقت”، يشبه ما سُمي بـ”التحالف الانتخابي” نيابيًا، وذلك لقطع الطريق على فرنجية فقط لا غير.

من هنا، تبدو رسالة باسيل إلى “حزب الله” هنا أكثر قوة وحزمًا، فهو يقول إنّ كلّ الخيارات ممكنة، وهو جاهز للاتفاق مع جعجع من جديد، في حال تمسّك الحزب أو غيره بترشيح فرنجية، أو ربما “القفز” فوقه، وهو إن لم يكن يقصد ذلك، كما ترى بعض الأوساط، التي تستبعد هذا السيناريو شكلاً ومضمونًا، تخلص إلى أنّ ما أراد باسيل عمليًا إيصاله إلى “حزب الله” وغيره يبقى أنّه “الممر الإلزامي” في انتخابات الرئاسة، وهذا هو بيت القصيد.

لعلّ الرسالة الأهمّ التي أراد باسيل إيصالها إلى القاصي والداني، لا تكمن في ما إذا كان سيمضي فعلاً في ترشيح نفسه، وهو المدرك أنه لا يملك أكثر من تأييد “حزب الله” في أحسن الأحوال، ولا في ما إذا كان سيقطع الطريق على فرنجية أو غيره، وهو المدرك انّ الظروف ستحكم مسار الاستحقاق في نهاية المطاف، ولكنه أراد أن ينصّب نفسه، في كلّ الأحوال، “الناخب الأول” في الرئاسيات، بدعم “حزب الله” وليس في مواجهته!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى