أبرز الأخبار

“سعد الحريري لا مع السعوديّة بخير ولا مع الإمارات”!

الديار:المصدر

اسئلة كثيرة واجوبتها يكتنفها الغموض مع استمرار الاسباب التي دفعت الرئيس سعد الحريري الى اعلان تعليق عمله السياسي والحكومي والنيابي، الذي اعلنه في 24 كانون الثاني 2022.

وكلما طال غياب الحريري عن لبنان، ولم يستجد ما يوحي بعودته عن قراره، تتوسع مروحة الاسئلة على لسان المقربين قبل اللبنانيين. فهل اتخذ الحريري قراره بإغلاق “بيته السياسي” الى الابد ؟ وهل لا تزال السعودية على قرارها بـ “معاقبة” الحريري، وإبعاده عن الحياة السياسية اللبنانية، بعدما “خذلها سياسياً”، بالاضافة الى “تورطه”، وفق ما يتردد في اروقة قصر اليمامة، بفضائح رئيس الديوان الملكي الاسبق خالد التويجري؟

حتى الساعة، ورغم كل ما يتردد عن عودة الحريري الى لبنان في الاشهر المقبلة وبعد انتخاب رئيس للجمورية، لا يبدو وفق مقربين من “التيار الازرق” ان رئيسه سيعود قريباً الى لبنان.

وتكشف اوساط سنية بيروتية واسعة الإطلاع لـ”الديار” ان قرار الحريري تعليق عمله السياسي والحكومي والنيابي 2022 لا يزال نافذ المفعول، ويتكرس هذا القرار اكثر فأكثر، بعدما قام بصرف عدد كبير من موظفيه في بيروت وتجاوزعددهم السبعين موظفاً، واستثنى منهم فقط مستشاره الاعلامي حسين الوجه، بينما شمل الصرف حتى مدير مكتبه محمد منيمنة.

وبالاضافة الى صرف الموظفين قام الحريري ببيع مبنى “المستقبل” في “سبيرز”. وتكشف الاوساط ان تخلي الحريري عن “سبيرز” اتى بعد “ديل” مع احد المصارف، الذي يدين له الحريري بالمال. و”الديل” هو ان يتخلى الحريري عن مبنى “سبيرز”، مقابل تخلي المصرف عن 3 عقارات مرهونة لحسابه وهي ملك الحريري ايضاً، والعقارات الثلاثة هي مقابل “بيت الوسط” الذي لا يزال يملكه الحريري في لبنان.

وتكشف الاوساط ان كل الشركات والمصالح والعقارات التي يبيعها وباعها الحريري منذ العام 2017، تذهب لمصلحة رجل الاعمال الاردني علاء الخواجة ورجل الاعمال اللبناني وصديق الحريري احمد هاشمية، ولكن من “تحت الطاولة” وفق الاوساط نفسها!

وتؤكد الاوساط ايضاً، ان تخفيف الامارات تمويل الحريري والتضييق عليه في لبنان، هو بسبب “غضب” سعودي على الحريري، الذي فتح قنوات للنائب السابق وليد جنبلاط مع القيادة الاماراتية وخارج الارادة السعودية بذلك، خصوصاً مع صدور انتقادات حادة من جنبلاط تجاه القيادة السعودية ، لا سيما بعد احدث 7 تشرين الاول 2023 والاحداث في غزة.

وتلفت الاوساط الى ان العلاقة متوترة بين جنبلاط والرياض، اذ عمدت الاخيرة الى رفض استقبال النائب وائل ابو فاعور قبل احداث غزة بقليل، رغم وصوله الى السعودية ومكوثه بضعة ايام ، من دون ان يرى اي مسؤول سعودي، ولم يستقبله احد من القيادات الامنية كما كان يجري سابقاُ. وتشير الاوساط الى ان الفتور بين جنبلاط والسعودية يعود الى فتح “وليد بيك” قنوات مع قطر ، ويتردد وفق الاوساط السنية نفسها، انه يتلقى مساعدات وتمويلاً منها بشكل شهري.

في المقابل، يشكل غياب سعد الحريري عن المشهد السياسي اللبناني “فرصة” للعديد من القوى السنية ان تتصدر المشهدية السنية. ولكن هذا الغياب ترى فيه اوساط من داخل “البيت الازرق” لـ “الديار”، انه غياب منظم وليس عشوائياً، اذ لم يشكل خروجه من السراي ومن المجلس النيابي خروجاً فعلياً من الحياة النيابية، بل هو خروج “شخصي” له. اذ تشير كل المؤشرات الى ان كتلة “الاعتدال الوطني” هي من “قدامى المستقبل”، وتصب “قلباً وقالباً” لسعد الحريري، وهي “كتلة غب الطلب” وجاهزة للانضمام الى “بيت الوسط” متى عاد مالكه ليسكنه ويستأنف نشاطه.

وتكشف مصادر نيابية سنية لـ “الديار” ان كتلة “الاعتدال الوطني” تخوض اليوم معركة التمديد للواء عماد عثمان، كما تحرص مع قوى سنية اخرى ومنهم رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ودار الفتوى والمفتي الشيخ عبد اللطيف دريان، على الحفاظ على الحضور الحريري في المؤسسات السياسية والرسمية المدنية والامنية والادارية والدينية. وتشير المصادر الى ان الانتخابات الاخيرة للمجلس الشرعي شهدت الحفاظ على 12 او 13 مقعداً للحريري من بين 24 ، وحتى الاسماء الثمانية التي عينها المفتي وفق القانون في المجلس نصفها ليست بعيدة عن “جو المستقبل”.

وحتى في النقابات، تلفت الاوساط ان وجود الحريري و”المستقبل” محفوظ ، وما جرى يوم الاحد الماضي يؤكد فوز “المستقبل” بمنصب نقيب المحامين في طرابلس، وهو المحامي سامي الحسن، في تحالفات “غريبة عجيبة” جمعت “القومي” و”القوات” و”المردة” مع “المستقبل” في وجه تحالف كرامي – “المشاريع”.

وعن الوراثة العائلية لمشروع رفيق الحريري، تكشف الاوساط السنية البيروتية ان بات هناك قناعة لدى السنة في لبنان، ان اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري لم يكن اغتيالاً لشخص سني، وبهدف الفتنة بين السنة والشيعة ولاتهام ايران وحزب الله وسوريا بالاغتيال، بل هو اغتيال لمشروع اسمه “الحريرية السياسية”، ومشروع الرجل السني القوي في لبنان، الذي استطاع مساكنة السوريين في لبنان، كما استطاع ان “يوالف” مشروعه مع المقاومة ، وان يكون الى جانبها سياسياً وديبلوماسياً ، في مقابل “سماح” المقاومة للحريري الاب “ان يعمل على راحته” في السياسية والاقتصاد والمال، مقابل الحفاظ على “الحماية السياسية” والحكومية والسنية لمشروع المقاومة وظهرها.

وتلفت الاوساط ان الحريري الاب ، الذي اطل على لبنان في بداية الثمانينيات كمبعوث شخصي لملك السعودية فهد بن عبد العزيز آل سعود في لبنان، ورجل الاعمال الناجح واحد رجال الاعمال الـ100 الاغنى في العالم بين 1982 و1984 ، بات ارثه ذكرى وباتت عائلته “مشتتة” سياسياً وعائلياً وجغرافياً.

فنازك عودة زوجة الرئيس الشهيد تقيم في باريس مع اولادها الثلاثة من رفيق الحريري: ايمن وهند وفهد في باريس، بينما تحيط بقصر قريطم العتمة من كل الاتجاهات، وهو بات فارغاً من الاثاث منذ 7 سنوات لا سيما ان القصر احترق بعد اشتعاله خلال وجود حراس ومرافقة الرئيس سعد الحريري فيه.

ويشير جيران قريطم لـ “الديار” الى ان القوى الامنية التي حققت وفرق الدفاع المدني التي دخلت الى القصر، بعد اشتعال الحريق في الطوابق السفلية فيه وفي حقل الرماية الخاصة بمرافقة الحريري، اكدت ان اشتعال الحريق كان بسبب ممارسة حرس الحريري للرماية بالرصاص ، وليس بسبب احتكاك كهربائي، وان الحريق تمدد من الطوابق السفلية الى العلوية والى غرف النوم والصالونات التي احترقت، اذا احترق نصف العفش. ويؤكدون ان الحريق بقي لايام عديدة قبل السيطرة عليه.

وفي حين رفضت شركة التأمين التعويض لنازك الحريري عن الحريق وترميم القصر ودفع ثمن “العفش المحترق”، رفض سعد الحريري ترميم القصر والتعويض عن العفش المحترق رغم مسؤولية حرسه عن الحريق، وهذه كانت مقدمة لخلاف بين سعد ونازك وخروج الاخير من القصر ومكوثه في بيت الوسط. وعمدت بعدها نازك التي ورثت القصر عن زوجها بعد توزيع التركة، الى صرف كل الموظفين وباعت الاثاث السليم المتبقي، ووظفت شركة حراسة، ولا يزال حتى الساعة 4 اشخاص يحرسون القصر وبميزانية واضاءة بسيطة للغاية، كما اغلقت كل المستوصفات والمؤسسات التي اسستها في بيروت على حياة زوجه،ا وهي منذ منذ مقتله في العام 2005 لم تزر لبنان قط، وهي تكتفي كل عام ببيانين تتذكر فيهما عيد ميلاد الرئيس الشهيد ووفاته!

وحالياً تمكث نازك الحريري في باريس مع اولادها الثلاثة وعائلاتهم، وهم منشغلون جميعاً في العمل التجاري وادارة املاك رفيق الحريري في فرنسا واوروبا التي ورثوها منه.

اما بهاء الحريري شقيق سعد من والدتهما العراقية نضال بستاني، فلا رابط بينه وبين سعد حالياً، وتسود القطيعة بينهما منذ زمن طويل بسبب التنافس السياسي. ويتنقل بهاء الحريري بين الاردن واوروبا، ويعمل حالياً بالتجارة والنفط. وهو عمد بعد الانتخابات النيابية الى تقليص حضوره السياسي والانتخابي في لبنان.

وتكشف اوساط طرابلسية لـ”الديار” ان بهاء الحريري تخلى اخيراً عن غالبية مستشاريه، وعدد كبير من الموظفين في الماكينات الانتخابية والمفاتيح السياسية والحزبية واغلق معظم مكاتبه، وها هو يقوم بـ”نفضة” اعلامية في مؤسساتها، ومنها “صوت بيروت انترناشيونال” حيث صرف منها عدد من الاعلاميين اخيراً ومنهم حسين خريس.

وعلى مستوى الوراثة السياسية، تكشف اوساط سنية بيروتية مقربة من الحريري لـ”الديار” ان النفوذ السياسي مقسم اليوم بين “الاحمدين”، اذ يتولى احمد الحريري امانة “تيار المستقبل” ويمون على التنظيم الحزبي لـ”المستقبل”. بينما يجمع احمد هاشمية حوله عدداً من “الشخصيات الزرق” ومن المتمولين. ويقوم هاشمية بدور “صندوق المستقبل” المالي والخدماتي، ولكن وفق الاوساط نفسها، فان حجم الانفاق المالي لهاشمية ومتمولي “المستقبل” لعدد من اهالي بيروت وطرابلس وصيدا، لا يتجاوز الـ5 في المئة مما كان يصرفه سعد الحريري قبل 2019 .

وعلى مقلب “المستقبل” ينشط الوزير السابق محمد شقير، وله خدماته الانمائية والمدرسية والطالبية والجامعية. ويجمع حوله عدد من نواب “المستقبل” السابقين وشخصيات حريرية، وله اتصالات مع السعودية عبر سفيرها في بيروت وليد البخاري، ويمتلك امكانات مالية غير قليلة، ويجهد لتعزيز حضوره في الشارع السني، ولو كان حتى الساعة محدوداً.

كما ينشط سنياً عبر عدد من الجمعيات النائب فؤاد المخزومي “المُحارب” من “الاحمدين” والذي ينقم عليه “جمهور المستقبل”، ويتكل المخزومي على جمعيته الاساسية “مؤسسة مخزومي” وعدد من الجمعيات لتقديم خدمات للبيارتة. كما يتكل المخزومي على دعم المفتي دريان له، ومحاولة الاخير تعزيزه في المجلس الشرعي ومؤسسات دار الفتوى الدينية والخدماتية.

وفي صيدا، لا تزال عمة الرئيس سعد الحريري بهية، ناشطة في المجال السياسي والخدماتي، وهي حاضرة في كل مناسبة صيداوية وجنوبية، و”تمون” على البلدية ومؤسسات دار الفتوى ومؤسسات الدولة الامنية والسياسية والادارية، ولكن اهتماماتها بعد تعليق عملها النيابي مع سعد الحريري، منصب على دعم نجلها نادر الحريري، والذي اقصاه سعد الحريري بعد حادثة اعتقاله في السعودية.

وتكشف اوساط صيداوية ان نادر يعمل حالياً في التجارة في قطر، ويحاول ان يكون له حضور في ملف النفط اللبناني بالشراكة مع القطريين.

وعلى المستوى السني ايضاً، عاد الوهج السني بعد خروج الحريري والانتخابات النيابية الاخيرة في العام 2022 الى عدد من البيوتات السنية، ومنها بيت آل كرامي حيث تنشط حركة النائب فيصل كرامي وحضوره في طرابلس خدماتيا ومؤسساتيا وانمائيا وسياسيا.

كما تعزز وضع عدد من القوى السنية التي كانت تتحالف مع سعد الحريري انتخابياً، كجمعية “المشاريع الخيرية الاسلامية” و”الجماعة الاسلامية” وقوى اخرى سنية اخرى في 8 آذار كحزب “الاتحاد” حسن مراد و”المرابطون” وغيرهم.

علي ضاحي -الديار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى