حينما يوصد رئيس تيار المردة سليمان فرنجية باب منزله في بنشعي مساء ،مودعاً رئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل، تنتهي جولة رئيس التيار الوطني الحر على القيادات السياسية، وقد شملت رئيسي مجلس النواب نبيه بري وحكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي والرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أمس، ونواب كتلة “الاعتدال الوطني” والنائب فيصل كرامي وفرنجية اليوم.
جولة حتّمتها الظروف الامنية الطارئة، من مأسوية مجازر غزة ووحشية اسرائيل الى مناوشات الجنوب الحدودية وخطر خروجها في اي لحظة من قواعد الاشتباك وانزلاق لبنان الى عمق المعركة، ارتأى باسيل بفعلها المبادرة الى التحرك في اتجاه المسؤولين والقوى السياسية الراغبة في الانفتاح على خيار البحث في كيفية مواجهة المخاطر الوجودية المحدقة بلبنان. هو لم يعزل احدا ولم يستثنِ طرفاَ الا الذين استثنوا انفسهم، تقول اوساط سياسية بارزة في التيار لـ”المركزية” ، وتوضح ان قوى المعارضة فضلت استمرار التنسيق مع التيار بالآلية القائمة حصرا، اي عبر النائبين جورج عطالله وندى البستاني اللذين يتوليان التواصل على المستوى النيابي، وتبعا لذلك لا لقاءات مع قياداتها راهنا.
تحت اربعة عناوين تندرج مبادرة النائب باسيل، تشرح الاوساط. توحيد الموقف اللبناني في مواجهة الحرب في غزة ، كيفية حماية لبنان اذا اعتدت اسرائيل واصطفاف اللبنانيين معا لمقاومتها ، وإن لم تفعل كيف يُمنع استدراج البلاد الى حرب لا نريدها، اعادة تكوين السلطة بدءا من رئاسة الجمهورية كحاجة ملحة وضرورة لمواجهة التحديات الامنية في شكل خاص، ملف النزوح السوري بمخاطره وقرار الغرب رفض عودتهم الى بلادهم. كل ذلك انطلاقا من ثوابت حق لبنان في المقاومة وفي انتاج الغاز وفي منع توطين الفلسطينيين واعادة النازحين.
اما الحديث عن ملف قيادة الجيش ورئاسة الاركان، مع الاحترام الكامل للموقع، فلم يتم بحثه مع الرئيس نبيه بري كما يُشاع، تضيف الاوساط. قد يكون ورد عرضاً في سياق البحث في تحصين الدولة واعادة احياء المؤسسات المشلولة. بيد ان مشروع التيار شمولي هدفه حماية لبنان والوحدة الوطنية، وانتخاب رئيس الجمهورية نقطة من بين سلسلة نقاط لاستنهاض الدولة وحمايتها من خلال اعادة تكوين السلطة.
عن الجديد الذي حملته الجولة في ملف حل عقدة رئاسة الجمهورية توضح الاوساط: بتنا اليوم في مرحلة الخوف المتعاظم على تفكيك الدولة وتحللها، فيما سقطت المبادرات الخارجية والرهان على امكان احداثها اي اختراق لا سيما بعد المواقف الفرنسية من الحرب في غزة. تبعا لذلك، لم يعد جائزا الانتظار. التيار منفتح على الخيارات كافة للنقاش ضمن الثوابت في ورقة الاولويات، واضح تماما ان استمرار تمسك كل طرف بمرشحه وشد الحبال لن ينتج رئيساً، ولا سبيل للحل في ظل الوضع المستجد الا بالتفكير والبحث عن كيفية تجاوز المرحلة المقفلة ، ولعل المهم في الجولة ان باسيل وجد اذانا صاغية خصوصا لدى نصرالله وبري وجنبلاط وانفتاحا على التشاور.والرئيس بري المُدرك حجم مسؤولياته لا بد سيدعو في لحظة ما الى توجيه الدعوة الى جلسة انتخاب رئاسية وليفز من يتم انتخابه ايا كان.
وتضيف “نحن لم ننتظر اجابات من اي فريق، أدينا قسطنا للعلى، زرعنا البذور ولكل وقته لتخمير الافكار واتخاذ القرار، لم نفرض آلية عمل، طرحنا المخاطر ووجهات النظر وتعاطينا بأعلى درجات المسؤولية وهذا ما دفع جنبلاط الى الخروج مع باسيل وتقصّد اعلان الموقف الذي استكمله لاحقا وحديثه عن الشراكة مع باسيل في الموضوع الوطني. في حصيلة الجولة، كان ادراك في العمق لكل التفاصيل، الجميع يتحمل مسؤولياته من دون تهور. اما في اسباب زيارة ميقاتي قبل بري خلافا للبروتوكول، فتشدد على ان جدول مواعيد رئيس المجلس كان مقفلا يوم الاثنين، لذا كان اتفاق على انطلاق الجولة من السراي.
وضمن السلسلة التشاورية لباسيل، يندرج اتصاله وامين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، الذي جاء مثابة اجتماع عرض خلاله باسيل للأفكار التي يتناولها في مجمل لقاءاته واستمع الى وجهة نظر “السيد” من تطورات غزة الى الجنوب اللبناني، والحرص على استقرار لبنان وحمايته. هو يعرف تماما ، تؤكد الأوساط، دقة الوضع اللبناني ويملك المعطيات الاقليمية كافة، لديه صورة واضحة تماما حول عناصر حماية لبنان وكيفية حمايته. بدوره نقل باسيل قلق الشارع اللبناني واكد وجوب عدم استدراج لبنان الى الحرب واعادته ساحة لأي طرف فلسطيني كان او خلافه. وفي ما يخص المقاومة اللبنانية، قال باسيل ان في حال الاعتداء على لبنان فحق الرد مقدس تماما كما حق منع استعمال الارض ساحة لجرنا الى حرب ليست لنا. اتصال باسيل- السيد تناول الى الملف الامني، شؤونا سياسية تتصل بمنظومة الحماية اللبنانية ومن ضمنها الموقف من الحرب ورئاسة الجمهورية واعادة تكوين السلطة .
