أبرز الأخبار

القوات اللبنانية.. رابحة “حتى لو خسرت”

تعاني “القوات اللبنانية” كسائر قوى المعارضة من ازمة سياسية حقيقية، اذ انها ترى حلفاءها الاقليميين والدوليين يتحاورون مع “حزب الله” بشكل مباشر او غير مباشر، من فرنسا الى الإمارات وصولا الى الولايات المتحدة الاميركية، وهذا يعني ان التسوية التي ستعقد سيكون الحزب جزءا اساسيا منها، لا بل قد يكون الرابح الاول فيها خصوصا ان اهداف واشنطن وحلفائها تكمن في القضايا الحدودية والمعركة الحالية، وعليه فإن تنازل الحزب هناك سيمنحه مكاسب في الداخل.

لن تجد قوى المعارضة نفسها خارج التسوية لكنها في الوقت نفسه لن تستطيع تحقيق اي انتصار او حتى تقدّم على خصومها، بل عليها ان تتعايش مع وضع جديد، بعد انتهاء الحرب، يمنح الحزب افضلية داخلية وهذا بحد ذاته يشكل لها ازمة وجودية ويحرجها سياسيا امام الرأي العام في حال قررت التعايش مع الوضع الذي كانت ترفضه بشكل علني في الاشهر والسنوات الماضية.

لكن، “القوات اللبنانية” تحديدا والتي قد تجد نفسها مضطرة لرفض الانخراط في التسوية المقبلة للحفاظ على خطابها السياسي المبدئي، ستكون اقل الخاسرين، لأنها عمليا ستخسر مكاسب السلطة والقدرة على تقديم الخدمات فقط، وهي خسارة سارية لدى معراب منذ خروجها من الحكومة، وفي الاصل لا تبدو الدولة جاهزة بعد، في ظل انهيارها، لمثل هذا النوع من الخدمات، كما ستخسر القوات قدرتها  تأمين المصالح السياسية لحلفائها الاقليميين.

تحاول “القوات اللبنانية” تجهيز ارضية تحصّنها في المرحلة المقبلة، وهذه الارضية تستند الى شعبية مسيحية كبيرة وعلى سحب الشرعية من “التيار الوطني الحر” الخصم الاساسي في الساحة، من هنا يصبح لقاء رئيس القوات سمير جعجع مع رئيس التيار جبران باسيل غير متاح الا في حال كسره سياسيا واعتراف الاخير بأن النظرية السياسية ل”القوات” صحيحة بالكامل حتى في ما يتعلق بسلاح “حزب الله” الحليف التاريخي لميرنا الشالوحي.

سيبقى جعجع من ابرز القوى السياسية المسيحية من الناحية الشعبية وعندها سيصبح خروجه من التسوية وعدم توافقه مع المنظومة السياسية امرا لا يمكن تجاوزه وطنيا، وعليه سيكون جعجع المعارض حاجة لخصومه وان لم يكن في السلطة وهذا يعزز تموضعه ونفوذه حتى في الادارة والتعيينات، في حين سيحصد خصوم جعجع المسيحيين الخسارة بكاملها في ظل انعدام اي قدرة لديهم على المناورة.

امام هذا الواقع يصبح مفهوما التصعيد الذي بدأه حزب القوات ورئيسه، اذ بدأ يدعو الى صيغة جديدة، وهو يعلم ان هذه الصيغة غير ممكنة وان كانت كذلك ستكون لصالح الطرف الاقوى، لكن جعجع يريد تثبيت حضوره السياسي في اي معادلة مستندا الى قدراته الشعبية . في المرحلة المقبلة قد يكون الحوار بين القوات وخصومها وتحديدا “حزب الله “، في حال حصل، هو الضربة القاضية لاطراف المعارضة التي لا تملك قدرة القوات  على تطويع الظروف لصالحها..

 

علي منتش

المصدر:  “لبنان 24

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى