أبرز الأخباربأقلامهم

تحالف مار مخايل : منتصر… ومهزوم

 

المحامي لوسيان عون

بدأت انعكاسات الحرب الباردة بين التيار الوطني الحر وحزب الله على ارض الواقع والتي جاءت نتيجة توتر العلاقة بين الفريقين والتصاريح النارية لقيادات التيار مجتمعة والقاضية بضرورة اعادة النظر بالعلاقة بينهما وبتفاهم مار مخايل برمته، ما اثبت ان قراراً صدر من اعلى الهرم في التيار وبموافقة اركانه بإعادة النظر جذرياً بالعلاقة التي فجرت الخلافات بين اهل البيت العوني والتي كان يسعى قياديوه للملمة شظاياها، لكن الكوب انكسر ولم يعد بامكان اي من هذه القيادات تضميد الجراح واقناع اعضاء التيار ان حزب الله لم يكن الوحيد الذي استفاد من هذه العلاقة منذ العام ٢٠٠٦ فيما التيار باركانه وقاعدته وعهده دفعوا من رصيدهم الكثير الكثير لاستمرار التفاهم لمزيد من الوقت ودفع كمّ من الشماتة والشتائم في وجه التيار، واعتبار ما اقر يوماً في كنيسة مار مخايل خطأ تاريخياً لم يستفد الاخير منه الا الاحتراق في آتون وهم التمتع بكرسي لم تجلب له سوى الانتكاسات والمآسي والافلاس وخيبات الامل بينما خرج الحزب منتصراً من هذه المعركة وهو اليوم يعيش على صهوة حصان ابيض جنوباً متباهياً بان مقاومته ” إسلامية” وفضله سابق على الجميع في ردع العدو منفرداً في حين بقي التيار متفرجاً ولم يسقط له شهيد واحد في هذه المعركة التي لم يخضها الا بالكلام فقط.

من هنا انقلب المشهد وانقلبت معه التحالفات على خلفية عدم دعم السيد نصرالله لرئيس التيار للوصول الى بعبدا، وهو آثر ابلاغه وجهاً لوجه بانه يدعم زعيم المردة للرئاسة علناً،
لقد انطلق الخلاف بين الفريقين ليبلغ اوجه باعلان الطلاق بعد علاقة استمرت ثمانية عشرة عاماً

شابها الاطراء والود، لكن في السياسة مصالح، ولو ان الفراق مكلف جداً، وإن كانت فاتورة الفراق باهظة على التيار وسيسدد اكلافها يوم الاستحقاق الانتخابي فيما رصيد الحزب ثابت بعلاقة ام بعد فراق وهي تتعزز اليوم ربما طالما يعتبر انه يهدي انتصارات لشعبه وجمهوره وهو بصدد تجميع ارصدتها للكسب في صناديق الإقتراع.
لكن القصة لم تتوقف عند هذا الحد، بل التداعيات كثيرة وطويلة بدأت تعطي مؤشرات ارتدادية خاصة في المناطق التي تضم اكثرية مسيحية حيث تم رصد شد اواصر التعاون الميداني بين لجان التيار والقوات والكتائب والارمن في مجال الحراسة الليلية والسهر على امن المواطنين، وقد بوشر بذلك في مناطق النبعة وبرج حمود والدورة وسن الفيل، وهو لم يكن سائداً من قبل، وذلك للتصدي للخلل الامني الذي تشهده المناطق اللبنانية سيما من جهة اعتداءات بعض اللاجئين السوريين وهو ينسحب على عدد من القرى العكارية والشمالية وسواها مع ما تطلب من تنسيق مع الاجهزة الامنية والبلديات المعنية.
ما كان محرماً من قبل بات جائزاً اليوم، وفي السياسة كل شيء وارد بعدما وجد التيار نفسه في عزلة، عادى في خلالها كل القوى السياسية متسلحاً بتحالف مار مخايل، لكن في نظره تركه الحزب في منتصف الطريق، يصارع في سبيل البقاء بينما الحزب لم يكن بحاجة لحليف لم يغدق له يوماً بندقية ولا صاروخاً، بل خيّل الى التيار ان مساندته كانت تشكل مقابلها رافعة لاكثر من عهد ( عهد الرئيس عون) لكن انتهى مفعولها بحلول ٣٠ تشرين من العام ٢٠٢٢.
من اليوم وحتى الاستحقاق الانتخابي، لحزب الله حلفاء، لكن ليس للتيار حليف، بل وجب عليه البحث عن نسج تحالفات ترتكز على مبادىء واسس جديدة،
فمن أين يستنبط المزيد منها، وقد استنفد الكثير من العناوين والشعارات المتناقضة التي أسقطتها الاحداث المتعاقبة ولم تعد تصلح للايام المقبلة ناهيك من المؤسسين والكوادر والأنصار والمحازبين كرمى عيون ” المقاومة” .
إستدارة ل ١٨٠ درجة تبدو مكلفة بعد طول تجارب، شماتات من هنا ولوم من هناك، فما ينتظر التيار الكثير، منها استقالات نتيجة الإخفاقات المتكررة، ومنها اليأس من التجارب المكلفة التي دفع ثمنها المجتمع المسيحي تنكيلاً وهجرة وتدميراً وإقصاء من الحياة السياسية دون ان تردع ذلك التحالفات الهشة العقيمة، لكن وصمة العار الكبرى التي سوف تبقى على جبين التيار البرتقالي بعد تولي رئيس عوني “قوي” مقاليد السلطة، لكن استفاد من ذاك الظرف المؤاتي فأجهز “الحلفاء” على مقدرات الوطن فحولوه الى هيكل عظمي، وحرموا التيار المطالبة بالحكم لاجيال واجيال بعد اليوم نتيجة حروب خاسرة وحكم بائد سلّم خلال عهده مقاليده باليد للفاسدين والمختلسين دون تجرئه على محاكمة فاسد واحد او مجرم واحد.
في القيادة رهان، نجاح أم فشل ،وإن لم يحاسب القائد على إخفاقه، تاريخ لن يرحم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى