أبرز الأخبار

… إلى الحرب

لم يكن من مجال للشك، ولو واحد في المئة، بأن سريان مفاوضات الترسيم البحري بهذا الشكل “المتخاذل” على المستوى السياسي اللبناني، سيدفع المقاومة إلى الدخول، لإعادة دوزنة الموقف الرسمي بما يؤدي إلى كبح مسار التنازلات. كذلك وعلى نفس القدر من الأهمية، ما كان أحد ليشكّ أبداً، أن لحظة تدخّل المقاومة غير بعيدة، وستُحدد وفق ساعةٍ دقيقة سيتولى الإعلان عن حلولها الأمين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله.

الخطّ المتدرّج للإعلان عن عصر دخول “حزب الله” مفاوضات الترسيم البحري كطرفٍ مفاوض – مؤثّر، بدأ منذ خطاب التاسع من حزيران الماضي، حين أرسى نصرالله معادلات لها علاقة بحقل كاريش وامتلاك لبنان لجزءٍ منه، ليكون قد أعلن ضمنياً تموضع الحزب فوق الخطّ 29 وليس قبله. ومع استمرار العدو في سياسة الإلتفاف معتمداً على دخول الأميركيين كطرفٍ يؤثر على الموقف الرسمي اللبناني، واعتقاده أن تلك التدخلات فيما لو نجحت ستؤدي بالفعل إلى التأثير على اندفاعة الحزب، كانت المقاومة تمضي قدماً باتجاه رفع مستوى خطابها متجاهلةً كلّ ما سبق، لغاية الوصول إلى تاريخ 13 تموز، حين أرسى السيد نصرالله معادلات إضافية تجعل “ما بعد بعد كاريش” منطقة عمليات نشطة بالنسبة إليها، لتدرك إسرائيل أنها باتت تفتقد إلى القدرة العملية على توجيه بوصلة ملف الترسيم سياسياً.

كان لافتاً أن نصرالله بدأ كلامه مساء 13 تموز من وحي آية قرآنية: “أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير”، وفي هذه إشارة واضحة إلى اتخاذ الجسم العسكري تموضعات جاهزة للتنفيذ، ولا بدّ أن كلام السيد استبطن إشارةً من نوع “أمر العمليات”. عملياً، ستتصرف المقاومة من ضمن منطلقاتها بأن ثمة حق لها في الدفاع، ليس عن ثروات ما تحت المياه فقط، إنما عن حقوق تتصل بتقدم ورفاهية الشعب، المجمّدة حالياً بفعل قرار أميركي – إسرائيلي.

من جهةٍ ثانية وعندما يعلن “حزب الله” عبر أمينه العام أنه في مواجهة مصيرية، وأنه قام، في ضوء الترتيب الحربي الإسرائيلي بالنسبة إلى كاريش، بعملية مسح عسكرية للأهداف الثابتة المعبّرة عنها في منصّات الاستخراج في حقول “تانين” و ليفاتان” وغيرها، يعني أنه بات في حال من الجهوزية العملانية وفي صدد التنفيذ حين تتوفر الظروف التي ربطها نصرالله بمسافة محدودة فاصلة عن شهر أيلول المقبل. ثم إن تذكير نصرالله بصفته قائداً للمقاومة المسلحة، أنه “وإذا كان الخيار أن يجوع اللبنانيون، فخيار التهديد بالحرب والذهاب إلى الحرب أشرف بكثير”، يدلّ على إدراك المقاومة الكامل بتفوق عسكري في مواجهة الإسرائيلي إلى جانب القدرة على تحقيق الأهداف وضرورة استخدام تلك القدرة في إلاجهاز على الحصار، و تكريس حقٍ حقوقي للبنان يتيح له تحديد مكامنه ومن ثم دعم عمليات التنقيب و الإستخراج. وربطاً بالمنطق الإسرائيلي، فإن غاية “تحرير” المكامن وما حولها لا يمكن إدراكها من غير تحرك عسكري أو التلويح بتحرك عسكري ووضع المنطقة فوق خطوط الحرب.

“ليبانون ديبايت” – وليد خوري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى