أبرز الأخبار

أبرز ما تناولته الصحف الصادرة اليوم الخميس ١٤/١٢/٢٠٢٣

 

 أبرز ما تناولته الصحف اليوم الخميس ١٤ / ١٢ / ٢٠٢٣

كتبت النهار

كان “حزب الله” مضطراً لأن ينتظر مرور أكثر من شهر على تقويض إسرائيل للهدنة الإنسانية المحدودة في غزة، لكي يكشف أخيراً على نحو حازم عن خياراته الحقيقية للمرحلة المقبلة وخصوصاً ما يتصل بتطورات الموقف على الحدود الجنوبية الملتهبة منذ الثامن من تشرين الأول الماضي وما ينبثق عنه من عروض وطروحات ويضع تالياً حداً لسيل التكهّنات والافتراضات خلال الأسابيع القليلة الماضية. وأتى كشف الحزب عن أوراقه وتصوّراته على لسان الرجل الثاني في هرم القيادة فيه أي نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم إذ ركز في إطلالة أخيرة له على جملة أمور مفصلية أبرزها:

– أن الجبهة الساخنة في لبنان ستبقى مفتوحة ما دامت إسرائيل تواصل عدوانها على غزة.

– أن الحزب لن يرضخ لأي إشارة من أي جهة تتحدث عن تسوية أو إضعاف أو إنهاء لسلاح الحزب “ولن تنفع معنا التهديدات ولا الإغراءات ولسنا في وارد أن نناقش مع أحد أي وضعية للجنوب اللبناني ما دام العدوان على غزة مستمراً. وعندما يتوقف هذا العدوان فساعتها لكل حادث حديث إذ سنرى ما الذي يتطلب نقاشاً وما هو خارج دائرة أي نقاش”.

– ليس معلوماً الآن ما إن كانت وتيرة القتال على الجبهة الجنوبية ستبقى تتأرجح صعوداً ونزولاً في الدائرة المحدودة، فهذا الأمر مرتبط بتطورات الميدان وما يمكن أن تتخذه إسرائيل من قرارات.

ثمة مصادر على صلة بالعقل الاستراتيجي للحزب ترى أن النقاط التي أدرجها الشيخ قاسم في خطابه هي بمثابة “فصل المقال” ونهاية لمرحلة طويلة نسبياً من التأويل والتكهن، وأنها أيضاً عبارة عن استنتاج آني ومستقبلي توصّلت إليه أخيراً دوائر القرار في الحزب.

لم يكن ممكناً وفق المصادر نفسها أن يفرج الحزب عن هذه الاستنتاجات التي تبدو ثوابت استراتيجية إلا بعد أن تنقضي أسابيع من الترصّد والتعمّق لمجرى التطورات الميدانية – السياسية المتسارعة سواء على جبهة غزة التي تقود المواجهة فيها حركة “حماس” أو تلك الدائرة بضراوة على جبهة الجنوب وهي المواجهة التي يتولّى الحزب قيادتها.

فالمعلوم أن إسرائيل زجت في كلتا المعركتين بكل ما تملكه من أسلحة وخبرات “لكنها علقت في نهاية المطاف بين الخرائب التي صنعتها قذائفها ودباباتها في غزة المكتظة ولا تملك منها مخرجاً” حسب تعبير استخدمه أحد الصحافيين الفلسطينيين من عرب الـ48 وجعله عنواناً لمقالة له.

من المعلوم حسب تشخيص المصادر عينها أن الحزب كان على ثقة منذ اليوم الثالث لانفتاح المواجهة في غزة بأن ليس أمام نتنياهو وحكومته إلا العمل على اقتحام غزة في عملية برية مع إدراكه جسامة هذا الفعل وخطورته، فهو لا يقدم عليه إلا من هو بأمسّ الحاجة الى نصر معنوي ومادي يعيد إليه الاعتبار بعد الضربة الموجعة التي تلقاها صبيحة السابع من تشرين الماضي عندما اقتحمت مجموعات مقاتلة من حركة حماس غلاف غزة المفترض أنه خط دفاع حصين أقرب ما يكون الى خط بارليف واجتاحته في وقت قياسي بما حواه من مواقع ومعسكرات وأجهزة دقيقة.

وهكذا وفيما كان بعض رموز حركة حماس يستبعدون خيار الاجتياح البري كان الحزب على يقين من حصول هذا الاجتياح ويبني حساباته على هذا الاعتقاد.

وأكثر من ذلك كان الحزب أيضاً على ثقة بأن المعركة ستكون طويلة بل أطول من أي حرب إسرائيلية عربية وأن إسرائيل ستكون مجبرة على تجاوز كل الحدود والقيود.

وفيما كان الحزب يدير معركته على الحدود الجنوبية مختاراً لها شعار معركة الدعم والإسناد للحليف كان على الأخير في المقابل أن ينتظر مفاجآت حليفه الميدانية وهو العارف بنقاط قوته. وطوال الشهر الذي انقضى على انطواء صفحة الهدنة الإنسانية الأولى بدا الحزب مقلّاً في الكلام عن التوقعات أو في الرد على استفزازات الخصوم. ولا تخفي المصادر عينها أن الحزب استشعر في مرحلة غير بعيدة أن الإسرائيلي والأميركي والفرنسي ومن سار في ركاب رهاناتهم قد بدأوا يتعاملون معه تعامل المنتصر مع المغلوب على أمره خصوصاً بعد الرسائل التي نقلت إليه عبر الموفد الأميركي آموس هوكشتاين والموفد الفرنسي الخاص برنار إيمييه. فواقع الحال هذا سمح بفتح باب البازار حول أمر أساسي وهو أنه بات لزاماً على الحزب أن يجمع سلاحه وينسحب به الى ما وراء الليطاني ويترك منطقة منزوعة السلاح لا يقل عرضها عن ثلاثين كيلومتراً.

ولقد سارعت القيادة العسكرية الإسرائيلية الى استغلال الموقف وتجلى ذلك في المعادلة التي سعى وزير الدفاع الإسرائلي الى إرسائها عندما قال: لقد وضعنا الحزب أمام مهلة زمنية للانسحاب مع سلاحه الثقيل من المنطقة الحدودية وإلا فإن عليه أن يواجه عملية برية للجيش الإسرائيلي مقرونة بتدمير لبيروت على غرار ما يلحق بغزة.

ومن البديهي أن الحزب شهد في الداخل اللبناني من يحتفي بهذا الأمر ويبني عليه صورة مستقبلية يكون الحزب خارجها تماماً.

بيد أن مفعول هذه المعادلة لم يدم أكثر من 36 ساعة لتظهر بعدها عروض أخرى أقل حدّة وأكثر مرونة من قبيل العرض الذي يسمح للحزب بالاحتفاظ بوحدات مراقبة منه على الحدود في مقابل أن يسحب قوته الأساسية الى خراج منطقة عمل اليونيفل. عندها تيقّن الحزب من أن صمود غزة وآثاره على موقفه ودخول أنصار الله بقوة وجدّية على خط المنازلات قد فعلت فعلها وغيّرت من واقع الحال كثيراً، واستطراداً استشعر الحزب أن المهلة المعطاة للإسرائيلي لكي يثأر من غزة ويطوّع مقاومتها ويجعلها ترفع الرايات البيضاء استسلاماً قد انتهت واستنفدت وانفتحت للتوّ أبواب مرحلة مختلفة.

عندها كان بديهياً أن يخرج الشيخ قاسم ويدلي بما أدلى به نافياً من خلاله كل ما أشيع سابقاً عن أن الحزب قد ولج عتبة المفاوضات المستورة على نحو يقبل فيه بما قبله سابقاً في أيلول عام 2006 ويعيد التزامه بمضامين القرار الأممي الرقم 1701 الذي عُدّ حين صدوره قبل 17 عاماً إقراراً بهزيمته

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى