أبرز الأخبار

سابقة تاريخية وخطيرة سحب المرسوم الجمهوري من مطران … لمَ الصمت؟

خجولة وأقل من متواضعة جاءت مواقف القوى السياسية والحزبية لا سيما المسيحية منها  المنددة بقرار سحب المرسوم الجمهوري الخاص بالكاردينال لويس روفائيل ساكو الذي اتخذته رئاسة الجمهورية العراقية ومغادرته المقر البطريركي في بغداد والتوجه إلى أحد الأديرة في إقليم كردستان. وكما في السياسة كذلك على مستوى الكنيسة حيث لا يزال الصمت سيد الموقف.

ما حصل مع الكاردينال ساكو يشكل ظاهرة تاريخية يجب أن يُحتذى بها في منطقة الشرق الأوسط التي بات الوجود المسيحي فيها مرتبطاً بأقليات بسبب الهجرة على خلفية الحروب وممارسات القمع وآخرها وليس أخيرها ما حصل لمسيحيي العراق على يد تنظيم الدولة الإسلامية. ومن أصل مليون ونصف مسيحي عراقي لم يبق أكثر من 430 عراقيا ينتمون إلى الطائفة المسيحية وقد ينخفض العدد بعد هذه السابقة التاريخية.

كثيرة هي الأسئلة التي تكدست من لحظة اتخاذ الرئيس العراقي قرار سحب المرسوم الجمهوري من الكاردينال ساكو أولها وأبرزها، لماذا في هذه اللحظة التاريخية؟ ولماذا الصمت من قبل الكنيسة المارونية؟ .

السؤال طرحه رئيس المجلس الوطني لرفع الاحتلال الايراني عن لبنان النائب السابق فارس سعيد بقوله : “عندما إعتدت داعش على الجماعة المسيحية في العراق لجأ بعض المسيحيين سياسياً عند النفوذ الايراني في لبنان وسوريا والعراق. اليوم يقوم النفوذ الايراني بضرب مصالح الكنيسة الكلدانية في العراق. صمت الكنيسة المارونيّة المؤتمنة علينا يزعجني. صلّوا، تحركوا، سافروا، اعترضوا وهي …… بدون كلفة”.

الجواب وصل من الكنيسة المشرقية وذلك عبر بيان صدرعن مجلس كنائس الشرق الأوسط الذي ينتمي إليه الكاردينال ساكو بصفته أحد الرؤساء الفخريين فيه، بحيث عبّر عن “قلقه الشديد إزاء ما يحصل في العراق مع الكاردينال لويس روفائيل ساكو بطريرك الكلدان في العراق، وإذ يؤكد على تضامنه الكامل واحترامه الشديد لشخصه يشدد على ضرورة الحفاظ على روح الأخوة والصداقة والإحترام بين كل مكونات الشعب العراقي..ويختم بالدعوة إلى رفع الصلوات لتعزيز روح المواطنة وقيم التعاضد والسلام بين سائر الإخوة ، والتواصل وبناء الجسور معا كعائلة إنسانية واحدة”.

جواب خجول وإن كان يتضمن معاني روحانية . إلا أن خلفيات قرار سحب المرسوم الجمهوري من كاردينال أكبر طائفة في العراق أخطر من أن تُحل بالصلوات والدعوات للتكاتف.وإذا كان لا بد من التكاتف فليكن ذلك لحث الرئيس العراقي على العودة عن قراره واستعادة الكاردينال ساكو كامل صلاحياته في إدارة أوقاف الكنيسة الكلدانية التي سُحبت منه.والأهم من ذلك عدم السماح لما يسمى ب “البابليون” بالتمادي في انتهاك حرمات الكنيسة إرضاء للحشد الشعبي الذي أوصل 4 نواب لهم إلى البرلمان العراقي. وكان الأمين العام لحركة بابليون ريان الكلداني، صرح في وقت سابق ان “الكاردينال مار لويس روفائيل الأول ساكو خاض معارك انتخابية وباع واشترى بالسياسة على حساب القرار والأمن والمستقبل المسيحي في العراق” فضلاً عن اتهامه ببيع ممتلكات عائدة للكنيسة.

هذه السابقة التاريخية والصمت الذي لفها من قبل الكنيسة أثار رئيس المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبدو أو بوكسم، الذي أكد أن الكنيسة المارونية تنتظر ما سيصدر عن مجلس كنائس الشرق الأوسط كون الكاردينال ساكو بطريركا شرقيا وبطريركا للكنيسة الجامعة بعدها يبنى على الشيء مقتضاه. ويرجح أن يكون ما حصل معه نتيجة حسابات داخلية في العراق منها ما هو حزبي ومنها ما يتعلق بالسياسة لكن لا بد من صدور موقف كنسي.

أما وقد صدر موقف مجلس كنائس الشرق الأوسط على درجة عالية من التحفظ يرجّح أبو كسم أن يكون الكاردينال ساكو نفسه قد طلب ذلك. لكن أبعد من ذلك”وهذا اخطر ما في الموضوع أن تكون خلفية هذا القرار حلول الدولة مكان الكنيسة وهذه إشارة خطيرة يجب التوقف عندها. والأكثر خطورة أن يتحول ذلك إلى نموذج يحتذى به ،من هنا لا يجوز الصمت في أي شكل من الأشكال وتحت أية ذريعة” يختم أبوكسم.

رئيس الرابطة السريانية في لبنان حبيب افرام يستغرب القرار ويندد به ويقول”لافت ما حصل وغير مقبول تحت أي ظرف ولا يعطي ذريعة لأي رئيس مؤتمن على الدستور أن يصدر مرسوما وكأنه لا يتعاطى مع مكوّن للحضور المسيحي ورئيس أكبر طائفة”.

ويتوقف في حديث لـ”المركزية” عند ما هو أبعد من حدود العودة عن المرسوم ويقول “الكاردينال منتخب من كنيسته وشعبه وهو ليس موظفا لدى الدولة العراقية، وعلاقته المباشرة هي مع الكرسي الرسولي وليس مع الدولة، من هنا لا بد من إعادة النظر بطريقة التعاطي مع هذا المكون ويفترض أن يكون الرئيس راعياً للتنوع والتعامل مع المسيحي على أساس المساواة في الحق وإلا نحن أمام سابقة تاريخية خطيرة تهدد الحضور المسيحي في المنطقة”.

أن يغادر الكاردينال مقر البطريركية في بغداد ويعتكف في أحد أديرة أربيل”فهذه سابقة تاريخية”. وإذ يثمن موقف الخارجية الأميركية التي نددت بما حصل، يلفت افرام إلى أن المواقف المعترضة شملت مرجعيات شيعية في العراق “وننتظر مواقف أخرى من الأزهر والمملكة العربية السعودية ومن القوى اللبنانية والكنيسة المارونية لأن لبنان كان وسيبقى الرمز الوطني للحريات والتنوع. من هنا، لا يجوز الإستخفاف بسابقة سحب الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد سحب المرسوم الجمهوري رقم 147 لسنة 2013، الخاص بالكاردينال ساكو تحت ذريعة تصحيح وضع دستوري وذلك من دون سند دستوري أو قانوني. فإما رفع الصوت عاليا للعودة عن القرار أو الآتي أعظم” يختم افرام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى