أبرز الأخبار

غادة عون تطارد بشراسة امرأة معنَّفة هاربة بطفليها

بين الفينة والأخرى، تجتذب النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، القاضية غادة عون، الأنظار، وتعود إلى الواجهة مجدداً. ظاهرة عون ليست قضائية بحتة، إذ لم تعد محصورة بقاضية تمردت على القضاء وخالفت بعض القوانين فعاقبوها بفصلها من القضاء. لا، عون هي حالة ناتجة عن العهد “القوي” السابق، أو ما تبقى من عهد الرئيس السابق، ميشال عون. فهي تمثل هذه الشريحة تحديداً.

قرارات عون
وربما، تعتقد أنها القاضية الوحيدة القادرة على استعادة حقوق “البرتقاليين”، أو أنها المدافعة الشرسة عن هذه الفئة حتى الرمق الأخير.

وجديدها، أنها قررت أن تحمي معنِّفاً، ومعروفاً أنه مقرب من التيار الوطني الحر، وأن تفتّش عن زوجته الهاربة منه في منازل عائلتها وأقاربها، وتداهم بيوتهم لاتهامها بخطف طفلين قاصرين.

واعتراضاً على قرار عون، تقدّمت الزوجة م.خيرلله، وهي ناجية من قضية عنف أسري، بشكوى ضد النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، القاضية غادة عون أمام التفتيش القضائي.

هذه الشكوى، أتت نتيجة قرار عون الأخير، حين أصدرت مذكرة بحث وتحرٍ بحق خيرلله التي فرّت إلى جهة مجهولة وتوارت عن الأنظار، برفقة طفليها القاصرين (7 أعوام، 11 عاماً)، بعد تعرضها للعنف في منزلها في نيسان الماضي.

وهذا القرار، أصدرته عون بعد أن تقدم الزوج المعنِّف ن. فارس بشكوى أمام عون، متهماً زوجته بخطف الطفلين. علماً أن قرار المحكمة المارونية سيعلن عنه في الرابع من تموز المقبل، ما يعني أن العائلة لم تنفصل بعد، ولم يحدد إن كان الأب هو الوصي على الطفلين أم لا. وعليه، تجاهلت عون هذه الأمور كلها، وتجاهلت القرارات القضائية بأكملها. وقد تكون اعتبرت التقرير الطبي غير صحيح، وأصدرت مذكرة بحث وتحرٍ بحق الزوجة، بجرم اختطاف الطفلين من والدهم.

وعلى ما يبدو، تعتقد عون أن الأب هو الوصي الوحيد على الطفلين، تيمناً بالعماد عون المعروف بأنه “بيّ الكل”. لذا، لا حق لأي أم وإن كانت ناجية من العنف الأسري، أن تحتفظ بطفليها. ربما، هذه الأفكار تحديداً جالت في بال عون حين أصدرت قرارها.. لا أحد يعلم.

التقرير الطبي
وتفاصيل هذه القضية بدأت في تاريخ 12 نيسان الماضي، حين تعرضت خيرلله لتعنيف من زوجها، وادعت عليه في مخفر انطلياس فعاينها الطبيب الشرعي مالك هلال، وأكد أنها مصابة بكدمات حمراء اللون على الخد والبطن والرقبة وهي ناتجة عن ارتطامها بجسم صلب، كما أنها تعرضت لأعمال عنفية. أي أن التقرير الطبي أكد تعرض الزوجة لممارسات عنفية.

وأمام هذه المعطيات، نفى الزوج كل ما ذكرته زوجته، مؤكداً أنه افتراء وتشويه سمعة، ولم يتعرض لها.

قضائياً، أصدرت قاضية الأمور المستعجلة في المتن، القاضية ستيفاني روبي صليبا، قراراً يقضي بمنع تعرض الزوج لزوجته أو للطفلين، وبمنعه من إلحاق الضرر بممتلكات الزوجة أو الطفلين، وإلزامه بالخضوع لعشرين جلسة من التأهيل ضد العنف الأسري على نفقته الخاصة، كما حددت نفقة مؤقتة للزوجة والطفلين بقيمة 20 مليون ليرة شهرياً لمدة 5 أشهر.

إلا أن عون لم تكتف بإصدار مذكرة البحث والتحري، بل أصدرت قراراً بمداهمة منازل عائلة الناجية وأقاربها. وجرى توقيف صهرها ليوم كامل رهن التحقيق، وتم استدعاء والدة الناجية للاستماع لإفادتها. في حين أكد جميع أفراد العائلة بأنهم لا يملكون أي معلومات أو تفاصيل عن مكان تواجد خيرلله والطفلين.

وبالرغم من إفادتي القاصرين أمام محكمة الأحداث حيث أكدا أن والدتهما تتعرض للعنف، ويرغبون بالبقاء معها بعيداً عن الوالد، إلا أنه حسب معلومات “المدن”، فإن المعلومة التي دوّنت في محضر التحقيق أُرفقت بملاحظة أن كلام الطفلين هو نتيجة ضغوط تمارسها الوالدة عليهما!

السيناريو المتوقع
وعلى هذا الأساس، حُوِّل الملف مرة أخرى إلى فصيلة انطلياس وطلب من الوالدة الحضور برفقة الأطفال. وأخطر ما في هذا الأمر، وما تخشاه عائلة خيرلله، أنه من المرجح بعد حضور الوالدة برفقة الطفلين أن يصدر بحقها مذكرة توقيف وجاهية من القاضية عون نتيجة البحث والتحري، ما سيؤدي إلى خسارتها لطفليها، خصوصاً أنه في هذه الحالة سيعتبر الأب هو الوصي الأساسي للطفلين بعد توقيف والدتهما.

مرة أخرى، تتجدد قضايا العنف الممارس ضد المرأة في مملكة الإفلات من العقاب. والمؤسف، أنه عوضاً عن ملاحقة كل معنف ومعاقبته، يجرى العكس تماماً. إذ تُلاحق المعنفات وقد يحرمن من أطفالهن، لأن بعض القضاة (والقاضيات!) يتجاهلون أن الكثير من النساء عُنّفن حتى القتل.

فرح منصور – المدن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى