أخبار محلية

السباق الرئاسي: فرنجية يتقدم على جوزيف عون

الكلمة أون لاين

بولا أسطيح

يُدرك جميع الطامحين لتولي الرئاسة الاولى بعد العماد ميشال عون ان حظوظ حصول الانتخابات في موعدها المحدد في تشرين الاول المقبل تبدو شبه معدومة. فالتعقيدات المحيطة بالملف أكثر من أن تعد وتحصى وهي لا شك لا تقتصر على التعقيدات الداخلية لجهة عدم اتفاق فرقاء الصف الواحد على مرشح أوحد، كما حصل في الانتخابات الاخيرة، بل تتعداها لتعقيدات خارجية شتى، تبدأ بسياسة اللامبالاة التي تنتهجها دول الخليج تجاه الملف اللبناني، تمر بالسياسة الاميركية المتقلبة وعدم وجود مرشح وحيد للاميركيين في لبنان، وصولا للمفاوضات النووية الايرانية ونتائجها وتداعياتها على لبنان، الحرب الروسية على اوكرانيا وما اذا كانت ستتطور لحرب كبرى، اضافة لدور سوري بدأ يتبلور لبنانيا ينذر بعودة نفوذ دمشق في بيروت.

واذا كان معظم المرشحين الطبيعيين للرئاسة يلجأون لاسطوانة “من المبكر الحديث عن الموضوع وانه لا يمكن الجزم قبل اشهر بالمرشح الاكثر حظوظا”، الا ان ما هو محسوم انهم جميعا بدأوا يستعدون للاستحقاق ويعدون العدة والسلاح الثقيل للمعركة التي يرجح ان تحتدم مباشرة بعد الانتخابات النيابية خاصة وان اكثر من طرف يعول على التكتلات

النيابية الجديدة للدفع قدما بترشيحه وبخاصة رئيس حزب “القوات” سمير جعجع ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل اللذين سيتمسكان بأحقية صاحب أكبر كتلة مسيحية بالرئاسة.

الا ان اسهم جعجع وباسيل الرئاسية، ورغم حتمية ان احدهما سيكون صاحب اكبر كتلة مسيحية لا تبدو مرتفعة لعدة اسباب، اولها ان تجربة الرئيس “القوي” (صاحب اكبر كتلة مسيحية) لم تكن مشجعة على الاطلاق مع فشل او افشال عهد الرئيس عون، ما سيدفع المرشحين الرئاسيين الآخرين لاتخاذها حجة للتسويق لأنفسهم خارج اطار الكتل النيابية الفضفاضة.

وليس خافيا ان جعجع نفسه يدرك ان حظوظه بالرئاسة قليلة جدا ان لم نقل معدومة. وهو ما دفعه للتصريح في حزيران الماضي:”سنكون أكبر كتلة مسيحية ولن ينتخبوني رئيساً”. ويدرك جعجع ان هناك فيتو كبير بوجهه من قبل حزب الله يمنع وصوله الى سدة الرئاسة اقله في المرحلة الحالية ووفق الظروف الراهنة التي تفرض ان يأتي اي رئيس توافقيا او بتسوية كبيرة كما حصل مع انتخاب العماد عون.

اما عن حظوظ باسيل الرئاسية فهي الاخرى متدنية لاعتبارات عدة ابرزها العقوبات الاميركية التي يقوم بالمستحيل لاسقاطها، ولفت الحديث مؤخرا عن صفقة يتم الاعداد لها تقضي بالسير بالخط ٢٣ بملف الترسيم البحري مقابل اسقاط واشنطن هذه العقوبات، من دون ان يتضح حتى الساعة مصير هكذا صفقة. ولعل ما يجعل من المستبعد تبوؤ باسيل كرسي الرئاسة مباشرة بعد العماد عون هو ان كثيرين اعتبروا انه كان شريكا اساسيا في هذا العهد وبالتالي الفشل يتحمل هو مسؤوليته بجزء كبير، ما يجعل من غير المنطقي تكرار التجربة فور انتهائها! اضافة للعاملين السابق ذكرهما، هناك عامل اساسي يجعل حظوظ باسيل الرئاسية متدنية الا وهو دعم حزب الله الذي كان مطلقا لعون ما ادى لفرضه بطريقة او بأخرى رئيسا بعد فراغ استمر عامين ونصف… هذا الدعم لا يبدو متوفرا لباسيل.. فبالرغم من خوض الفريقين الانتخابات النيابية المرتقبة يدا بيد وسعي الحزب للتقليل قدر الامكان من حجم الخسارات التي قد يتكبدها “التيار”، الا ان الخلافات بينهما والتي بلغت حدا قياسيا في السنوات الماضية وكادت تؤدي لانفراط عقد التحالف السياسي المستمر بينهما منذ العام ٢٠٠٦، كما ام ان علاقة حزب الله برئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية والذي يشعر اليوم ان الحزب ملزم بدعمه بعد دعم عون في الانتخابات الماضية، كل ذلك يجعل رئيس “المردة” متقدما على باسيل رئاسيا ايا كانت النتائج التي سيحققها الطرفان في الانتخابات المقبلة.

ولا يجد فرنجية حاليا من ينافسه جديا على الرئاسة المقبلة الا قائد الجيش العماد جوزيف عون الذي نسج علاقات ممتازة مع كل القوى اللبنانية وقسم كبير من القوى الدولية. وهو حتى الامس القريب كان متفوقا على كل المرشحين الرئاسيين، الا ان خروج امين عام حزب الله ليتهم علنا قيادة الجيش بالانصياع الى الاوامر الاميركية عاد ليجعل فرنجية متصدرا السباق.

الا ان مصادر سياسية واسعة الاطلاع تعتبر ان المشهد الحالي قد ينقلب رأسا على عقب وبخاصة في حال التوصل لاتفاق حول برنامج ايران النووي ما يؤدي تلقائيا الى تراجع حدة الكباش بين حزب الله وواشنطن، ما يعيد تلقائيا تعويم قائد الجيش ويعزز حظوظه الرئاسية. وتعتبر المصادر ان انتخاب رئيس للبلاد يبدو مستبعدا جدا في تشرين الاول المقبل، مرجحة ان ندخل مرحلة فراغ رئاسي طويل، بات الجميع يستعد له ويرسم خططه السياسية على اساسه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى