أبرز الأخبار

عونيّون سابقون… على طريق النيابة

يخوض أربعة من قدامى التيار الوطني الحر ومناضليه أيّام الوصاية السورية، وما بعدها، معارك انتخابية صعبة جدّاً في دوائرهم. تتقارب الأهداف مع اختلاف وسائل تحقيقها، وربّما الوجهة السياسية لكلّ منهم.

“صانع” ورقة التفاهم مع حزب الله إلى جانب جبران باسيل عام 2006 القيادي السابق في التيار زياد عبس هو اليوم حليف بولا يعقوبيان في بيروت الأولى في تكرار لمشهد عام 2018.

في التجربة الأولى برز مرشّحاً طامحاً على لائحة “كلّنا وطني” عن المقعد الأرثوذكسي. خاضَ السباق مع أملٍ كبير باحتمال الربح بوجه مرشّح القوات عماد واكيم، لكنّ حسابات بولا يعقوبيان أطاحت به قبل حسابات الأخصام.

في استحقاق 2022 ينزل “مرشّح مؤازرة” للمرشّحة سينتيا زرازير المدعومة منه على لائحة “لوطني” عن مقعد الأقليّات. فوزها يعني فوزه، خصوصاً أنّ هذا المقعد في بيروت الأولى هو الهدف الأوّل للوائح المعارضة المشتّتة. “زميلته” على اللائحة بولا يعقوبيان تقف اليوم علناً ضدّ رفاقه في النضال في دائرة بعبدا من خلال دعمها للمرشّح واصف الحركة.

مسار زياد عبس في معارضة القيادة الحزبية لباسيل انتهى بفصله، وبدأ مسيرة انخراطه في حراك المجتمع المدني بدءاً من عام 2015 على خلفيّة أزمة النفايات.

كان يرى في قرارات الفصل المتكرّرة الصادرة عن المجلس التحكيمي تحذيراً للحالة الحزبية غير الخاضعة لسطوة رئيس الحزب. ثبّت انغماسه في حراك المجتمع المدني حين تأكّد أنّ خياره بالانفصال لم يكن عبثيّاً: “التيار الوطني الحر “نسخة” عن ممارسات الأحزاب التقليدية الغاطسة في منافع “السيستم”.

لاحقاً ابتعد حتّى عن “المتمرّدين” على التيار ومشروعهم التغييري بوجه “المعلّم” ميشال عون و”المتسلّق” جبران باسيل، صانعاً بروفيل أراده أن يكون مُتماهياً بالكامل مع “جماعة الحراك”. هنا وجد فيه كثير من الرفاق “جاحداً متنكّراً لأصله” و”متخلّياً حتّى عن أبناء جلده المعارضين والناقمين” والراغبين بقلب الطاولة مثله تماماً.

 

مقاومة… لإغراءات السلطة

في دائرة بعبدا معارضة “خاصّة جدّاً” ولها دلالاتها في السياسة. أبطالها نعيم عون ورمزي كنج على لائحة “بعبدا تنتفض”. حالتان تفضحان السلطة والمعارضة معاً حين تتماهيان بهدف إقصاء مَن يعارض أجندتهما المشتركة.

نعيم عون المرشّح عن أحد المقاعد المارونية الثلاثة في بعبدا يُمثّل حالة “تُدرّس” في إدارة الظهر لإغراءات السلطة يوم ابتعد عن “قصر بعبدا” في لحظة صعود “العونية السياسية” كالصاروخ صوب ملعب السلطة والنفوذ والسيطرة على الكثير من مفاتيح الحكم والتحكّم والانتفاع مع انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية عام 2016.

لم يطرق باب “القصر” ولم يطلب خدمة، لا بل رفض “عروضاً” سلطوية لإسكاته. بدأ مسار المواجهة بصمت بدايةً، ومن خلف الكواليس، ثمّ انتقل إلى ملعب المواجهة. التوقيت السياسي كان الأهمّ حين نُصبح أمام “معركة حياة أو موت”، كما يقول.

خاضَ منازلة “راس براس” مع ميشال عون يوم كان الأخير لا يزال في الرابية على قاعدة “هاتوا نظاماً حزبياً ديمقراطياً غير إقصائي وخذوا رئاسة الحزب وكلّ كراسي السلطة”.

انتهى الأمر بتكريس جبران سطوته داخل التيار واضعاً نظاماً حزبيّاً جَعَله أقرب إلى “كيم جون باسيل” برعاية ومباركة ميشال عون.

خسارة نعيم عون معركة النظام الداخلي للحزب لم تُفرمِل مشروعه النضالي المستمرّ منذ حقبة الوصاية السورية ومعارك النقابات والجامعات وساحات المواجهة وصولاً إلى محطة 17 تشرين. في معاركه ضدّ “حزب الشخص” و”انحراف العهد” بهدف “إسقاط المنظومة”، كان الأساس واحداً بالنسبة له: المبادئ والقناعات. عندها يصبح الربح أو الخسارة أمراً هامشيّاً، وفق تعبيره.

يقف اليوم على أرض بعبدا حيث مقرّ القصر الجمهوري وأحد أهمّ معاقل العونيّة حاملاً مشروعاً متحرّراً من كلّ حسابات شخصية أو حزبية حين يكون الهدف “محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه”، بعدما لم تلقَ صدىً تحذيراتُه من وصول منظومة الحكم، ومعها العهد الشريك في السلطة منذ العام 2005، إلى ما وصلت إليه من انهيار وفقدان للهيبة والقدرة على الحكم.

كنج… عملة نادرة!

شريكه في مسيرة النضال رمزي كنج، ابن الغبيري، وأحد مؤسّسي التيار، يخوض مواجهة مُزنّرة بالألغام. كثر يعرفون القيادي السابق في التيار. هو على تماس مباشر مع الأرض والناس في بقعة حزبية مقفلة لم يغادرها يومها، واختبر “متاريسها” يوم كان ناشطاً عونيّاً في مرحلة الاحتلال السوري.

كاتب لعدّة مقالات تحذّر من الآتي، أهمّها “حذار الرقص على القبور”، رافضاً في كلّ مراحل تدرّجه في حقل الشأن العام المساومة على قناعاته السياسية والوطنية.

اختارت القيادة الحزبية فصله من التيار يوم كان متوجّهاً لدفن والده، بعد مسيرة من النضال الحزبي تكلّلت بترشّحه للانتخابات النيابيّة في 2005 على لائحة التيّار ضدّ التحالف الرباعي حاصداً حوالى 3,000 صوت شيعي. مارس المعارضة الشرسة من الداخل قبل سنوات من فصله، في وقت كان كثر يخطبون ودّ جبران.

في أيام الوئام كان ميشال عون يلقّبه بـ”العملة النادرة”. ربّما لعلم عميق عند الجنرال أنّ مَن هم من قماشة رمزي كنج ونعيم عون قلّة نادرة في تيّاره، “التيار” الذي عاد وتدرّج برئاسة باسيل في “مكاتب” السلطة وتخرّج شريكاً بدرجة “جيّد جداً” في المنظومة الحاكمة.

حين سُئل رمزي كنج عن رأيه في فصله من التيار في تموز 2019 قال: “صدر القرار عن منتحلي صفة. في كلّ الأحوال لم يعد يشرّفني البقاء في حزبٍ قيادته تعتبر “راحة الكلب أهمّ من رأي نائبٍ… والأيّام جايي”. (قال ذلك تعليقاً على صورة نشرها باسيل مُستفزّة جدّاً يبدي فيها انزعاجه من أحد النواب الجالسين قربه لأنّه أزعج كلبه الراغب بالنوم).

“الأيام الجايي”… وها قد أتت. رمزي كنج “المبدئي” مرشّح بوجه مرشّحي حزب الله وحركة أمل علي عمار وفادي علامة وحليفهما التيار الوطني الحر، وبوجه أيضاً مرشّح المعارضة واصف الحركة، الذي تتّهمه لائحة “بعبدا تنتفض” بـ”تفتيته المعارضة وشرذمتها” مصعّباً مهمّة إحداث خرق في دائرة بعبدا. وهو مقتنع بحتميّة اقتلاع المنظومة سبيلاً وحيداً للتغيير.

 

ممثّل عون… ضدّ عون

في كسروان: ابن التيار توفيق سلّوم يخوض منازلة مستحيلة على لائحة فريد هيكل الخازن إلى جانب صديقه النائب شامل روكز.

من ممثّل لميشال عون في قضاء كسروان في مناسبات عدّة إلى مرشح ضدّ التيار. مثله مثل رفاق الدرب المعارضين، هجّ ابن العقيبة من “تيار باسيل” بسبب هشاشة الديمقراطية وضيق مساحة التعبير والتأثير.

عام 2017 كعادته ألهى باسيل المحازبين بانتخابات داخلية استعداداً لاستحقاق 2018. تقدّم خمسة مرشّحين من داخل التيار، توفيق سلوم منهم، إلى الانتخابات التي شملت المحازبين أوّلاً ثمّ الرأي العامّ. وكعادته أيضاً انقلب باسيل على النتائج ورشّح رجل الأعمال روجيه عازار الحزبي الوحيد على اللائحة، لكن من خارج الآليّة، مديراً ظهره لمسرحية الانتخابات الداخلية. وهو الأمر الذي عمّق الشرخ أكثر بين مجموعات المعارضين وباسيل.

 

يقول سلّوم في أحد مقابلاته التلفزيونية: “كان ميشال عون يستمع إلى الجميع ويُجوجل أفكاره ثمّ يتّخذ القرار. لكنّ القيادة الحالية برئاسة باسيل تتصرّف وكأن لا أحد موجود. هناك شخص واحد يقرّر لا غير. هذه العقلية تجب محاربتها أينما وُجدت. لا حزب يديره شخص ولا بلد تديره مجموعة أشخاص منتفعة”.

اساس ميديا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى