أخبار محلية

“قرنة شهوان “سعودية هدفها سحب سلاح “المقاومة” ولو بالدّم وعشاء أميركي يجمع “التغييريّين”

“الأخبار”

في أيلول 2000 صدر بيان بكركي الشهير الذي دعا إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان تطبيقاً لاتفاق الطائف، وبعدها توالت الأحداث: تشكّل لقاء «قرنة شهوان» عام 2001، وتبعته زيارة البطريرك الماروني الراحل نصرلله صفير للولايات المتحدة لطلب مساعدة دولية لإخراج الجيش السوري من لبنان، ثم التصويت في مجلس الأمن الدولي عام 2004 على القرار 1559 الذي أوصى بمحاسبة سوريا وإلزامها بإخراج جيشها من لبنان. بعدها بأشهر، اغتيل الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005 وتحقق الهدف.بعد 22 عاماً، عادت «تطبيق اتفاق الطائف» العبارة الأثيرة لدى عدد كبير من السياسيين للإيحاء بأن استفحال الأزمة الراهنة سببه خرق الاتفاق نصاً وممارسة، وأن الحل هو في تطبيقه حرفياً. لكن ما لم يُزح الستار عنه، حتى الآن، هو ما تريده المملكة العربية السعودية حالياً من الدعوة إلى التمسك بهذا الاتفاق.

في الخامس من الشهر الجاري، سيُعاد المسلسل نفسه. تستعد السفارة السعودية في بيروت لإقامة احتفال ترويجي رداً على «الحملات التي تتعرّض لها وثيقة الوفاق الوطني من قبل حزب الله والتيار الوطني الحر والمتلهّفين إلى مؤتمر تأسيسي جديد» كما يقول مروّجو «الكارنفال» الذي يحرص السفير السعودي وليد البخاري على أن يكون حاشداً. وسيتقدم الحاضرين في «كارنفال اليونسكو» الرئيس حسين الحسيني ورئيس اللجنة الثلاثية العربية عام 1989 الأخضر الإبراهيمي ونواب شاركوا في اجتماعات الطائف ونواب ووزراء وشخصيات من أحزاب وتيارات نقلت «البارودة» بعدَ 2005 من كتف دمشق إلى كتف الرياض، ومن بينهم من عارضوا الطائف سابقاً لأنه عزّز موقع الطائفة السنية في السلطة على حساب بقية الطوائف. ويتضمن الاحتفال كلمات عن أهمية الدفاع عن الطائف وتطبيق بنوده هو العنوان العريض للـ«كارنفال»، بينما المطلوب واحد: التصويب على سلاح المقاومة تحت عنوان بند «سحب سلاح الميليشيات».

في الأسبوع الأخير لم يهدأ البخاري: اتصالات واجتماعات وتغريدات عن «الطائف» وحشد أكبر عدد ممكن من المطبّلين، والحرص شخصياً على التأكد من وصول الدعوات وتأكيد الحضور، ونشاط «غير مسبوق» إعلامياً وسياسياً بإطلاق مواقف تدافع عن الطائف، والإيعاز إلى كل «جماعته» في لبنان بتبنّي الحملة.

تجميعة» سياسية من شخصيات مُعادية للمقاومة للمطالبة بـ«سحب سلاح الميليشيات»

في الشكل، الاهتمام «الاستثنائي» بهذه المناسبة يشير إلى «تغطية» البخاري إدارته الفاشلة للملف اللبناني منذ ما قبل الانتخابات النيابية الأخيرة، والسعي لالتقاط صورة جامعة وإيصالها إلى أصحاب القرار في الرياض، خصوصاً من عبّروا عن انزعاجهم من إخفاقاته، للإيحاء بقدرته على لعب دور أساسي في الساحة اللبنانية يصبّ في مصلحة المشروع السعودي. وذلك بعدما استمات لإفشال دعوة السفارة السويسرية في بيروت إلى لقاء بين القوى السياسية يكون منطلقاً لحوار حول الملفات المفصلية في المرحلة المقبلة.

سيكون التركيز كله موجّهاً على حزب الله وسبل مواجهته وتحميله مسؤولية الانهيار وتسليمه البلد لـ«الاحتلال الإيراني»، وستكون المناسبة محطة لإطلاق مرحلة جديدة من المواجهة مع الحزب ومن تعتبرهم المملكة خصوماً لها، تحديداً رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. مناسبة «الأونيسكو» ستدشّن مرحلة شبيهة بتلك التي بدأت عام 2000. ستبدأ بـ «إعلان» المطالبة بسحب سلاح حزب الله، مع «تجميعة» سياسية من شخصيات مُعادية للمقاومة، و«معارضة مسيحية» تتقدمها «القوات» و«الكتائب» لهذا الهدف الذي تسعى الرياض إلى تحقيقه بأي ثمن، ولو بـ «الدم»، كما في الطيونة، أو بافتعال فتنة لـ «عزل» الحزب، وهو ما عبّر عنه النائب سامي الجميل قبل أيام بالحديث عن «الطلاق»، بعد زيارته للرياض ولقائه مسؤولين سعوديين في الديوان (نزار العلولا) والمخابرات (خالد الحميدان).

عشاء أميركي يجمع “التغييريّين”

«à la carte» ينتقي «نواب التغيير» تلبية دعوات العشاء المرعيّة خارجياً. رفضوا العشاء السويسري، لكنهم لبّوا دعوة أميركية إلى العشاء نظّمتها «فرقة العمل الأميركية من أجل لبنان» (task force lebanon). ولو لم توثّق بولا يعقوبيان اللحظة بصورة جمعت حليمة القعقور ووضاح الصادق متعانقين، أثارت الجدل نظراً للخلاف المحتدم بينهما، ما كان لأحد أن يعلم بالعشاء من أصله.

بهدوء مرّ العشاء الأميركي الذي حضره نواب من كتل وأحزاب مختلفة كـ«الكتائب» و«القوات»، وشارك فيه نواب «تكتل التغيير»، من دون معايير واضحة للقبول والرفض. فقبل أسبوعين هبّ هؤلاء لشيطنة عشاء تشاوري أرادت السفارة السويسرية تنظيمه، ودعت إليه نواباً من الأحزاب التقليدية وابراهيم منيمنة من «تكتل التغيير». وذهبوا بعيداً في الحديث عن انقلاب دستوري، منساقين وراء المبالغات السعودية في الدفاع عن اتفاق «الطائف»، والإيحاء بأن هناك من يريد نسفه. في المقابل لا تشكيك ولا أسئلة حول «العشوات» المرعية أميركياً.

هذه الازدواجية على أهميتها ودلالاتها، لم تلفت الأنظار بقدر صورة «الصلحة» بين الصادق والقعقور. وهي لا تعني شيئاً بالحقيقة سوى ليعقوبيان المستميتة للخروج بصورة جامعة للتكتل، وإن شكلياً. إذ إن الاختلافات والخلافات لا تزال على حالها، وإعادة إحياء التكتل غير ممكنة. لكن مخرجاً قد يتمثّل بمبادرة أطلقها حزب «لنا» الذي تنتمي إليه القعقور، ربما تنقذ من لا يزال محرجاً من إعلان انسحابه من التكتل، وتقدّم خيارات للعمل وفق طرقٍ مغايرة.مبادرة للتنسيق بين النواب الـ 13 تشريعياً فقط

ويجول وفد من «لنا» على النواب الـ13 تباعاً لعرض مبادرة قوامها، بحسب عضو المكتب السياسي في «لنا» دارين دندشلي، «اتفاق الـ13 على العمل سوياً على أجندة تشريعية، تتألف من عدد من العناوين الجامعة كقانون استقلالية القضاء والسرية المصرفية وتحقيق المرفأ… ويبقى لكل نائب أو مجموعة نواب الحرية في الخيارات السياسية والاقتصادية، وفي التعامل مع الاستحقاقات». وتستند المبادرة إلى أن «بين الـ13 مشتركات يُبنى عليها تشريعياً».

معنى المبادرة أن لا تكتل بشكله القديم، وإقرار بعدم صوابية هكذا إطار سياسي ليعمل ضمنه مجموعة نواب أتوا من مشارب سياسية وافتصادية وثقافية مختلفة. كما أنه يؤكّد «وفاة التكتل»، وإن بطريقة إعلان غير تقليدية. إذ إن تعديل الدور وحدود التنسيق يقوم بالمهمة. وهو ما باتت المكونات كافة مقتنعة به، باستثناء يعقوبيان، لغايات غير مفهومة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى