أبرز الأخبار

الضاحية “تكسر عون”… “هذا حقك عنا”…؟!

لم ولن يوفّر رئيس الجمهورية ميشال عون وسيلة من أجل إرضاء حزب الله، وان كان ذلك على حساب السيادة وتحلّل الدولة، كما كانت له مواقف واضحة هدفت لإرضائ الحزب ، على غرار ما أعلانه من الفاتيكان بأنه “ليس لحزب الله من تأثير، بأي طريقة، على الواقع الامني للبنانيين في الداخل، وأن الحزب قام بتحرير الجنوب اللبناني من الاحتلال الاسرائيلي، وهو مكون من لبنانيين من الجنوب عانوا من الاحتلال الاسرائيلي، ومقاومة الاحتلال ليست إرهابا”.
كلّ ذلك من أجل تقوية أوراق صهره رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل بالوصول إلى رئاسة الجمهورية، مدعوماً من حزب الله، على غرار ما حصل معه، ولو تطلّب الأمر لاحقاً تعطيل الاستحقاق الرئاسي وإدخال البلاد في الفراغ.

فقد بعث عون من إيطاليا رسالة واضحة للحزب بأن ما أعلنه هو من مواقف دفاعيّة عنه لا يستطيع أن يكررها سوى باسيل، ومن أي موقع أو منبر دوليّ، ولذلك فإن عون يقول لحزب الله، “لا تخطئوا في حساباتكم وادعموا وصول باسيل إلى قصر بعبدا مهما كلّف الأمر من محاولات وما يتبع ذلك من خطوات مماثلة لتلك التي اعتمدت معه قبل وصوله إلى الرئاسة”.

لكن في الوقت ذاته، يبدو واضحا أن التيار الوطني الحر يريد إرجاء الانتخابات لأنه أمام مأزق خماسيّ الأبعاد، وفق التالي:

أولاً، إن التيار الوطني الحر قد لا يحصل على الأكثرية ذاتها التي يملكها حالياً، بما يؤدي إلى تراجع حجمه النيابي الصافي، ناهيك عن صعوبة تشكيل لواىحه في معظم الدواىر المسيحية الواقع …

ثانياً، إن باسيل يسعى لرفع العقوبات المفروضه عليه وفق قانون “ماغنيتكسي” بسبب اتهامه بالفساد، وبدا ذلك من خلال صفقة التراجع عن الخط 29 التي كانت خطوة منه باتجاه واشنطن، رغم أن رفع هذه العقوبات يتطلب مساراً معقدا ، لكن باسيل كان أعلن سابقاً أنه كلف محامين للمراجعة في هذا الأمر، أي أنه بدأ يؤسس لإمكانية رفع هذه العقوبات عنه إذا ما سجّل موقفاً إيجابياً يرضي واشنطن في ملفّ الترسيم، وهو ما تمّ إجهاضه من قبل الثنائي الشيعي وفق مواقف مقتضبة…

ثالثاً، إن تحالف النائب جبران باسيل مع حزب الله للوصول إلى تكتّل نيابي واسع، من شأنه أن يغرقه أكثر في هذا التحالف، ولن يسهل الأمر أبداً إمكانية رفع العقوبات عنه بعيداً عن الآلية القانونية لذلك، والتي تتطلب ملاقاة الإدارة الأميركية بتسهيل رفع هذه العقوبات..|

رابعاً، إن تحالف باسيل مع حركة أمل برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري بعد سلسلة الاتهامات له ، خلقت ردّة فعل في صفوف “التيار” سواء من قبل المحازبين أو المناصرين، بما انعكس تراجعاً على واقعه الشعبي، إضافة إلى انحسار واقع كل الأحزاب بعد ثورة 17 تشرين، اضافة ان اعضاء في تكتل بري النيابي مطلوبان للقضاء بملف المرفاء …

خامساً، يفضّل ثنائي “عون – باسيل” إرجاء الانتخابات لمقاربتها من زاوية أن التيار يملك الأكثرية فيما الانتخابات لن تعيد له هذا الواقع، بما سيؤدي إلى خلط الأوراق، فضلا عن الرفض الذي تواجهه به كل القوى السياسية التي يختلف معها وترفض انتخابه مهما كلّف الأمر من مضاعفات تعطيل الاستحقاق الرئاسي. لذلك يميل عون وباسيل لإرجاء الاستحقاق النيابي، وقد بدا ذلك واضحاً من خلال الإصرار على “الميغاسنتر” وعدم تراجعهما أمام إشكالية مشاركة المنتشرين واستحداث الدائرة 16 واستعمال القضاء لتفجير الواقع المتوتر في البلاد ،بما يفرض ظرفا امنيا يدفع لتأجيل هذا الاستحقاق ..

لكن رغبة عون وباسيل بتطيير الانتخابات تصطدم بعدم رغبة حزب الله ، لأن المشهد التحضيري لهذا الاستحقاق يظهر بوضوح أن الحزب سيكون له حلفاء في الطوائف السنية والدرزية والمسيحية.

إضافة إلى أن التيار، برئاسة باسيل، لن يكون قادراً، بعد تحالفه مع الثنائي الشيعي، على امتلاك هامش في القرار السياسي إذا ما طرح حزب الله أو حلفاء له تعديلات في النظام اللبناني الحالي.

إن حزب الله، وفق المعطيات، مصرّ على إجراء الانتخابات النيابية لأنه سيحصد نواباً أكثر من السابق في كلالمذاهب ، ما يشكل مكسباً نيابياً ومعنوياً وسياسياً له، بما يمكّنه من تغطية اي تعديلات في النظام الحالي بتأييد من حلفائه، انطلاقاً من أن الأكثرية واقعه والميثاقية متوفرة نظراً لوجود التنوع الطائفي.

يبدو واضحاً أن حزب الله لن يراعي عون برغبته في تأجيل الانتخاباتولن يسايره في حساباته الاستراتيجية ،معتبراً أن ما يقدمه رئيس الجمهورية وباسيل من مواقف داعمة للحزب هي حكما ترجمة طبيعية لتحالف مار مخايل عام 2006، وأوصل عون إلى قصر بعبدا. فحزب الله لا يعتبر أنه يحمل ديناً تجاه عون أو باسيل، فالأول أتى به رئيساً مستعملا القوة والتعطيل، فيما جارى الثاني في ملفات عدة حملت منافع له، لذلك لا تراجع بشأن إجراء الانتخابات، وعلى عون وباسيل التراجع عن المطالبة بالإرجاء ووقف محاولات التعطيل ..

لقد بدا واضحاً أن عون الذي أراد التحصن بتحالفه مع حزب الله للوصول إلى بعبدا، لم يستطع يوماً فرض شروطه على الحزب أو يحقق طلباً يتعارض مع حساباته، ولذلك فإن كل ممارساته الاستسلامية تجاه حزب الله لم تعط ثمارها بما له علاقة بإيصال باسيل للرئاسة، حيث بدا واضحا ان الحزب كسره هذه المرة أيضاً، كما في حالات سابقة، سعى من خلالها مع باسيل إلى الظهور بأنهما يمتلكان هامشاً ليتبين لاحقاً أنهما ملحقان بقرار حزب الله، سواء كان استراتيجياً أو سياسياً، أو فيما خص خلافهما مع رئيس مجلس النواب، حيث قدّم الحزب التحالف مع حركة أمل على تأمين مطالب حلفائه، إذ “ضبّ” التيار تحت جناح الثنائي الشيعي في تحالف للاستحقاق النيابي المقبل.

سيمون أبو فاضل- ناشر موقع الكلمة أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى