أبرز الأخبار

البطريرك… لن يسكت بعد اليوم

“ليبانون ديبايت” – فادي عيد

تجاوزت اللاءات البطريركية حدود ومعاني المناسبة التي أطلقت فيها، بحيث لم تقتصر مواقف البطريرك الماروني بشارة الراعي في “اليوم العالمي للفقير”، على الإضاءة على “نهر الفقراء” فقط، وعلى السبعين بالمئة من النازحين من الجنوب، بل تخطّتها إلى التحذير وإلى رفض الشغور الأمني في البلاد المعرضة لخطر الحرب. وهي مواقف كانت متوقعة بعدما أبلغ من زاره على امتداد الأيام التي تلت عودته إلى بيروت، اعتراضه الشديد على كل السيناريوهات المتداولة في سياق ترك المؤسّسة العسكرية في مهبّ الفراغ، وإضافة موقع ماروني جديد إلى لائحة المواقع الشاغرة في البلاد بعد رئاسة الجمهورية وحاكمية مصرف لبنان.

فالبطريرك الراعي، كما يكشف مصدر كنسي رفيع، لم يشأ التوقف عند اليوميات أو الحملات التي تناولت بكركي وسوء الفهم المقصود للهجوم عليه من بعض المدفوعين، بل ركّز على جوهر ما يحصل على الساحة السياسية في لحظة الإنشغال بالحرب في غزة والجنوب، وهو إتمام صفقة تطيح بما تبقى من “حقوق مسيحية” ولأسباب وخلفيات لم تعد مجهولة من أي طرف مسيحي أو غير مسيحي، وهي الصراع على المكاسب والسلطة تحت عناوين كبيرة، وبخلفيات أقلّ ما يقال فيها أنها مشبوهة.

 

ولا يخفي المصدر الكنسي، اعتراضه وحتى غضبه من “الخفّة” التي أبداها البعض في التعاطي مع ملف قيادة الجيش، ومسألة التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون، وتريث حكومة تصريف الأعمال في اتخاذ قرارٍ كان محسوماً، ثم ترك القرار رهينةً للمساومات السياسية، وهو تأجيل تسريح قائد الجيش، بما معناه أن القرار بتعيين قائدٍ جديد في ظل الفراغ الرئاسي، ما زال قيد التداول في الصالونات المغلقة. وعلى هذه الخلفية، أتت اللاءات المدوّية للبطريرك الراعي، الذي حذّر من حصول ما لا يُحمد عقباه بالتزامن مع الإستحقاقات المصيرية، وتحميله الحكومة والمجلس النيابي مسؤوليةً في الوضع القائم، خصوصاً وأن ما من مؤشرات جدّية على قرب انتخاب رئيس للجمهورية في المدى المنظور، وأن الفريق المسيحي يراكم الخسائر ولم يعد يملك زمام الشراكة في القرار السياسي أو المالي، أو بعد شهر القرار الأمني.

ووفق المصدر الكنسي نفسه، فإن البطريرك الراعي، لن يبقى ساكتاً ولن يكتفي بالدعوة إلى احترام الإستحقاقات الدستورية، بمعزلٍ عمّا إذا كانت تتعلّق بالمواقع المسيحية، فالخطر كبير وداهم، ولذلك، كانت الصرخة بنبرةٍ تجاوزت التوقّعات، وذلك، بوجه المعطّلين، وهو ألمح إليهم دون تسميتهم عندما تحدّث عن الذين يخلقون الأزمات والعِقَد الجانبية، وعن سياسة المتاجرة الرخيصة، وعن روح الكيدية والحقد والإنتقام، من أجل تعبئة الوقت الضائع، بينما الحلّ واضح وسهل وهو تطبيق الدستور وانتخاب رئيس الجمهورية الذي يحلّ كل الأزمات ويضع حداً لكل الإنقسامات والخلافات.

وهذه الصرخة ستحافظ على قوتها والبطريرك لن يتراجع عنها. ولن يسكت بعد اليوم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى