أبرز الأخبار

مفاعيل الاستدعاء إلى ضاحية بيروت الجنوبيّة!

كتب رامي الريّس لـ “هنا لبنان”:

لم ينتظر حلف “الممانعة” إنجاز الاستحقاق الانتخابي للملمة صفوفه المشرذمة وإعادة توحيدها، فكانت رعاية “الحزب القائد” للمصالحة السياسيّة بين الطرفيْن اللّذين لم يقصّرا ببعضهما البعض طوال السنوات الماضية قدحاً وذمًّا وحروباً كلاميّةً مستعِرةً فضلاً عن الأوصاف والنعوت التي لم توفّر من المعاجم العربيّة الثريّة الكثير من المصطلحات القاسية مستعيرة أقذعها وأكثرها إهانة وإذلالاً.

عندما يستدعي مرشد الجمهوريّة الحلفاء إلى موقعه السري في ضاحية بيروت الجنوبيّة لا مفرّ من الحضور عند الاستدعاء، فتصغر الأحجام والأوزان وتتساقط على الطريق المؤدّية إلى مكان الاجتماع المجهول- المعلوم، كلّ الشعارات البطوليّة التي يرفعها أولئك الّذين تمّ استدعاؤهم، لا سيّما أنّها لا تعدو كونها مجرّد عباراتٍ سياسيّة استهلاكيّة فارغة لا تنطلي سوى على المريدين والمؤيّدين.

وعلى الطريق إيّاها تنتهي المعارك التي استطالت والتي لا تفسير لها سوى “تناتش” الشارع والمؤيدين من جهة؛ إنّما الأهم هو السباق نحو الكرسي الرئاسي في بعبدا. إذا كان البعض يعتبر نفسه الوريث الشرعي للرئيس الحالي (رغم هجومه التافه والمستمر على الإقطاع)، فإنّ البعض الآخر يعتبر نفسه الأكثر أحقيّة بهذا الموقع بعد سلسلة من التضحيات.

ولكن، مهما وقع الاختلال في موازين القوى السياسيّة المحليّة، ومهما سعت بعض الأطراف لبسط سيطرتها على الواقع الداخلي ومصادرة القرار السيادي؛ لا يمكن التسليم بأن ثمّة لاعب محلي أو إقليمي وحيد يمكن له أن يحسم هذا الخيار. مفاعيل العهد الحالي البائد لا تزال ماثلةً أمام اللبنانيين جميعاً، إذ لولا ما سُمّي بـ “التسوية الرئاسيّة” (وهي كانت من أكثر اللحظات السياسيّة سوءاً في تاريخ لبنان المعاصر وسيدفع اللبنانيون أثمانها لسنواتٍ إلى الأمام) لما وصل عماد الرابية إلى بعبدا.

لم تتمكن قوى الممانعة بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان سنة 2014، رغم جبروتها وفائض قوتها، من أن تستأثر بانتخاب الرّئيس لولا انضمام قوى أخرى إلى ذاك المسار المشؤوم وانتخاب العماد ميشال عون سنة 2016 إلى موقع الرئاسة الأولى. كان لا بدّ من تسوية ما تتيح هذه المشاركة.

من أجل كل ذلك، تكتسب الانتخابات النيابيّة المرتقبة أهميّة استثنائيّة لأنها سوف تترجم موازين قوى جديدة في المجلس النيابي الجديد الذي سيكون من أولى استحقاقاته الداهمة انتخاب رئيس الجمهوريّة الذي تنتهي ولايته في 31 تشرين الأول 2022، وما سيعني عمليّاً فتح المعركة رسميّاً في منتصف شهر آب.

حسناً فعلت بكركي بأن باشرت تهيئة المناخ الوطني العام لهذا الاستحقاق فهي تساهم بذلك في قطع الطريق، ولو بشكل غير مباشر، على أية طروحات جنونيّة لتمديد ولاية الرئيس الحالي الذي تنتظر الأكثرية الساحقة من اللبنانيين التخلص منها لما ولّدته من مآسٍ وكوارث سياسيّة واقتصاديّة واجتماعيّة. كما أنّه يساهم في وضع مواصفات تتلاءم مع التحدّيات التي تفرض نفسها في المرحلة المقبلة وهي كثيرة وعميقة وكبيرة.

ثمّة حاجة حقيقيّة لإعادة تعريف بعض المفاهيم الأساسيّة التي تُبنى عليها الشعبيّة عند بعض الأطراف السياسيّة، خصوصاً تلك المعنيّة مباشرة بالاستحقاق الرئاسي، وفي طليعتها مفهوم “الرئيس القوي”… لماذا لا يُستبدل بالرئيس “المعتدل” مثلاً؟ أليس هذا التوصيف أكثر ملاءمة للواقع اللبناني في تعدّديّته وتنوّعه؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى