أخبار محلية

هذا ما يزعج تل أبيب لبنانياً

عندما بدأت المناوشات الصاروخية الجنوبية في 8 تشرين الأول من العام الماضي كان كل من “حزب الله” وجيش العدو الإسرائيلي ملتزمين حدودهما من ضمن معادلة “قواعد الاشتباك” من دون أن يفهم أحد ما هو المعنى الحقيقي لهذا المصطلح، الذي أسقطته إسرائيل تباعًا وتدريجيًا حتى وصل بها الأمر إلى حدّ التهديد باجتياح لبنان إن لم يوقف “الحزب” عملياته الموجعة، والتي تستهدف المواقع العسكرية والمستوطنات الشمالية. ويسبق هذه التهديدات، التي يخشى أن تصبح واقعًا مفروضًا، ما بلغه التصعيد الإسرائيلي ضد “حزب الله” من مدى غير مسبوق، حتى أنه لاحق عناصره حتى حلب فسقط له فيها شهداء، من دون أن يوضح أحد ما هي المهمة التي كانوا مكلفين بها هناك.
ويلاحظ أن القيادة العسكرية الإسرائيلية بدأت منذ فترة توسيع دائرة استهدافاتها، فبلغت اعتداءاتها مناطق خارج نطاق ما يُعرف بـ “قواعد الاشتباك، حيث كانت المناوشات محصورة في بقعة جغرافية متفاهم عليها، ولو بغير المباشر.
ويُستّشف من هذه الاستهدافات أن إسرائيل تخطّط لما هو أبعد منها، أقّله في محاولة لإفهام الاميركيين أن الضغط، الذي يمارسونها عليها في عملية لي ذراعها في قطاع غزة، ومنعها من اجتياح رفح، مع ما يعني ذلك من سقوط المزيد من الضحايا من بين المدنيين، لن يصلح عندما تتحدّث عن جبهتها الشمالية، وضرورة حماية أمن المستوطنات الشمالية وإعادة المستوطنين إليها في أسرع وقت، وأن هذا الهدف لن يتحقّق إلاّ إذا فُرض على “حزب الله” التراجع إلى ما وراء نهر الليطاني، إمّا عن طريق التفاوض غير المباشر بواسطة الأمم المتحدة، وبرعاية أميركية، وإمّا بشنّ حرب على لبنان تكون شبيهة بالحرب التي يتعرّض لها قطاع غزة.
في الشق الأول المتعلق بالتفاوض فإن موقف “حزب الله” واضح، وهو ليس في وارد وقف عملياته ما لم تعلن إسرائيل وقف إطلاق النار في غزة، وما لم تلتزم بالقرار الأخير لمجلس الأمن الدولي بـ “قبة باط” أميركية، وما لم تعلن تل أبيب موافقتها على الشرو ط اللبنانية بما يخصّ تثبيت ترسيم الحدود البرية، بما فيها مزارع شبعا وكفرشوبا.
أمّا في ما يتعلق بالتهديدات اليومية بإقدام إسرائيل على اجتياح لبنان، فإن تل أبيب تعرف، كما تقول أوساط مقربة من “حارة حريك”، أن أي مغامرة في اتجاه لبنان ستكون كلفتها مرتفعة جدًّا، بحيث أن لدى “حزب الله” قوة صاروخية كافية لجعل أمن كل شبر من الأراضي التي تحتلها إسرائيل مهتزًّا تمامًا كما هي الحال اليوم في الشمال الإسرائيلي، وأن اجتياح لبنان لن يكون بمثابة نزهة كما حصل عندما اجتاحت إسرائيل لبنان في العام 1982 ووصلت إلى أول عاصمة عربية في ظرف لم يتعدّ أسبوعًا. فمعادلة الأمس هي غير معادلة اليوم. وقد يكون ما تعرّض له جنود الاحتلال في حرب 2006 نموذجًا مصغرًّا عما يمكن أن يتعرّضوا له اليوم، بعدما أصبحت خبرات مجاهدي “المقاومة الإسلامية” مضاعفة نتيجة ما اكتسبوه من خبرات قتالية في حرب الشوارع السورية ضد تنظيم “داعش”؛ وهذه خبرات، كما تقول تلك الأوساط ستكون كافية لردع إسرائيل في تحقيق ما تسعى إليه. أمّا إذا استعاضت عن الاجتياح البرّي المكلف بشّن غارات واسعة في العمق اللبناني فإن إيلات على سبيل المثال لن تكون آمنة، وهي التي تبعد عن الحدود مع لبنان مئات الكيلومترات.
وتعتبر هذه الأوساط أن تصفية إسرائيل حساباتها مع واشنطن لن يكون على حساب لبنان على الاطلاق، وأن الساحة اللبنانية لن تكون بديلًا تعويضيًا عن ساحات أخرى، وأن أي محاولة لجرّ “حزب الله” إلى مواجهة أوسع ستبوء بالفشل، خصوصًا أن “حارة حريك” تلقت بعض الإشارات الدولية الإيجابية بالنسبة إلى قدرتها على ضبط النفس وعدم إعطاء إسرائيل أي حجة إضافية لتوسيع نطاق حربها. وهذا الأمر قد أزعج الإسرائيليين كثيرًا. ولهذا السبب سيحاولون تعكير الأجواء، وعدم السماح بأن يبصر أي اتفاق أميركي – إيراني النور، خصوصًا إذا كان من بين أهدافه إيجاد تسوية في فلسطين المحتلة بما يشبه “حل الدولتين”.
المصدر: “لبنان 24”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى