أبرز الأخبار

انقلاب عون: أميركا تدفع حزب الله للسيطرة على لبنان؟

تتسع دوامة الجنون. ووصل لبنان إلى حافة، وقد ينزلق إلى هوة سحيقة، تتجاوز الانهيار المالي والاقتصادي. والمنزلق أصبح جاهزاً لانفجار غير واضح المعالم. والبلد يعيش في سباق مع الوقت، بين نضوج تسوية كبرى تنعكس داخلياً تسويات متعددة أو مرحلية، أو الانحدار نحو انهيار شامل، يسقط لبنان كله في يد حزب الله، وبعدها يبدأ الحديث.

مصنع صواريخ
واحتمال الوصول إلى تسوية ضعيف، لكنه قائم في حال إبرام الاتفاق النووي بين طهران وواشنطن، وبدء الحديث في الملفات الإقليمية. لكن لبنان يمكث في آخر سلّم الأولويات. أما معالم الانفجار فتتكاثر: السيد حسن نصر الله أعلن عن تحويل البلد إلى مصنع لتصنيع الصواريخ الدقيقة والطائرات المسيرة.
إنه التطور العسكري الأخطر الذي يعلنه نصر الله، في تحدّ لإسرائيل والمجتمع الدولي الذي فاوض لبنان سابقاً على تفكيك الصواريخ الدقيقة. والجميع يعلم أن سلاح حزب الله العادي في لبنان لم يعد مشكلة لأي جهة دولية. وينصب الاهتمام على السلاح النوعي والدقيق. وأن يعلن نصر الله هذا الموقف، يعني رفعه سقف التحدي السياسي، إن لم تكن لذلك تبعات عسكرية.

حزب يستأجر حكومة ودولة
يعرف حزب الله أنه لن يتمكن من الإمساك بالسلطة في لبنان إمساكاً كاملاً، لأن كوارثها تُسقِط عليه مسؤليات وتكبله. ما يريده هو تسوية مع خصومه الذين يريد تحميلهم المسؤولية عن الدولة ومفاسدها، وليبقى يحمّلهم المسؤولية ويدينهم من أعمالهم، وهو على علاقة تشاركية وإياهم.

وهناك وجهة نظر تلقى موافقة خارجية، وتحديداً أميركية- سعودية: ترك لبنان يسقط في يد حزب الله، ولو من طريق الانتخابات النيابية، التي قد تعيد إنتاج الأكثرية لصالح الحزب عينه. وحينها يصبح في وضع لا يحسد عليه.

وهذا كله يفسر تمسك حزب الله بسعد الحريري رئيساً للحكومة إبان انتفاضة تشرين، ومطالبته بعودته بعد استقالته على وقع التظاهرات، وإصراره على أن يحظى أي رئيس للحكومة بمباركة سنيّة، وحريرية تحديداً. وقد يتكرر هذا بعد الانتخابات. لأن استمرار الانهيار بلا تغطية من حكومة، يؤدي إلى تحمل حزب الله وحلفائه وحدهم المسؤولية. لذا يحتاج الحزب إياه إلى شركاء.

حرب على الحريرية والعرب
وفي هذا الوقت تكاد المؤسسات اللبنانية تنفجر من داخلها: رئيس الجمهورية ميشال عون أعلن الحرب على الجميع. أجهزة أمنية وُضعت في مواجهة بعضها البعض. يريد القبول بتوقيف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، محاكمته أو إقالته، والاتفاق على بديل، وإلا يجري الادعاء على مدير عام قوى الأمن الداخلي.

إنها معركة ضد مواقع الحريرية، وجزء من انقلاب داخل الدولة العميقة، يُستكمل بطرح تعيينات أمنية وعسكرية وقضائية موالية لعون. وهذه الحرب العونية، يقابلها لدى حزب الله كلام أمينه العام على حفاظه على الهوية اللبنانية من خلال “صراع الحضارات” الذي يخوضه، مع صراع البقاء والوجود ضد الدول العربية.

وإذا كان عون يتولى الهجوم على حاكم مصرف لبنان، وقيادة قوى الأمن الداخلي، ويسعى إلى تطويق رئيس مجلس القضاء الأعلى أو تغييره، فإن حزب الله يتولى الهجوم على الجيش من بوابة المساعدات الأميركية، والدعوة إلى عدم حصر علاقات الجيش بالأميركيين. وما كلام نصر الله عن مشاريع البناء والإعمار والتعليم والصحة لدى حزبه، وغيابها عند الآخرين، إلا شكل من أشكال “صراع الحضارات” والتوجه شرقاً.

تصعيد ومساومات
إنه التصعيد ما قبل الوصول إلى لحظة الاستحقاق: إما إجراء الانتخابات والدخول في تسوية، تكون قد جهّزت الأرضية لها إقليمياً أو دولياً، وإما تأجيل الانتخابات والمزيد من الانهيارات. الاحتمالان قائمان في حسابات القوى السياسية المختلفة، وجميعها تفاوض على مرحلة ما بعد الانتخابات، أو الذهاب في حال تأجيلها إلى تمديد للرئيس ورفع العقوبات عن جبران باسيل مقابل ترسيم الحدود.

والمعادلات اللبنانية مفتوحة على مساومات إقليمية ودولية. أميركا هي الأساس. وإيران لها مشروعها المعروف. والفرنسيون يريدون العودة إلى الشراكة في عمليات التنقيب عن النفط مع الأميركيين وشركات عربية. وحفظ الفرنسيون حصتهم في مرفأ بيروت وطرابلس. وهم يسعون لتحقيق ما يريدونه في المصرف المركزي، برفعهم الغطاء عن سلامة والطلب من ميقاتي عدم الدفاع عنه، لأن هناك ملفات قضائية جديدة ضده.

لكن الكلمة الأميركية الأخيرة لم تقل بعد في هذا الخصوص. أسابيع حافلة بكثير من التطورات والتحولات، وتنجم عنها تغيرات كثيرة.

 

المصدر: جريدة المدن الألكترونيّة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى