بيئة الحزب ممتعضة: متى الرد المزلزل يا سيد؟
جاء العدوان الاسرائيلي الواسع يومي الثلاثاء والاربعاء على حزب الله ليطرح المزيد من الاسئلة والهواجس داخل بيئة الحزب التي بدأت تشكو من حرب الاسناد، وتُبدي امتعاضها من الردود العسكرية الضعيفة مقارنة مع العمليات التي تنفذها اسرائيل وتستهدف فيها هيكلية الحزب الذي يمر اليوم في مأزق كبير على مستوى بُنيته الاجتماعية التي يعتبرها جبهة اسناد في أي حرب يخوضها ضد العدو.
وقد خرجت البيئة الحزبية في اليومين الماضيين عن تحفظاتها من حرب الاسناد، منتقدة ما يجري في الميدان حيث باتت القرى على طول الشريط الحدودي أرضا قاحلة يتآكلها الدمار والخراب. وفي مجالس أهل الجنوب والضاحية ثمة احباط كبير بدأ مع رد حزب الله على عملية اغتيال القيادي فؤاد شكر، حيث كانت العملية أكثر من عادية بل تمكنت اسرائيل من افشالها ولم تنجح الا على لسان بعض المحللين في الحزب الذين تصلهم الاخبار الواجب نشرها من المشرفين على الاعلام الحربي. ويعكس تطيير اسرائيل لقواعد الاشتباك المعمول بها مدى اخفاق الحزب في الرد على اغتيال شُكر، وهو ما دفع بحكومة نتنياهو الى توسيع دائرة استهدافاتها من دون الاخذ بعين الاعتبار تهديدات الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله، فهي تؤكد أن ما يقوله الاخير ما هو الا تبرير لبيئته في حين أن الواقع على الارض يؤكد التفوق التكنولوجي والعسكري لاسرائيل في عملياتها التي حصدت حتى الآن أكثر من ألف شهيد في مقابل عدد قليل من القتلى في صفوف الجيش الاسرائيلي والمستوطنين.
في اليومين الماضيين ضجَّت مواقع التواصل الاجتماعي بمقتطفات لمقابلات سابقة لنصرالله يتحدث فيها عن الامكانيات الضخمة للحزب والقادرة على تفجير الوضع شمال اسرائيل وعلى خطها الساحلي، وفي تلك الفيديوهات ذهب نصرالله بعيدا في تهديداته وصولا الى ضرب منشآت نووية هناك، في وقت خرج بعض المحللين المقربين من الحزب بنظريات تم تناولها بطريقة ساخرة من قبل المتابعين، وتفيد بأن أسلحة واشنطن وتل أبيب باتت خارج الخدمة، والعصر الحالي هو عصر اسلحة ايران وحزب الله الدفاعية. هذه النظريات التي نسفتها اسرائيل في عدوانها السيبراني الاخير وخرقها الاستخباراتي لمنظومة الحزب ساهمت في عملية الاحباط الجماعي لمناصري الحزب الذين اعتقدوا أن كلام السيد نصرالله عن ازالة اسرائيل من الوجود والوعد بالصلاة في المسجد الاقصى هو أمر بات واقعا وزمانه اقترب نتيجة لقدرات المقاومة التي هزمت اسرائيل في العام 2006. الا أن قوة الردع على أرض الواقع هي عبارة عن صواريخ كاتيوشا واخواتها من الجيل الاكثر تطورا، ولكنه لا يرقى الى مستوى القنابل والصواريخ الذكية التي تمتلكها اسرائيل والقادرة على نسف أحياء بكاملها بـ “كبسة زر”، وبالتالي كل تلك الاماني سقطت في زمن الحروب التكنولوجية.
ورغم كل التهديدات التي يطلقها السيد نصرالله فإن حرب القرن 21 هي حرب التكنولوجيا ومن يمتلكها هو القادر على انهاء المعركة لصالحه. من هنا فإن حرب اسرائيل الشاملة على لبنان لن تأخذ طابعها الكلاسيكي المعتاد بل سنكون امام مفاجآت كبيرة وخطيرة وأساليب تواكب الذكاء الاصطناعي مدعومة بالعنصر البشري حيث جندت تل أبيب الآلاف من أجل حربها الجديدة. فهل ستنخرط ايران بتلك الحرب أم ستترك الميدان لأذرعتها لمواجهة أخطر حروب القرن؟