أبرز الأخبار

إيران: دَمِّروا لبنان… أنا بريئة

 

كتب قزحيا ساسين في “السياسة”

من المُعيب، بَعد اغتيال رأس “حَماس” وبندقيّته في يده، وبعد تصعيد المقاومة الإسلاميّة، فرع لبنان، هجماتها الصاروخيّة على العدوّ الإسرائيليّ، إثر زيارة مبعوثي ولاية الفقيه إلى بيروت وإيعازهم بالتصعيد، أن تصرّح طهران على المنابر العالميّة بأنّها غير معنيّة بمحاولة اعتيال نتنياهو، وأنّ حزب الله هو المسؤول الوحيد عن استهدافه، ما يعني بوضوح أنّ ردّ إسرائيل في مسألة محاولة الاغتيال يجب أن يكون على حزب الله ولبنان فقط.
تحاول ولاية الفقيه، ما استطاعت، اختصار الردّ الإسرائيليّ عليها، وجعله أقلّ ضررا، غير أنّ تشجيعها لمقاوَماتها، لا سيّما لحزب الله، لزيادة النّار الموجَّهة إلى ديار العدوّ أتى معاكِسا حساباتها، وليس استهداف نتنياهو في عقْر داره سوى إعطاء حجّة إضافيّة له، ليكون ردُّه بمنتهى القساوة، إلّا إذا تنازلَت طهران، في المفاوضات غير المُعلَنة، عن ملفّات معيّنة قد تكون نوويّة أو أمنيّة أو نفطيّة…
لن يكون من السّهل غسْل طهران يدَيها من محاولة اغتيال نتنياهو، ولم تعُد قادرة على الاختباء بإصبعها، وهي أمام خيار واحد، يُختَصَر بتخلّيها عن أذرعها الجهاديّة، التي تعيش على دمائها، وتموّلها وتسلّحها، لتبقى رافِعة دائمة لها، تمنحها استثمارات ناجحة حول أيّ طاولة مفاوضات دوليّة.
قد يأتي الرّدّ الإسرائيليّ على إيران، هذه المرّة، خارج الإطار الكلاسيكيّ الذي شهدناه في السابق، وقد يكون مؤشّرا لاتّجاهات المرحلة المقبلة سياسيّا وأمنيّا، أمّا إذا بقي ضمن إطاره الكلاسيكيّ الفولكلوريّ، فإنّ الصفقة تكون قد وصلت إلى نهايتها بين طهران وتل أبيب، ويبقى السؤال في هذا الحين: هل ستصدر ولاية الفقيه أوامرها بإطفاء نار المواجَهة؟
ليس صحيحا أنّ قُدرات طهران العسكريّة لا تساعدها على إيذاء تل أبيب، وإن كانت الأخيرة تتفوّق عليها بشكل واضح في هذا المجال، إلّا أنّ خامنئي يعرف تماما حدود اللعبة وشروطها، ويعرف أنّ الإخلال في قواعد الاشتباك، على المستوى الدوليّ، ذو ثمن باهظ لا يستطيع تسديدَه. وعليه، فإنّ خروج طهران من مأزقها لن يكون سوى بالاستجابة للتوجُّه الدّوليّ، الرامي إلى دعم قيام الدولة اللبنانيّة، وتطبيق القرارات الدوليّة التي تجعل الأمن في لبنان كلّه في قبضة القوى الأمنيّة اللبنانيّة وحدها.
إنّ طهران التي تبرَّأَت من محاولة اغتيال نتنياهو، الأكثر دمويّة وإجراما في تاريخنا الحديث على الأقلّ، باتت لا تُسعِدُ نُطقًا بعدما أثبتَت أنّها لا تُسعِد حالًا، فلا أهدت الخيل ولا أَرسلَت المال، وها هي اليوم تدلّ بلسانِها اللاعِق دماءنا جزّار تل أبيب علينا، كأنّ في صدورنا بَعدُ متّسَعًا للنِّصال.
بعدما أهدت إيران نَفطنا إلى العدوّ، تستمرّ في إهدائه دماءنا، بينما نحن اللبنانيّون نسعى إلى احتضان بعضنا في أكبر نكبة تدميريّة وتهجيريّة نعيشها، ولم يعُد لنا من مُعِين غير السعي لإيقاف طوفان الدّم والنار، والتشبُّث بقيام دولة لبنانيّة حقيقيّة، تساعدنا على الخروج من بطن التِّنِّين، وإن كانت رحلة الخروج هذا طويلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com