أبرز الأخبار

أبرز ما تناولته الصحف الصادرة اليوم ٢٠ / ١١ / ٢٠٢٣

 

كتبت النهار

ثمة نظرية “مثالية” كلاسيكية غالباً ما تتردّد لدى اشتداد الأخطار الأمنية وتعرّض الاستقرار العام للاهتزاز الجدّي وتتصل بوجوب “تعليق” أو تبريد الصراعات والنزاعات السياسية الداخلية أمام هذه الحالات. لا نحتاج الى سوق نماذج بالألوف في لبنان وخارجه وعبر الدول لإثبات عقم هذه النظرية وحسبنا في اللحظة الراهنة فقط أن نبرز تصاعد الأصوات الإسرائيلية المعارضة، حتى في عز الحرب، لإسقاط أسوأ قيادة سياسية عرفتها إسرائيل منذ نشأتها فيما هذه القيادة تمضي بجنون غير مسبوق في ارتكاب الأخطاء الموازية لأشد المجازر هولاً. ولكن الأمر في لبنان الذي تدور عند حدوده الجنوبية المواجهة الممهدة للحرب الرديفة لحرب غزة، والتي إن اندلعت فستكون على مستوى من الضراوة الأشد من حرب غزة، يختلف عن “القواعد” الكلاسيكية في الدول عموماً لا لشيء إلا لأن الغالبية العظمى من الدول مهما تكن أنظمتها وخصائصها وظروفها لا تعاني كلبنان طوال عقود من استباحة واقع السلطة والدولة وإخضاع النظام لفراغات تغدو معها الدولة “معلقة” ومغيّبة ولا وجود لها حين تدهم البلاد الأخطار الوجودية.

لسنا نهلل بطبيعة الحال لانفجار الصراع السياسي على أشدّه في ملف استحقاق التحسّب للشغور في قيادة الجيش وما يعنيه اقتراب موعده بلا قرار حاسم لم يعد مبكراً أبداً وسط الأوضاع البالغة الخطورة التي تجتازها البلاد والمنذرة في كل لحظة بالخطر الأفظع أي خطر اشتعال حرب مع إسرائيل. ما كان يتعيّن لملف كهذا، على الأهمية الكبيرة لعدم حصول أي اهتزاز أو اضطراب أو أي عبث واستغلال وتوظيف سياسي في موقع قيادة الجيش، أن يسابق أزمات اللبنانيين والكوارث المتهاطلة فوق رؤوسهم الآن، وتحت وطأة الخوف المتعاظم من حرب مدمرة رهيبة تنسيهم كل ما سبق من كوارث، ويغدو هو الأولوية التي لا تتقدمها أي أولوية. ولكن الاهتراء المعتمل في دولة فارغة فعلاً، تسبب في الجانب الخلفي من انفجار هذا الصراع في أسوأ لحظاته، بالتذكير والإثبات القاطع، أن لبنان بلا رئيس صار “خردة” سلطوية فوق كونه بلداً متدحرجاً نحو متاهات قياسية جديدة من الفقر والإفلاس والتقهقر والانهيارات بكل معايير البؤس.

لن يكون من الحكمة بعد الآن، ولم يكن كذلك قبل الآن أيضاً، التوقف عند “أيديولوجيا” الرعونة السياسية التي تتحكم بفريق داخلي متخصّص بالابتزاز ويمتهن تصيّد الوقت الغلط والظرف القاتل لتحصيل ما يسمّى مكاسب. كلّ هذا الترداد صار عقيماً ولا جدوى منه ما دام مردوده المزيد من التعطيل أو المزيد من اتساع تحالفات المحاصصة السلطوية الرخيصة بين مكوّنات هذا الفريق وتحالفاته على حساب اقتناص مرحلة الفراغ التي تتحكم فيها قوى وتيارات ما كان يُسمّى تحالف 8 آذار (طبعاً مع ضرورة تمييز التمايز والاستقلالية للحزب التقدمي الاشتراكي الموجود مع هؤلاء في الحكومة الحالية). لكن الابتعاد عن تكرار ما لا يجدي لا يعني إطلاقاً الكفّ عن التنبيه المتدحرج الى المتاهات التي يقود إليها لبنان في أسوأ المواقيت والظروف ذاك الفريق الذي يمتهن استباحة مزيد من الفراغات أو التسبّب بمزيد من اضطرابات وانقسامات داخلية. كل الحاصل راهناً، وكل ما سيحصل من تفاقم للنزاع أو حسم قسري مقتنص لحساب ذاك الفريق الانقلابي، في أي ملف داخلي، لن يكون أقل سوءاً من تداعيات شبح الحرب التي لا ينام اللبنانيون على أي ضمان بعدم اندلاعها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى