أخبار محلية

أبرز ما تناولته الصحف اليوم ٩ / ١٠ / ٢٠٢٣

 

كتبت النهار

خمسون عاماً ويوم واحد فصلت ما بين “حرب العبور” أو “حرب تشرين” في 6 تشرين الأول 1973 و”طوفان الأقصى” اللذين جمع بينهما عامل المفاجأة والمباغتة ومكّنا الطرف العربي المبادر من تحقيق “انتصار الضربة الأولى” ضد إسرائيل، مع فارق كبير في دويّ الصدمة الهائلة المتأتية على إسرائيل من تنظيم “حماس” مقارنة بالجيشين المصري والسوري. وما بين هذين التاريخين أمضى لبنان سنته الـ48 منذ اندلاع شرارة الحرب فيه وعليه عام 1975 التي بدأت حرباً لبنانية – فلسطينية قبل اعتمال تطوراتها تباعاً في المراحل اللاحقة وتفاعل عوامل أخرى فيها فيما هو لا يخرج من مناخات الحروب ولا يتحصّن إطلاقاً لحماية زمن السلم.

هذا الحدث التاريخي الخارق البارحة، الذي شاهده لبنان بذهول أسوة بالعالم أمام خرق تنظيم فلسطيني لأسطورة الردع الإسرائيلية، لا يعني لبنان أولاً وقبل كل دول المنطقة لخوف من تمدّد الحرب المتدحرجة إليه فقط، وإنما أكثر من ذلك لتبيّن واقعه وكيفية تعامله مع تطوّر يحتمل أن يشعل أخطر حرب إقليمية واسعة.

والحال أنه سيتعيّن على اللبنانيين، من كل الاتجاهات والمواقع السياسية والطائفية وبمعزل عن حسابات انفعالية هي غالباً مبرّرة ولكن ليس هذه المرة، أن يقرؤوا مجريات مواجهة فلسطينية – إسرائيلية غير مسبوقة إطلاقاً لجهة حجم المفاجأة الصاعقة التي حققها الطرف الفلسطيني خارقاً هيبة الردع لإسرائيل بهذا الشكل المباغت من عين شديدة الموضوعية سواء بقدر عال من التعاطف مع الطرف الفلسطيني الذي بادر الى فتح المواجهة أي “حماس”، أو بدرجات أخف، أو بحذر وتخوّف من ارتباطات هذا التنظيم الإقليمية، لا فرق.

هذا الذي جرى هو في الحصيلة، ويجب أن يبقى كذلك من عين لبنانية، تطوّر تاريخي حققه فلسطينيون على أرض النزاع المحق للفلسطينيين، ولا يجوز التنكر لتاريخيته خصوصاً في ظل انفجار الرعونة اليمينية المتطرفة في إسرائيل الى درجات مرعبة وضرب إسرائيل بعرض الحائط المسار الحتمي لتسوية الدولتين وإسقاطها ودفنها. ولكن هذه التاريخية تستقي مشروعيتها أو شرعيتها، في مسار الصراع الفلسطيني مع إسرائيل وليس خارج أي معيار لئلا تدخل عوامل التوظيف الإقليمي والدولي عليها وتجنح بها الى صراعات أخرى تبعد عن قضية حقوق الشعب الفلسطيني من جهة وتورّط “الميادين والساحات” الأخرى فيها وفي مقدمها لبنان من جهة أخرى.

في ظل المعادلة الميدانية التي رسمتها العمليات الاقتحامية الصاعقة لـ”حماس” في قلب المستوطنات والبلدات الإسرائيلية بمنطق الصراع المصيري بين إسرائيل والفلسطينيين، لا شك في أن انقلاباً جذرياً طرأ على الشرق الأوسط برمته، ولكن على تراب القضيّة المزمنة لا خارجها أبداً. الخطورة القصوى التي تتربّص بالساعات والأيام المقبلة تتمثل في احتمال انزلاق الوضع الناشئ بكل ما حملته التطورات الاستراتيجية هذه الى حيث ما يستعيد تماماً ما حصل قبل خمسة عقود. بعد حرب تشرين 1973 والإنجاز التاريخي في العبور المصري لسيناء والتحرير السوري للجولان، انقلب مسار الأمور فأعادت إسرائيل احتلال الجولان وعقدت الصلح المنفرد مع مصر. تختلف اليوم طبعاً كل ظروف الصراع إلا في جانب واحد هو عدم إتقان الحسابات الجديدة الناشئة عن يوم “طوفان الأقصى”. إن لم يُترك الفلسطينيون وحدهم، من دون شركاء مضاربين خارج أرض الصراع يتهافتون على المغانم، فلن يملك أحد الجزم بطبيعة ما سيأتي عليه اليوم التالي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى