أبرز الأخبار

الأمان المهدّد.. التفاصيل الخفية لعملية اختراق مطار بيروت

الكاتب: شربل صفير/ جسور

فضيحة كبرى في مطار بيروت الدولي شغلت اللبنانيين خلال الساعات الماضية، حيث تعرضت الشاشات الإلكترونية التي تعرض مواعيد المغادرة والوصول الى قرصنة إلكترونية ظهرت معها على الشاشات رسائل إلى “حزب الله” وأمينه العام السيد حسن نصر الله، تُطالبهما بعدم إقحام لبنان في حرب وتتهمهما بإدخال السلاح عبر المطار.

وفي التفاصيل، تقول الرسائل المكتوبة بالعامية اللبنانية: “مطار رفيق الحريري ليس مطار حزب الله وإيران“.

وتضيف: “يا حسن نصر الله لن تجد نصيرًا إذا ابتليت لبنان بحرب تتحمّل مسؤولياتها وتبعاتها (…) يا حزب الله لن نقاتل نيابة عن أحد”.

“أيادٍ إسرائيلية”؟ 

ووجّهت شركة طيران الشرق الأوسط رسالة إلى المسافرين بشأن العطل الذي طال شاشات المطار، قالت فيه: “إثر تعطيل مطار بيروت على المسافرين التقيد بالإرشادات الأمنية”.

وألمح مصدر أمني لبناني إلى اشتباه بوجود “أيادٍ إسرائيلية” وراء هذا العمل، خصوصًا أن المجموعة المذكورة نفت بشدة وقوفها وراء الإختراق، قائلاً: “أمامنا الكثير من العمل قبل التمكن من رسم صورة واضحة”.

وترافقت القرصنة مع رسائل قصيرة وصلت إلى هواتف اللبنانيين باسم شركة “طيران الشرق الأوسط” تشير إلى “تعطل مطار بيروت، وأن شعبة الأمن تقوم بواجبها لتحويل السير عن طريق المطار”، وهو ما نفته الشركة لاحقًا، وأكدت أن رحلاتها مستمرة.

جهل وإهمال

وفي هذا الإطار، أشار الخبير في التحول الرقمي وأمن المعلومات، رولان أبي نجم، في لـ “جسور” إلى نقاط الخلل والضعف الذي اعترف فيه وزير الإتصال جورج القرم سابقًا كما مدير عام هيئة “أوجيرو” عماد كريدية، لجهة أنّ شبكة الإنترنت لم تخضع للصيانة منذ أكثر من خمس سنوات، سائلًا:” إن كانت الشبكة تخضع لتعديلات وتحديثات يومية وتتعرض للاختراق فكيف الحال بشبكة لم تُصن منذ سنوات؟“.

وقال أبي نجم إنّ مطار بيروت كما كلّ المؤسسات في الدولة والشبكات، إنه متآكل.

ورأى أنّ ما حصل في المطار يستدعي طرح عدّة أسئلة على وزارة الأشغال سيما بعد تصريح وزير الأشغال حمية عن أنّ المرحلة المقبلة ستشهد تحديثات إضافية على برامج المطار سائلًا: هل كنا ننتظر الخرق حتى نبدأ بالتحديثات وتعزيز الأمن السيبراني؟

وفي تفاصيل الخرق يتضح أيضًا وفقًا لأبي نجم غياب الوعي و”قلة المسؤولية” حيث تبيّن أنّ كلّ البرامج في المطار موصولة على نفس “السيرفير” ما يعني أنّ خرق برنامج واحد أدى إلى اختراق كلّ شيء في المطار بهذه السهولة ما يعكس الجهل أو الإهمال الحاصل.

وتشير المعلومات الأولية إلى أنّ الاختراق تمّ عبر “Exchange Server” ويقول أبي نجم إنّ ٩٥٪ من الخروقات في العالم تتمّ عبر الإيمايلات متسائلًا عما إذا كان العاملون في المطار قد خضعوا لدورات تدريبية فيما يتعلّق بالأمن السيبراني، لافتا إلى أنّ مطار بن غوريون الإسرائيلي لم يُخترق بل كانت المعلومة عبارة عن رسالة من الحزب مفادها بأن إسرائيل اخترقت مطار بيروت ليتبيّن فيما بعد أنه تم أيضا اختراق مطار بن غوريون.

 

كيف تمت عملية الإختراق؟

 

خبراء بالأمن السيبراني يشرحون 3 احتمالات استطاع من خلال المخترقون أن يصلوا إلى شاشات المطار.

 

الإحتمال الأول يتلخّص بوصول هؤلاء إلى الشبكة الداخلية للمطار من خلال هجوم سيبراني مكّنهم من الوصول إلى نظام الشاشات والتحكم به، وهذا الإحتمال، يعني الوصول إلى معلومات المطار والداتا الخاصة بالمسافرين، إلا أنّه الإحتمال الأقل تقديراً.

 

الإحتمال الثاني حسب الخبراء قد يتمثل باختراق جهاز أحد الموظفين، الذي لديه صلاحية الوصول إلى نظام عرض المعلومات على الشاشات من خلال عمليةٍ تُعرف بإسم Social engineering attack.

 

أما الإحتمال الثالث، والذي يُقدّر حصوله من قبل الخبراء أكثر من أي احتمال آخر فيتمثل باختراق من داخل المطار، من خلال قيام أحد الموظفين باستغلال صلاحية الوصول إلى النظام، واستخدامها بشكل غير قانوني، إن كان من خلال قيامه هو بالأمر شخصيًا، أو من خلال تمرير الصلاحية لشخص آخر.

 

ويوضح آخرون أنّ الفرضية الجدية التي تستحق المتابعة حول ما جرى في مطار بيروت هو ان المهربين قاموا بعملية تمويه بهدف تعطيل نظام تفتيش الحقائب (السكانر) وذلك بغية تهريب بضائع عبر الحقائب، علمًا أنً هناك معلومات تقول إنّ الجمارك التركية أرسلت كتابًا إلى الجمارك اللبنانية تحذّر فيه من بضائع تجارية بكميات كبيرة يتم تهريبها عبر حقائب المسافرين على متن رحلات طيران الشرق الأوسط.

 

الغموض يكتنف الأمر

وفي انتظار أن يصدر عن الجهات الرسمية المعنية توضيح لما حصل، خصوصا في ظل المعلومات عن توقيفات على ذمة التحقيق في القضية، رغم “تنطّح” البعض من غير المعنيين للنفي، كان لافتا ما أكده وزير الاشغال العامة والنقل علي حمية، معلنًا أن الإختراق الذي استهداف مطار بيروت أمس أحدث أضراراً والقوى الأمنية ستقوم بإستكمال تحقيقاتها لتحديد كيف حصل الخرق ومصدره.

 

حمية، وفي مؤتمر صحافي عقده في المديرية العامة للطيران المدني، تناول فيه ما حصل من خرق لشاشات العمل وتعطّل نظام جرارات الحقائب، والإجراءات والتدابير الفورية التي اتخذت وتتم متابعتها لإعادة أنظمة العمل إلى وضعها الطبيعي في مطار رفيق الحريري الدولي – بيروت، أعلن أنه حتى الساعة لم يتم تحديد طبيعة الاختراق. وأضاف: “لا أستطيع أن أقدّم أي إجابة بشأن ما إذا كان الخرق في المطار قد حصل من الداخل أو الخارج“.

 

وأكد أنه لم يحدث أيّ تأخير في حركة الطائرات إثر حادثة الخرق وسجلنا مغادرة 3000 مغادر خلال الساعات الماضية، والخرق لن يؤثر على حركة الطيران.

 

وأوضح ان مصدر الاختراق لا يمكن أن نجيب عليه حالياً والجهات المختصة تتابع تفاصيله، مشيراً إلى أن 90% من الأعمال عادت إلى طبيعتها والمطار مستمر في عمله وقمنا بحصر الأضرار الناجمة عن عملية الخرق.

 

وإذ لفت إلى أن لا توقيفات حتى الساعة، جدّد التأكيد انه من خلال نوعية الخرق يمكن تحديد مصدره والأجهزة الأمنية تتابع التفاصيل والتحقيقات، مضيفاً: “لم نحدّد بعد الجهة المسؤولة وإسرائيل عدوّ مطلق.

 

وأشار إلى أن 70 % من شاشات المطار عادت للعمل بشكل طبيعي.

هل كانت هناك “تهريبة”؟

وفي هذا الإطار، كانت لافتًا ما كتبه النائب الياس حنكش في منشور على حسابه عبر منصة “اكس”: “بغض النظر من فعلها وإن كنا سيصل التحقيق إلى الفاعل الحقيقي أم لا“.

وأضاف، “ما حصل اليوم في مطار بيروت، يؤكد المؤكد مرة أخرى، لبنان بحاجة لمطار ثانٍ (مطار حامات)”.

وفي اتصال مع “جسور”، أوضح حنكش أن موضوع المطالبة بمطار جديد قديم جديد، لما له من استفادة إنمائية، معتبرًا أنّ القرصنة ممكنة في كل دول العالم ولكن تراكم المشاكل في مطار رفيق الحريري الدولي والتحذيرات من النواب على مدى 10 سنوات عن موضوع أمن المطار والأمن القومي، كلها تترك لنا علامات استفهام كثيرة حول ما يجري في المطار.

وأضاف: “جميعنا نتذكّر مشكلة المطمر إلى جانب المطار حيث شكّلت الطيور مشكلة على سلامة الطيران إضافة الى مشاكل أخرى كثرة، كل هذه الأمور أعطت مجددا صورة غير مطمئنة عن مطار بيروت واستباحة الأمن السيبراني تترك لنا شكوكا حول ما إذا كانت هناك “تهريبة” في وقت القرصنة وأشدّ على يد الأجهزة التي تقوم بكل ما تستطيع ولكن هناك جو معين من استباحة السيادة وتجاوز الاجهزة يضع علامات استفهام وكلنا يذكر أن اغتيالات عدة بدأت بالمطار رغم التدابير وهنا نستذكر اغتيال جبران تويني”.

وشدّد حنكش على أنّ هناك حاجة إلى حلول لامركزية في ملف المطار والمشكلة تعالج بإيجاد مطار آخر وعلينا أن يكون لنا خطة “ب” دائما وقال: “إنّ الحلول اللامركزية تفرض نفسها وكل شيء يسير في البلد بحلول لامركزية فأي منطقة ليس لها أمن خاص او خدمات خاصة”.

وأكد أن كل التفكّك الحاصل في مختلف القطاعات يدفعنا باتجاه حلول لامركزية وأهمها موضوع المطار.

وردًا على سؤال، رأى حنكش أنّ “الهاكر” في البلد واحد، هذا الهاكر يخطف البلد معتبرًا أنه لا يمكن أن نربط مصير بلد مفلس بمعارك وحروب وأجندات لا تخصّ لبنان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى