“صفقة” مع واشنطن…إيران “تُفكفك” الحزب وضبّاطها يمنعون إطلاق هذه الصواريخ
الكلمة أونلاين
سيمون أبو فاضل
كان سلاح حزب الله مرافقا لكل التّسويات التّفاهمات المتعلقة بلبنان، وكان أيضا بندا أساسيًا في سلسلة محطات سياسية وعسكرية بأبعادها الداخلية والخارجية…
وفق سرد مقتضب:
– إبان اتفاق الطائف تم إخراج سلاح حزب الله من لائحة سلاح الميليشات لاعتبار وظيفته مرتبطة بتحرير جنوب لبنان، وذلك نتيجة مجاراة الرئيس حافظ الأسد والتقاطع الخفي في العلاقة بين الولايات المتحدة الأميركية التي كانت تساير إيران، بعدما توحّدت مصالح واشنطن – طهران – دمشق ضد الرئيس العراقي صدام حسين، فغضّت الإدارة الأميركية النظر عن سلاح المقاومة الذي كان يُدَوزن مهامه الأسد يومها.. فيما كان رهان واشنطن أن السلام العربي – الإسرائيلي ليس بعيدا فتنتفي علّة وجوده، وهو أمرٌ لم يتحقق…
– ثم كان تفاهم تموز 1993 ومن ثم تفاهم نيسان 1996، على قاعدة أن السّلام سيحصل وما نشهده يأتي في الوقت الضائع وحكما اتُّخاذ بعين الإعتبار تقاطع المصالح بين أميركا، إيران وسوريا…
– في العام 2000 انسحبت إسرائيل من الجنوب اللبناني، وتم استحداث أزمة هوية مزارع شبعا، لكن القرار الدولي أهمل ملف سلاح حزب الله، وفق رهان على أن دوره سيُعلّق حكما بعد انتفاء الإحتلال الإسرائيلي…
– وكانت حرب تموز من العام 2006 التي انتهت وفق مضمون القرار 1701، من دون ممارسة ضغط دولي على حزب الله مع مراعاة أميركية لإيران، لكن على أساس أن هذا الإتفاق ضمانة متبادلة حتى تحين ساعة السلام أو ما شابه، وكانت واشنطن بدأت تغرق في الرّمال المتحركة جراء غزوها أفغانستان والعراق، بعد عملية 11 أيلول التي نفذّها تنظيم “القاعدة” واتّساع الإهتمام الأميركي في مكافحة الإرهاب، معتبرة أنها الأولية من ضمن استراتيجيتها، على حساب الصراع بين إسرائيل والحزب لا سيما أن طهران سوّقت ذاتها شريكة في الحرب على “القاعدة”…
– وحصلت في العام 2008 حرب 7 أيار على خلفية المسّ بسلاح الإشارة الذي يملكه الحزب، ليتم لملمة التداعيات العسكرية – السياسية من خلال اتّفاق الدوحة الذي لم يقارب هذا السلاح ودوره الداخلي، في موازاة اتّصالات جانبية، أمنية خليجية – غربية – إيرانية عن ضرورة وقف الحزب لعملياته في الداخل مقابل تفاهمات بين هذه الجهات ترعاها هذه الدول مع الفرقاء التابعة لها في الداخل.
– وبُعيد وصول الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما الى البيت الأبيض كانت كل وسائل وأساليب إيران وأذرُعها مسموحة وغير منظورة بالنسبة إليه، ليس لأنه “شيعي النّشأة وإخونجي المنحى” ولديه موقف شخصي من الأنظمة الخليجية، كما سمعت من عضو “جمهوري – بروتستنتي” في الكونغرس الأميركي، وذلك في معرض انتقاده له بالسّماح لإيران بالتّمدد في المنطقة.
بل أيضًا، لأن أوباما كان متسرّعًا للوصول الى اتّفاق نووي مع إيران للتوجه بعدها نحو تطويق الصين التي تُقلق دولته اقتصاديًا، متجاوزًا أدوار إيران العسكرية وأذرعتها وبينهم حزب الله في الإقليم وحكما في سوريا، لاسيما أنه وجد بعد ظهور تنظيم “داعش” وتمدّده وقتال إيران من خلال التنظيمات التابعة الى جانب قوات التحالف ضد هذا التنظيم الإرهابي، عذرا يواجه به رافضي هذا التهاون.
إذ رغم استعمال إيران والتّنظيمات الحليفة لها أسلحتها ضد هذه الدول العربية وأحيانا إطلاق صواريخ ومسيّرات عليها، فإن أوباما سلّم بتمدّد إيران وأذرعها لاعتباره أنها عامل مساعد في مواجهة “داعش”..
لكن بعد عملية “طوفان الأقصى” حصل تعديل جوهري لدى واشنطن التي كانت تراعي إيران وتراهن كما إسرائيل على تفاهم أميركي – إيراني يحدّ من قدرات طهران النّووية ويقلّص دور حزب الله، ويستتبع الأمر لاحقا بعملية تطبيع واسعة تدخل المنطقة في مرحلة هدوء، وانتعاش الإقتصاد عند دول المنطقة من خلال الإستقرار ومشروع طريق الحرير.
عملية “طوفان الأقصى” التي كان يهدّد أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله بالإقدام عليها، سبقه في تنفيذها رئيس حركة “حماس”، يحيى السنوار، وفي ذلك كان القرار الإسرائيلي العسكري الذي تبدو نتائجه واضحة في غزة والضفة والجنوب اللبناني.
بالملخص:
استنادًا الى معلومات أمنية غربية تتقاطع مع مصادر واسعة الإطلاع، إن قرارًا أميركيًا – إسرائيليًا اتُّخذ بوضوح لوضع حدّ لدور سلاح حزب الله، بتكليف رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتانياهو وكل مقدّرات تل أبيب من جيش وأجهزة أمنية للقضاء على هيكلية حزب الله وشلّ قدراته مهما كانت نوعية الأساليب.
فلم يعد مسموحا، وفق المصادر، بقاء سلاح حزب الله على ما كان عليه حتى الأمس القريب، وبات القرار أبعد من تأمين نتانياهو اتفاقا لإعادة أهالي شمالي إسرائيل الى مناطقهم الذين هربوا منها خوفًا من إقدام حزب الله على اجتياحها، كما أن ما يُقدم عليه نتانياهو من إجرام وتهجير ودمار في لبنان يحظى بموافقة المؤسسات الأمنية الأميركية التي تتعاون معه استخباراتيًا وعسكريًا في ظل الدّعم من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وإن كان نتانياهو يستمر في عملياته أملا أكثر، من خلال استدراج واشنطن الى حرب واسعة ليضمن ما يسعى إليه..
الذي يشهده لبنان وحصرا حزب الله، بات أكثر من تنفيذ القرار 1701. إنها مرحلة تفكيك حزب الله عسكريا بقرار دولي، إيران تفهّمت أو تماهت مع هذا القرار الأميركي وفق المصادر الموثوقة، ولا يرتبط الأمر بموقفها الوجداني الداعم للحزب أو لغزة واعتمادها التراجع التكتيكي كأسلوب قتالي على ما قال قائد الثورة الإيرانية الإمام الخامنئي.
إذ، بعيدا عن ردود حزب الله المتواضعة على حجم العمليات التي تُقدم عليها إسرائيل، تقول المعطيات أن طهران هي التي تملك قرار إطلاق الصواريخ النوعية والبعيدة المدى التي تطال عمق إسرائيل وتُصيب نقاط حيوية ومواقع نووية.
إيران لديها ضباط ومستشارين في لبنان، وفق المعلومات، يملكون قرار إطلاق هذا النوع من الصواريخ وليس الأمر عند حزب الله، وحتى حينه لا قرار بتحريك هذه التّرسانة، لأسباب تتوّزع بين تفاهم خفي مع واشنطن، ولخوفها من أن يرتدّ إطلاق هذه الصواريخ على الحزب تدميرا يخرجه من الحرب ضعيفا، وهذا القرار كان قُبيل عملية اغتيال قادة فرقة الرضوان، فكيف بعد الذي حصل…
إن القرار الدّولي يحصل بتنفيذ إسرائيلي ويعتبر مرحلة تعطيل دور سلاح حزب الله والتفاوض على مرحلة جديدة تتجاوز القرار 1701 وتحوّل الحزب نحو الإنخراط في العمل السياسي وفق تفاهمات مستقبلية لنفوذ إيراني على مدى الإقليم…
القرار اتُّخذ والسيد حسن يعلم ..