أبرز ما تناولته الصحف الصادرة اليوم الخميس ١٢ / ٩ / ٢٠٢٤
Almarsadonline
كتبت النهار :
منذ 8 تشرين الأول تزداد وتيرة التهديدات الإسرائيلية بشن حرب واسعة على لبنان.
تلك التهديدات تصاعدت في الفترة الأخيرة بعدما أخفقت تل أبيب في توفير الظروف الملائمة لإعادة نحو 100 ألف مستوطن إلى الشمال، في وقت تؤكد المقاومة أنها مستعدة للحرب وإن كانت لا تريدها. فما الأسباب التي تحول دون الانزلاق إلى حرب واسعة؟
لم يتغير المشهد على طول الحدود اللبنانية الجنوبية منذ 11 شهراً. فالمقاومة لم تتراجع عن ترجمة إسنادها غزة والرد على الاعتداءات الإسرائيلية من خلال عمليات يومية على طول الحافة الأمامية واستهداف نقاط عسكرية واستخباراتية ضمن مديات جديدة.
فلقد وضع “حزب الله” معادلة ثابتة ويكررها باستمرار، مفادها أن لا وقف لجبهة الإسناد اللبنانية قبل وقف العدوان على غزة.
تلك المعادلة لا تزال سارية على الرغم من كثرة المحاولات الغربية والعربية لفك الارتباط بين جبهة الجنوب والعدوان على غزة.
لكن تل أبيب رفعت وتيرة تهديداتها، إضافة إلى تسريبات مؤداها أن وقف النار في غزة لن ينسحب على لبنان، وبالتالي فإن ذلك يدخل ضمن التهديد بالتصعيد.
في المقابل، رد “حزب الله” على توسيع الاعتداءات وارتفاع وتيرة الاغتيالات، بإدخال مستوطنات جديدة ضمن دائرة الاستهداف، وحرص على الإعلان عن ذلك بعد كل عملية، وآخرها وصل إلى ضواحي تل أبيب ردا على اغتيال القيادي العسكري السيد فؤاد شكر.
ذلك التطور انعكس سلباً على الداخل الإسرائيلي وعلى وعود قادته بإعادة المستوطنين إلى الشمال في أسرع وقت، وعوض أن تحقق تل أبيب ذلك الهدف، بات أمامها ضمان أمن المستوطنين في المستوطنات الجديدة التي صارت تحت مرمى صواريخ المقاومة ومسيّراتها.
أربعة سيناريوات للحرب
الحديث الإسرائيلي عن عملية واسعة في لبنان ينطلق من الوقائع التي فرضتها المقاومة في الشمال وتهجير المستوطنين للشهر الـ 11، والضغوط التي يمارسها رؤساء المجالس المحلية هناك.
ويعدد الخبير العسكري والإستراتيجي عمر معربوني أربعة سيناريوات وضعها الجيش الاسرائيلي للهجوم على لبنان، “وهي ليست سرية وتم تداولها منذ فترة، ولكن لا يمكن تغييرها نظراً إلى الجغرافيا وطبيعة الصراع”.
ويشرح: “السيناريو الأول هو تنفيذ ضربات جوية واسعة تستهدف العمق اللبناني، وهذا سترد عليه المقاومة بالقصف المتماثل.
الثاني يقضي بتنفيذ عملية برية، والعودة إلى عدوان تموز 2006 وتوسيع المعركة البرية، ما يعني المواجهة المباشرة مع توسيع أماكن الانتشار، والتجربة تدل على الخسائر التي مني بها العدو نظراً إلى امتلاك المقاومة إمكانات حديثة وكثيفة منها الصواريخ المضادة للدروع.
أما السيناريو الثالث فيكمن في تنفيذ إنزالات في منطقتين من لبنان، الأولى تمتد من تلال مجدل برغيس في القرعون مروراً بالسلطان يعقوب وصولاً إلى المصنع اللبناني، والثانية من تلال خلدة حتى مشارف الأوّلي، وهدف تلك الإنزلات تقطيع أوصال المقاومة وعزل الجنوب عن الضاحية الجنوبية لبيروت، والبقاع عن الجنوب والضاحية”.
ويلفت معربوني إلى أن “المنطقتين المذكورتين المحتملتين لتنفيذ الإنزلات دونهما تعقيدات عدة، منها أن الإسرائيلي لم يستطع إدخال سلاح المروحيات ولا الزوارق في المعركة الحالية بسبب امتلاك المقاومة القدرة الصاروخية للتعامل معهما. أما السبب الثاني فهو وجود السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال في المنطقتين”.
ويخلص إلى أن “الالتفاف على الأراضي اللبنانية من سوريا وتحديداً من القنيطرة وسعسع في اتجاه دير العشائر والوصول إلى منطقة المصنع، غايته قطع طريق الإمداد الرئيسي للمقاومة وبالتالي الالتفاف عليها من هذه المنطقة في اتجاه الجنوب”.
تساؤلات عن قدرة تل أبيب
خلال الأشهر الـ11 المنصرمة بات واضحاً أن لا قدرة لتل أبيب على منع “حزب الله” من استمرار عملياته عبر الحدود، وكذلك ارتفاع وتيرة الاعتداءات والاغتيالات واستهداف قياديين في المقاومة.
ومن الواضح أن المنهجية الإسرائيلية باتت تقوم على مناورات بالنار عوض المناورة البرية التي ستكون مكلفة.
فالغارات المكثفة التي تستهدف بلدات الحافة الأمامية تفضي إلى ما يشبه الحزام الأمني الناري على طول الحدود، بما يبعد المقاومة عن المستوطنات الشمالية وبالتالي يضمن الأمن هناك تمهيداً لإعادة المستوطنين.
تلك المنهجية التدميرية لم تصل حتى تاريخه إلى أهدافها، بدليل استمرار العمليات ونجاح المسيرات في بلوغ مراميها، والأهم من ذلك كله أن ما كان يطالب به الموفدون الغربيون لجهة إبعاد المقاومة عن الحدود لمسافة 8 أو 10 كيلومترات قد أفرغته مديات صواريخ المقاومة من مضمونه، عدا عن أن لبنان رفض تلك المطالب.
أما الأسباب الأخرى التي تمنع وقوع الحرب الواسعة بما فيها العملية البرية، وإن تكن محدودة، فلا تزال على حالها، ومنها أن عنصر المفاجأة في الحرب قد فقدته تل أبيب في ظل استعداد المقاومة لتلك الحرب بحسب ما يؤكد “حزب الله”.
ومن الواضح أن لا قدرة إسرائيلية على شن الحرب الواسعة، رغم الحاجة إليها لإعادة مستوطني الشمال، وذلك في غياب استراتيجية عملية للقتال على الجبهة اللبنانية.
والأهم من ذلك كله أن الجيش الغارق في مستنقع غزة لم يحقق الأهداف التي وضعتها قيادته، وإن كان يواصل ارتكاب المجازر والتدمير الممنهج تعويضا للإخفاق العسكري.
فالجيش لم يستطع هزيمة حركة “حماس” على الرغم من حشد نحو 23 كتيبة للقتال على محاور القطاع، ومن ثم احتلاله معبر فيلاديلفيا بما يشبه أيضاً التعويض المعنوي.
والحرب الواسعة على لبنان تستدعي توافر ألوية وكتائب عسكرية هي اليوم غارقة في غزة، عدا عن أن فتح الحرب في الضفة الغربية استدعى نقل قوات عسكرية من الشمال إلى الجبهة الجديدة بما يتناقض مع الواقع الميداني في حال كان الهدف شن حرب على لبنان، فضلا عن أن أي جيش في العالم يحتاج إلى فترة من الراحة والإنعاش بعد ما يقارب العام على الحرب، وهذا غير متاح راهناً.
ومن المتعارف عليه أن أي حرب إسرائيلية يجب أن تحظى بغطاء أميركي وغربي، ولا يبدو ذلك متوافراً، وهو ما يعني غياب “الرافعة الدولية” التي تغطي أي عملية عسكرية في لبنان، بخلاف ما حدث عامي 1982 و2006 ، مع تزامن كل تلك التطورات وانشغال الولايات المتحدة الأميركية بانتخاباتها الرئاسية.
ويبقى السؤال الأهم عما سيكون عليه اليوم التالي لأي اجتياح إسرائيلي للبنان، وإن كان محدوداً. وهل الهدف العودة إلى حزام أمني؟ وبأي عمق؟ وهل تدفع تل أبيب قواتها البرية إلى مستنقع لم تعرف كيف نفذت منه قبل 24 عاماً في ظل قدرات محدودة للمقاومة مقارنة بما تمتلكه اليوم؟
وسط كل تلك المعطيات تبقى الحرب الواسعة مستبعدة، وإن تكن كل الأطراف مستعدة لها.