أبرز الأخبار

رسالة نصرالله لباسيل: اهتمّ بالنيابة لا الرئاسة؟

كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:

ما زال هناك حتى الآن غموض يكتنف مأدبة الإفطار الرمضانية التي أقامها الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله قبل شهر، وجمع فيها رئيس “تيار المردة “الوزير السابق سليمان فرنجية ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل. وعلى الرغم من مرور هذا الوقت على المناسبة، بدا وكأن هناك “حرباً” إعلامية تدور رحاها بين رئيسَي التياريّن، عبر التسريبات حول ما جرى التداول فيه خلال المأدبة. فما هي التفاصيل؟

قبل سرد ما تيسّر من وقائع هذه “الحرب”، لا بد من العودة إلى البيان المقتضب الذي أذاعه “حزب الله” في 9 نيسان الماضي غداة مأدبة الإفطار، وهو أوضح حسبما ما أورد موقع “العهد” الإلكتروني التابع للحزب، أنّ نصرالله “استضاف” فرنجية وباسيل “بحضور عدد من القيادات المعنية”. وقال البيان: “كان اللقاء فرصة مناسبة للتداول في العلاقات الثنائية والأوضاع السياسية في لبنان والمنطقة”.

إذاً، ليس في بيان موقع “العهد” ما يشير من قريب أو من بعيد إلى موضوعَي الانتخابات النيابية التي تبلغ ذروتها في 15 أيار الحالي، والانتخابات الرئاسية التي تطوي صفحة عهد الرئيس ميشال عون في 31 تشرين الأول المقبل. لكن هذا البيان، لم يسدل ستار الصمت عما دار فعلاً في المأدبة بين نصرالله وضيفيه حول الانتخابات النيابية والرئاسية معاً.

أول الغيث في هتك ستار الصمت هذا، جاء في المعلومات الصحافية من جانب زعيم “المردة”، ومن أبرز ما جاء فيها: خلال الزيارة التي قام بها لموسكو مباشرة بعد مأدبة إفطار الضاحية الجنوبية لبيروت، أفصح فرنجية في 15 نيسان الفائت أمام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن أنه سيكون “رئيس الجمهورية المقبل في لبنان”. وأشارت قناة المعلومات التي أوردت معطيات هذه الزيارة في حينها، إلى أن فرنجية أسند تأكيد وصوله إلى قصر بعبدا بما سمعه من زعيم “حزب الله” شخصيًّا على مأدبة الإفطار، وذلك وفق ما أسرّ به الزعيم الشمالي أمام أحد كبار مساعدي الوزير لافروف. ومما قاله فرنجية في هذا الصدد: “بعد انتهاء مأدبة الإفطار، غادرت مقر الأمين العام لحزب الله. وقبل أن يتحرك موكبي، جاءني أحد مساعدي السيد نصرالله ليستمهلني، ويدعوني إلى العودة إلى لقاء السيد، فاستجبت. وعندما التقيت الأمين العام مجدداً بادرني بالقول، أنه رغب في رؤيتي على انفراد بعد مغادرة النائب باسيل كي يؤكد لي أن حزب الله هو مؤيد لوصولي إلى رئاسة الجمهورية عندما يحين أوان الانتخابات لملء هذا المنصب خلفاً للرئيس الحالي ميشال عون، والذي تنتهي ولايته في 31 تشرين الأول المقبل”.

من ناحيتها سارعت أوساط التيار البرتقالي إلى الرد على المعطيات الرئاسية من جانب التيار الشمالي، فنسبت عبر وكالة أنباء محلية إلى “مصادر” قالت أنها “اطّلعت على مداولات الإفطار، والتي سبق أن نفت أي تطرق إلى الملف الرئاسي”، أنها، أي المصادر، “لا تعلّق على صحة ما قيل عن حصول خلوة بين الأمين العام للحزب ورئيس تيار المردة، لكنها تكشف أن خلوة جمعت باسيل بالسيد نصرالله قبل وصول فرنجية إلى مكان الإفطار من دون أن توغل في تفصيل عناوين الخلوة، كاشفة كذلك أن الحزب سأل رئيس التيار مرات عدة عن التحالف الانتخابي مع فرنجية، فأتى جواب باسيل أن لا مانع من اللقاء به، لكن خارج سياق أي كلام عن تحالف انتخابي، بمعنى أن اللقاء شيء والتحالف شيء آخر، وهذا الأمر غير مطروح”. وتكرّر المصادر “التأكيد أنّ الملف الرئاسي لم يكن طبقاً حاضراً أو ناضجاً”.

في رواية فرنجية، “رائحة” انتخابات رئاسية. أما في رواية باسيل فـ “طبق” انتخابي. لكن ما يجمع الرائحة مع الطبق، هو عين “حزب الله” التي تتطلع باهتمام شديد إلى ما ستنتهي إليه الانتخابات النيابية من نتائج التي يريدها نصرالله “انتصاراً” كما أعلن قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني بعد انتخابات عام 2018. وما يؤكد هذا الاهتمام، ردة فعل رئيس كتلة الحزب النيابية محمد رعد في اليوم نفسه لمأدبة إفطار نصرالله، أي في 8 نيسان الماضي حيال عودة السفراء العرب وفي مقدمهم سفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري إلى بيروت في زمن الانتخابات النيابية. ففي برنامج “حديث الساعة” الذي بثّته قناة “المنار” التلفزيونية التابعة للحزب، سئل رعد عن عودة السفير السعودي إلى لبنان، فأجاب: “ما شفتو راح ليرجع… هلّق شخص بيروح بيغيب وبيجي يشمّ الهوا شو بعملوا؟ في سياسات الدولة موجودة، ما غابت السياسات. ما بعرف السعودية شو بدها تعمل؟ قدّيش مستوى اهتمامها بالشأن اللبناني حيكون؟”وسئل: ما هي دلالة العودة عشية الانتخابات النيابية؟ فأجاب: “بكرا منسمع، بدنا نشوف الصيصان شو بدهم يحكوا” في إشارة إلى حلفاء المملكة في لبنان.

أما قناة “المنار”، وفي مقدمة نشرتها الإخبارية في ذلك الوقت، فقالت أنه “وسط تشتت بعض الساحات الواحدة لا يكون مستغرَباً أن تتدخل السفارات لاستدراك الخسائر بالحضور المباشر وإقامة الإفطارات الانتخابية العلنية.”

ما هي الخلاصة المستفادة مما ورد آنفاً؟ في رأي متابعين لشؤون “حزب الله”، إنّ نصرالله شدد أمام باسيل على أن يهتم الأخير بالانتخابات النيابية فقط، وكأنه قال لباسيل بطريقة غير مباشرة أن الانتخابات الرئاسية “ليست من اختصاصك حاليًّا، ركّز فقط على النيابية”، فهل تبلغ رئيس “التيار الحر” رسالة المرشد؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى