Almarsadonline
أبرز ما تناولته الصحف الصادرة اليوم الخميس ٢٦ / ٩ / ٢٠٢٤
كتبت النهار
على رغم أن كل الاهتمامات مشدودة إلى الميدان الذي ارتفع منسوب حماوته أخيرا، برز من يدعو إلى عدم تجاهل الحراك الديبلوماسي الذي ينساب بهدوء وروية في الظلال، في بيروت ونيويورك وعواصم أخرى.
الأمر عند أصحاب هذا الرأي لا يقتصر فحسب على حراك الموفد الفرنسي جان إيف لودريان الذي تنقل بين مقار رسمية وغير رسمية في بيروت ليبلغ الضاحية الجنوبية حيث كان له لقاء مطول مع رئيس كتلة نواب “حزب الله” محمد رعد. ولهذا اللقاء أهمية مزدوجة في نظر البعض لكون لودريان قرر زيارة الضاحية الجنوبية في هذا التوقيت وهذا الوضع الاستثنائي بالذات، كما لجهة اللقاء مع الحزب الذي يخوض غمار أشرس مواجهة مع إسرائيل.
والواضح أن الحزب لم يوصد أبوابه أمام أي حراك ديبلوماسي وأي وساطات من هنا وهناك يمكن أن تفضي في نهاية المطاف، ولو بعد حين، إلى هدنة وتسوية محتملتين.
ومن نيويورك تكشف الأنباء المتواترة عن حراك ديبلوماسي مواز على هامش اجتماعات الهيئة العامة للامم المتحدة. وسرت أنباء عن مهمة لوفد أمني تركي – قطري في بيروت.
بطبيعة الحال لا أحد في بيروت ودوائرها السياسية، لديه رهان جدي وقاطع على أن يثمر هذا الحراك الديبلوماسي المتجدد نتائج سياسية تضع حدا للصراع المفتوح على الحدود، انطلاقا من اعتقاد فحواه أن طرفي الصراع ما زالا ينخرطان كليا في مجريات الأحداث الحدودية إلى أقصى الحدود، وأن كليهما يتصرف على أساس أنه ما زال يحتفظ في جعبته بمزيد من الأوراق وعوامل القوة التي لم يستخدمها بعد، وهي في رأيه تلحق الأذى بالعدو وتضعف مكانته وقدراته.
لكن ثمة عوامل ما برحت تغري دعاة إعطاء الأهمية لهذا الحراك الديبلوماسي والتبصر به، أبرزها:
– أن أوساطا إعلامية وسياسية محسوبة على “حزب الله” أطلقت أخيرا تشخيصا ينطوي على دعوة صريحة للحزب إلى أن يتعامل بمرونة وانفتاح على كل ما يصله من عروض تسوية ووساطة. ويستند هؤلاء في دعوتهم تلك إلى أهمية العمل بنظرية “حفظ المقاومة” عبر إعلان التزام قرار وقف النار الذي يعمل مجلس الأمن منذ فترة على إصداره.
– أن تعامل المقاومة بسلبية معه في حال صدوره سيجعلها في مواجهة مع بعض الداخل اللبناني ويبيح لإسرائيل المضي قدما في حربها، وخصوصا أن ثمة من يعدّ للغدر بالمقاومة.
والحال أن الإدارة الأميركية أفصحت أخيرا بلسان أكثر من مصدر ومسؤول عن أنها تعمل بجدية للوصول إلى مبادرة جديدة وعرض مختلف، يكون مفتاحه وقف النار في غزة كمدخل لازم للبحث في صيغة مماثلة على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية التي زادت احتداما أخيرا.
وبناء على تجارب سابقة منها تجربة حرب 2006، فإن الحراك الديبلوماسي الجاد يبدأ ضعيفا ثم لا يلبث أن يشتد عوده ويصير ضروريا لكل الأطراف.
على وقع التصعيد الميداني واشتعال الساحة، وعندما يتيقن طرفا الصراع من عجز كل منهما عن الحسم الميداني في تلك التجربة، احتاجت المفاوضات حينها إلى أكثر من عشرين يوما وإلى جولات متعددة قبل أن تتمخض عن القرار الأممي 1701.
وعلى رغم كل ما تنطوي عليه هذه المقدمات من وقائع، فإن مصدرا نيابيا حاضرا في دائرة الاتصالات والقرار عند الثنائي الشيعي، له رأي يبدو مغايرا، إذ يقول في تصريح لـ”النهار “: “ليس من السهولة بمكان الآن أن نتوقع من الاتصالات والوساطات التي بدأنا نتلمسها هنا وهناك صيغة تسوية تعد بهدنة قريبة”.
ويضيف: “إن الشرطين اللذين يرفعهما العدو الإسرائيلي لوقف النار وإنهاء حربه، والقائمين على فصل جبهة الجنوب عن جبهة غزة، ومن ثم انسحاب مقاتلي حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني، هما شرطان تعجيزيان للحزب ولا يمكنه أن يرتضيهما في أي شكل”.
ويستطرد المصدر عينه أن “الإسرائيلي ما زال يعيش على أوهام فائض القوة والقدرات، ويتصرف على أساس أنه سيد الميدان وأن يده العليا فيه بلا منازع، ما يبيح له فرض مثل هذين الشرطين، ولكن نحن نرى أن الإسرائيلي رغم كل ما يمارسه من عمليات تدمير وتهجير واغتيالات، وخصوصا في الآونة الأخيرة، ليس في وضع يسمح له بفرض شروطه. وفي هذا الإطار نراقب عن كثب التضارب في الرؤى والتعارض في وجهات النظر القائمة داخل المؤسسة العسكرية والسياسية الحاكمة في إسرائيل حيال قوة الحزب، ونعرف أن المؤسسة العسكرية اعترضت على التقديرات التي قدمها أخيرا وزير الحرب الإسرائيلي وزعم فيها أنه تم القضاء على البنية العسكرية التي أرساها الحزب، وفي هذا مبالغة ووهم”.
ويضيف المصدر: “نحن لا ننكر أن الإسرائيلي وجّه في الآونة الأخيرة ضربات موجعة للجسم العسكري للحزب خصوصا بعد تفجير الأجهزة، وصحيح أيضا أن ثمة أضرارا لحقت ببيئة الحزب، لكن وفق علمنا فإن المقاومة تتميز خلافا للجيوش الكلاسيكية بقدرة تسمح لها باستيعاب الضربات وامتصاص التداعيات، لكونها تملك مرونة وليونة. ولم يكن أمرا عابرا عندنا رؤية صواريخ الحزب من طراز نوعي جديد تدخل الخدمة للمرة الأولى، وهي تصيب أهدافا حساسة في تل أبيب وضواحيها. فهذه رسالة واضحة يوجهها الحزب إلى عدوه عنوانها: بدأنا مرحلة الرد على هجماتك المتكررة، ووضعنا تل أبيب في بنك أهدافنا، ونحن نعي تماما ما تمثله عندك على المستويات كافة الضاحية الجنوبية، بما يعني أن الحزب على وشك أن يرسي معادلة الضاحية في مقابل تل أبيب.
نحن نقر بأن المعركة باتت صراع إرادات وعض أصابع وأن العدو يضع فيها كل ثقله ويعتبرها جزءا من معركة الوجود، لكن الحزب لديه رؤية معاكسة تقوم على أنه يخوض حرب استنزاف لهذا العدو ويبلي البلاء الحسن فيها ويؤلم الخصم”.