أبرز الأخبار

رسائل لنصرالله بعد التساؤلات أين حزب الله من “وحدة الساحات”؟

بعد التساؤلات التي طُرحت حول أسباب غياب أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله عن الإطلالات الإعلامية رغم أهمية الحرب الدائرة في غزة منذ عملية «طوفان الأقصى» والمواجهات الجارية في جنوب لبنان، شكّل الاجتماع بين نصرالله والأمين ‏العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين زياد نخالة ونائب ‏رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» صالح العاروري أول إطلالة عملية لأمين عام الحزب، وشكّل مضمون البيان الموزّع ترجمة للشعار الذي سبق لنصرالله أن رفعه وهو «وحدة الساحات» وبما يشبه الرد على بعض الأصوات التي ارتفعت وسألت أين حزب الله من وحدة الساحات؟ ولعل الموقف الأبلغ في هذا الإطار ما صدر عن رئيس «حركة حماس» في الخارج خالد مشعل الذي رأى «أن المعركة تتطلب أكثر من حزب الله وما يقوم به غير كاف».

من هنا، جاء البيان الصادر عن لقاء نصرالله بكل من نخالة والعاروري ليقول إن أمين عام حزب الله ليس غائباً عما يجري في غزة بل هو حاضر في قلب المعركة ويشارك في إدارتها، ولذلك شدّد البيان على أنه «جرى تقييم ‏للمواقف المتخذة دوليًا وإقليميًا وما يجب على أطراف محور ‏المقاومة القيام به في هذه المرحلة الحساسة لتحقيق انتصار ‏حقيقي للمقاومة في غزة وفلسطين ووقف العدوان الغادر ‏والوحشي على شعبنا المظلوم والصامد في غزة وفي الضفة ‏الغربية، وتمّ الاتفاق على مواصلة التنسيق والمتابعة الدائمة ‏للتطورات بشكل يومي ودائم».

أما الخطوة الثانية التي قام بها نصرالله فهي الرسالة بخط يده التي وجّهها إلى المعنيين في الوحدات والمؤسسات الإعلامية في حزب الله لاعتماد تسمية الشهداء الذين ارتقوا من 7 تشرين الأول/أكتوبر بـ «الشهداء على طريق القدس» وذلك انسجاماً مع حقيقة المعركة وتأكيداً على هوية التضحيات على الحدود اللبنانية وللقول إن من يسقطون من مقاتلي الحزب يسقطون من أجل فلسطين تعبيراً عن التكامل بين وحدة الساحات.

وجاءت هاتان الخطوتان من قبل نصرالله بعد شعور قيادة حزب الله بضرورة عدم الاستمرار بالاحتجاب رغم كل التبريرات التي قيلت عن أن «الغياب هو جزء من المعركة ولإرباك العدو» خصوصاً أن جمهور الحزب بدأ يفتقد إلى هذا الحضور وباتت لديه تساؤلات حول ما يخبئه مستقبل المواجهات الدائرة على الحدود واحتمال توسعها والتداعيات الكارثية التي يمكن أن تنتج عنها، ولاسيما بعد تسجيل ارتفاع مفاجئ في عدد الشهداء وضرورة الاحتساب لأي انزلاق إلى حرب مدمرة لن يكون بمقدور البيئة الشيعية الحاضنة تحمّل أعبائها لا بشراً ولا حجراً في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية والاجتماعية الخانقة وغياب أي دعم عربي حالي كالدعم الذي بادرت إليه دولة قطر غداة حرب تموز/يوليو 2006 حيث تولّت إعادة إعمار واسعة في الضاحية الجنوبية فيما تولّت المملكة العربية السعودية المساهمة الواسعة في إعادة إعمار قرى وبلدات جنوبية. وعلى الرغم من دفق المعنويات التي يصرّ محور الممانعة على إبرازها في الإعلام، إلا أن المشاعر والمخاوف المكتومة بدأ يُعبّر عنها في الكواليس من قبل البعض الذي يتساءل إن كانت «وحدة الساحات» ستقتصر على جبهة لبنان، في وقت لا يتم تحريك جبهة الجولان وفي وقت يبقى تدخل الحوثيين في اليمن أو تدخل الحشد الشعبي في العراق دون المستوى.

 

فإذا كان حزب الله حقق نقاطاً لصالحه في بداية انخراطه في المعركة واستهدافه لمواقع عسكرية إسرائيلية ودبابات الميركافا من خلال الصواريخ الموجّهة إلا أنه في الأيام الماضية بدأ يفقد الاندفاعة وعنصر المباغتة ويدخل في عملية استنزاف يومية يتكبّد بنتيجتها خسائر بشرية بعدما وضعت قوات الاحتلال الإسرائيلية تكتيكاً جديداً في ردها على المواجهات وأدخلت تقنيات متطورة أتاحت لها كشف مواقع قتالية للحزب وضربها عبر المسيّرات قبل أن يتمكن مقاتلو الحزب من إطلاق الصواريخ. وقد فاجأت هذه المعادلة الجديدة بيئة الحزب ودفعته إلى إعادة تقييم الوضع ودرس إجراءات لفرض معادلات جديدة يسد بها الثغرات ويخفف من حجم خسائره.

وحسب محللين عسكريين فإن حزب الله يتجنّب توسيع دائرة المواجهات واستخدام صواريخ تضرب بعض المستوطنات في العمق الإسرائيلي لأنه يدرك أن مثل هذا الأمر سيرتد بقوة على الداخل اللبناني، وربما تنتظر إسرائيل إقدام الحزب على مثل هذه الخطوة لتفجّر غضبها وتترجم تهديداتها بإعادة لبنان إلى العصر الحجري. وما شهدته الضاحية الجنوبية من تدمير في حرب تموز قد تشهد أضعافاً منه في هذه الحرب، ونموذج غزة خير مثال عن الوحشية الإسرائيلية التي لن توفّر بنى تحتية في لبنان ولا جسوراً في بلد منهار اقتصادياً ولا قدرة له على النهوض ولا على مواجهة الطوارئ.

انطلاقاً من ذلك، يسعى الحزب للحصول على غطاء لبناني لعملياته العسكرية بدءاً بالغطاء السني للتقليل من تحميله تبعات أي توريط للبنان بحرب مدمرة. وفي هذا الإطار، فوجئ كثير من اللبنانيين بإحياء «قوات الفجر» بعد أكثر من 40 عاماً على انطلاقتها وهي الجناح العسكري للجماعة الإسلامية وتبنيها عمليتي إطلاق صواريخ على مواقع إسرائيلية من الأراضي اللبنانية إلى جانب حركتي «الجهاد الإسلامي» و«حماس».
وإذا كانت مشاركة «قوات الفجر» تأتي تعبيراً عن تعاطف لبناني واسع مع مأساة غزة ورفض ما يتعرّض له الأطفال والنساء في القطاع، إلا أنها في الوقت ذاته تؤشر إلى حجم تغييب الدولة والجيش اللبناني عن تسلم زمام الأمور في الجنوب وتنفيذ القرار 1701. وقد عبّر زوار دار الفتوى في الأيام القليلة الماضية عن الدعم الثابت والمستمر لقضية الشعب الفلسطيني الذي آن له أن ينال حقوقه المشروعة في إنشاء دولته المستقلة على أسس الأرض مقابل السلام، والقرارت الدولية، ووفقاً لحل الدولتين الذي أقرته المبادرة العربية للسلام من بيروت سنة 2002. لكن الزوار أكدوا في الوقت عينه على أولوية حماية لبنان والتعلم من التجارب رافضين زج لبنان في أية مغامرة قد تعرّضه لأفدح الخسائر في الأرواح والبنى والممتلكات.

سعد الياس – القدس العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى