أخبار محلية

لبنان أرض زلزالية: هل المباني جاهزة للاختبار الحقيقي؟

 

كتب فؤاد بزي في “الأخبار”: يقوم لبنان، الصغير جداً بمساحته، على 3 فوالق كبيرة: اليمونة وسرغايا وروم. ويضاف إليها فوالق متفرّعة من الأساسية، تملأ حرفياً الخريطة على طول خط السّاحل في قلب البحر، ومنها ما يمرّ في قرى محدّدة يجعلها تعيش الظواهر الطبيعية بشكل شبه دائم مثل بلدة صريفا الجنوبية. وفي نظرة تاريخية إلى الماضي القريب والبعيد نجد أنّ مدننا الرئيسية، إمّا دُمّرت أو أُغرقت نتيجة لزلزال أو أمواج تسونامي. ولكنّ غياب هذه الظواهر لفترات ليست بقصيرة، إذ من الممكن أن يعيش جيل ويموت دون أن يشهدها، يزيلها من الذاكرة بسرعة، ما يضاعف من خطرها. ونحن في لبنان كنّا نائمين، وأيقظنا الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا.

«ثقافة البناء المقاوم للزلازل» التي يفترض أن تكون حاضرة دائماً عند إنشاء أيّ مبنى في لبنان، شبه غائبة. ومشهد المخالفات والبناء العشوائي، والأسقف التي تُصبّ في ليلٍ قبل الأعمدة، بعيداً عن أعين القوة الأمنية، يدلّ على أمور معاكسة لكلّ إجراءات السّلامة العامة، وجهل بنوعية الأرض التي نعيش عليها. فماذا لو أن الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا، شملنا أيضاً؟

يحسم مهندسون مختصّون بالسّلامة العامة الإجابة بـ«عدم الجهوزية». وفي محاكاة بسيطة لزلزال بقوة تدميرية تصل إلى 7 درجات، يؤكدون وقوع كارثة على كلّ المستويات، فـ«المركزية الإدارية والاستشفائية في بيروت الكبرى ستعيق أيّ تحرّك فعال لأجهزة الإنقاذ، التي قد تحتاج بدورها إلى من ينقذها بسبب تهالك الأبنية التي تقيم فيها»، في إشارة إلى مباني أفواج الدفاع المدني في بيروت وجبل لبنان. وللتأكيد على ما يقولونه، يشير فريق المهندسين إلى أنّ مساحة تركيا الكبيرة سمحت لمناطق لم تتأثر بالزلزال بمساعدة تلك المنكوبة، بالاعتماد على قدرات لوجستية ضخمة، حيث يوجد 120 ألف عامل إنقاذ يستفيدون من المطارات ومحطات القطار والطرقات، بالإضافة إلى القدرات المالية الأساسية، أمّا في لبنان، فكلّ ما ذُكر غائب.

في مقابل التطوّرات الزلزالية السّريعة التي لا تنتظر أحداً، كان التشريع اللبناني بطيئاً جداً، ولم تدخل كلمة «زلازل» قواميس قوانين البناء سوى مع النّسخة الأخيرة الصادرة عام 2004 تحت الرّقم 646، أي بعد مضي ما يقارب نصف قرن على زلزال 56، وسبع سنوات على هزّات عام 1997 الأرضية. الحركة القانونية البطيئة لم تقف عند هذا الحدّ، إذ يحتاج القانون السّابق إلى مراسيم تطبيقية. ولم يصدر مرسوم السلامة العامة قبل عام 2012، تحت الرّقم 7964. وهو أيضاً انتظر كارثة انهيار مبنى فسّوح في الأشرفية، الذي أودى بحياة 27 شخصاً، وبموجبه أصبح التدقيق الفنّي للتأكّد من مقاومة الأبنية للزلازل إلزامياً عبر مكتب هندسي استشاري معتمد من الدولة.

المسح العام لكلّ الأبنية تقرّر فعلاً، في اجتماع وحدة إدارة الكوارث في مجلس الوزراء يوم الإثنين الماضي، ولكنّ العبرة في الإنجاز أولاً، والقرارات التي ستؤخذ بناءً على النتائج ثانياً، إذ يتخوّف عضو المجلس الاتحادي لنقابتَي المهندسين في بيروت والشمال، توفيق سنان، الذي شارك في الاجتماع من «مرحلة ما بعد كتابة التقرير الخاص بالأبنية المتضرّرة». يسأل «عَلامَ ستكشف لجنة الكوارث؟ وفي حال وجدت عيوباً، من سيدفع بدلات الترميم أو التدعيم؟ وعلى من تقع مسؤولية إصلاحها؟ وما النصّ القانوني الواجب تطبيقه؟»، ويجيب: «لا اعتمادات مخصّصة للقيام بالمهام المطلوبة، فاجتماع لجنة إدارة الكوارث في السّراي الحكومي انتهى من دون أيّ مفاعيل، وعمل لجان المهندسين على الأرض يتطلّب مصاريف مادية لم تُؤمّن». في المقابل، يؤكّد سنان «تمسّك نقابة المهندسين بدورها، فالعمل سيكون باللحم الحي، والنقيب يدعو إلى اجتماعات طارئة للجان النقابة».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى