أبرز الأخبار

ايران حزب الله وريثة السعودية رفيق الحريري

تعيش ايران في لبنان عصرها الذهبي بفعل قوة أجنحتها الداخلية التي فرضت نفوذها على مختلف الساحات الطائفية مجيّرة القوى السياسية والحزبية نحو خياراتها الاستراتيجية. بعد حرب غزة عزز حزب الله نفوذه داخل الساحة السنية، ومن كان بالامس القريب صقرا من الصقور المعادين لطهران وعمل على تسليح مناصريه ضد من كان يسميهم “أزلام الملالي”، تحول بين ليلة وضحاها الى رأس حربة المدافعين عن حرب الحزب في الجنوب ضد اسرائيل، وذهب بعيدا بانتقاده الدول والانظمة العربية “المتخاذلة ضد الفلسطينيين في غزة”.

النائب السابق خالد الضاهر واحد من تلك الشخصيات السنية التي جاهرت بعدائها لحزب الله وشنت حربا مركزة على الحزب وخلفه ايران. ففي الحديث عن عداء الرجل للحزب نستذكر مؤتمره الصحافي الشهير حين قال “ان النبي محمد جاء والدي في المنام عندما كانت والدتي حاملا بي وبشّره بي، وهذه بشارة طيبة فأصبحتُ بعدها عندما أخبرني أهلي بهذا الأمر كالصاروخ المنطلق لا أحد يقف في وجهي”. استحضار الضاهر لهذ المنام جاء في سياق اتهامه حزب الله بالتفجير الانتحاري الذي حصل في حارة حريك عام 2014 والرد على تهديدات هاتفية بالقتل كان يتلقاها فتوعد الحزب بالرد وسحقه داخل الساحة السنية. ورغم هذا العداء غير المسبوق للحزب الا ان الضاهر بنسخته المنقحة اليوم هو المناصر لحزب الله في الجنوب ولحماس في غزة ولايران في المنطقة. تجربة خالد الضاهر تُقاس اليوم على امتداد الشارع السني الذي فتح ابواب التسويات الاقليمية التي تجري. فمن عاصمة الشمال طرابلس يدير وزير الثقافة محمد وسام مرتضى وزارته وخلفه ورشة عمل ضخمة خصص لها حزب الله المال لتوسيع نفوذه داخل البيئة السنية، وهنا يجري الحديث عن مجموعات سنية في الاحياء الطرابلسية تتواصل مباشرة مع قيادات في حزب الله وتتلقى الاموال وتنخرط بمشاريع مالية ممولة من قبل الحزب وخلفه طهران. الامر نفسه موجود في عكار حيث يتغلغل الحزب في قرى فنيدق وببنين وحلبا ومناطق الدريب مقدما المشاريع الزراعية والتربوية والانمائية ويُجند وزراؤه المشاريع لصالح الفعاليات السنية الشمالية.

في السنوات الخمس الاخيرة وتحديدا بعد الازمة المالية والاقتصادية، اتخذ الحزب قرار الانفتاح على الشارع السني في الشمال والبقاع، وأوصى برزمة مشاريع تنموية تساعده على فتح قنوات تواصل مع المراجع السياسية والروحية السنية التي كانت تعاديه. استفاد الحزب من هجوم 17 تشرين على التيار الوطني الحر فسعى الى التقارب مع سنة الشمال، وجاءت أحداث غزة في تشرين الاول الماضي لتتوج هذا العمل تحت راية “حماية القدس”، وكانت انطلاقة العمل المشترك بين الحزب وأهل السنة.

تتقدم ايران في هذا الاطار على السعودية داخل الشارع السني. فحزب الله ونتيجة خبرته المؤسساتية يبني مشاريعه بطريقة مدروسة وشفافة مع تشديد قيادته على ضرورة الابتعاد عن نظام الاعاشات قدر الامكان والذهاب نحو خيارات شاملة تأخذ بعين الاعتبار حاجة الشارع السني بعيدا عن المزايدات الشعبية. في المقابل، تشهد السعودية تخبطا كبيرا داخل البيئة السنية نتيجة سوء تصريف الهبات المقدمة من قبل المملكة واختيارها لأشخاص غير مؤهلين بحسب مصادر شمالية لمهمة توزيع الهبات، اضافة الى حصر الهبة بربطة خبز أو حصة غذائية وبعض الادوية، فيما تغيب المشاريع المستدامة عن المنطقة.

ايران – حزب الله اليوم هي وريثة السعودية رفيق الحريري. معادلة تشكل هاجسا على مناصري تيار المستقبل الذين ينظرون الى التغيرات الاقليمية الطارئة في المنطقة بعين الريبة، فهم غير قادرين على مجاراة التقارب التركي السوري والذي سيترجم بلقاء اردوغان الاسد ولا التبادل الدبلوماسي السعودي السوري وعودة الاسد الى مقعد الجامعة العربية. وينظرون امامهم فيجدون حزب الله وريثا لبيئة حرص على اعتدالها الرئيس رفيق الحريري ولكنهم غير قادرين على مواجهة تلك المعادلات.

علاء الخوري

ليبانون فايلز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى