أخبار محلية

ميقاتي الاقوى في طرابلس

تُشَبّه شخصية بارزة في قوى الثامن من آذار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بنظيره التركي رجب طيب أردوغان “قلباً وقالباً”، فالرجل الذي يُبدي انفتاحه على كل الاطراف يخبئ في سره الكثير من الاسئلة والشكوك التي تضعه في موقف الـ “لا واثق” من الطرف الآخر، يُعطي محدثه ما يريده ويحتفظ لنفسه بهامش كبير من المناورة قبل اتخاذ القرار، وبأسلوب ناعم يُجبر الطرف الآخر على الموافقة بعد ان يسحب كل الخيارات من أمامه وعلى طريقته.
تجنب حزب الله كأس الميقاتي، وضعه جانباً وفضَّل عليه رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، لما للأخير من تجربة قصيرة ظهر من خلالها طري العود سياسياً، وأثبتت التجربة أن قدرته على المناورة تكاد تكون معدومة لتسرعه في اتخاذ القرار الواضح في عداوته. أما ميقاتي فيخطط ويترك شعرة معاوية مع الجميع ولا يُعطي من كيسه الا ما يضمن المردود “الكويس”.
بشخصية “الزئبق” نجح ميقاتي حيث فشل خصومه في مدينته طرابلس. ظل الرجل ثابتاً يقضُم مساحات المستقبل والقوى الرديفة لصالح تياره السياسي الذي يختصره بكل تفاصيله. وضع الرجل كل امكاناته لتطويق عاصمة الشمال لتكون تحت جناحيه، يصرف الاموال عند الحاجة ويُقَطّرها متى وجد أنها باتت عامل بذخ أو ترف لا تؤتي ثمار استثمارها. يظهر ميقاتي في الازمات، اذ يعلم أنه الرجل الثاني سُنياً ويُقيس فشخته على هذا المقياس، يدخل كرجل الاعتدال وصاحب المبادرات المساهمة بتقطيع الازمات ويخرج بعدها بطلاً تجاوز كل المطبات والالغام المزروعة من الخصوم، “ظهر ذلك جليا أثناء ترؤسه حكومة الانتخابات عام 2012، واليوم يسعى الى لعب هذا الدور”.

في طرابلس أيضاً يسعى الرجل الى حصد ما تيسر له من مقاعد في الانتخابات النيابية المقبلة، يقول انه يتريث في خوضها ويعمل مع ماكينته الانتخابية وكأنه على رأس لائحة مكتملة تسعى الى جمع حواصل العام 2018، وربما أكثر. ولا يُخفي الرجل بروز حالة جديدة في عاصمة الشمال منبثقة عن ثورة 17 تشرين ولكنه يعمل في المقابل على تطويقها عبر “قطف” مفاتيحها وتجنيدهم لصالحه. بصمت المحترف يقود ميقاتي اصواته التفضيلية في “قلعة المسلمين”، فتمكّن الرجل على سبيل المثال من “تجنيد” الكثيرين، لا سيما أولئك الذين يؤثرون في الشارع الطرابلسي، كسعد المصري الرأس الكبير لمجموعات باب التبانة، وهو يعمل لدى الميقاتي، حيث يقوم بتوزيع المساعدات للعائلات الفقيرة في التبانة ويضم مجموعات هي الأهم، تمتد من شارع سورية وصولاً الى الاوتوستراد في التل والطرق المتفرعة داخل تلك الاحياء التي كانت يوماً جبهة قتال مع جبل محسن. كما تمكن ميقاتي من استيعاب حالة “العشائر العربية” في طرابلس، وتحديداً في منطقة وادي النحلة، حيث دخل ميقاتي وبقوة على عشيرة آل السيف المحسوبة في الاساس على آل كرامي وهي الاكبر في المنطقة وفاعلة في المحيط الطرابلسي وتمكن من خرقها.
يتحضّر ميقاتي لخوض الانتخابات عبر أكثر من لائحة ومرشح، فله في الثورة بعض المرشحين وان كان هؤلاء بعيدين عنه وينتقدونه في مجالس المدينة، اذ تأتي هذه المواقف ضمن عدة الشغل. كما يسعى ميقاتي الى جذب وجوه اعلامية على لائحته لتمثل النسيج الطرابلسي بمختلف انتماءاته، من العلوي الى الأرثوذكسي فالماروني وصولاً الى السُني، يسعى ميقاتي الى “لمّ الشمل” في بيئة مبعثرة تخرقها دول وتنظيمات، حيث يعمل على تنظيم الخلاف مع المستقبل وأخذ حصة من صحن التيار الازرق الضائع والمنتظر لكلمة سر يطلقها رئيسه، يرشده فيها على الطريق الانتخابي غير المستقيم الذي يعرج عليه المستقبل في الشارع السُني.

 

علاء الخوري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى