أبرز الأخبار

“الأمن العام” يرفض بلا مسوغ قانوني إطلاق سوري.. اليكم التفاصيل

يُصادف يوم الثلاثاء 20 شباط، يوم الأمم المتحدة العالميّ للعدالة الاجتماعيّة، الذي يحتفي فيه العالم بكل الجهود التّي بُذلت لتحرير الإنسان من الخوف والحاجة والمظلوميّة، تحقيقًا لهذه العدالة. ولمّا كانت مقارنة الجهود الإنسانيّة- الدوليّة في هذا المضمار، بتعسف وإهمال السّلطات اللّبنانيّة، في كل مناسبة حقوقيّة، مبتذلًا حدّ السخريّة، فإنّه ومن جهة أخرى، دليل قاطع على إمعان لبنان الرسميّ في مراكمة النقاط السّوداء على سجلّه الحقوقيّ، علانيّةً ومن دون أي اعتذار عن ذلك.]

ومن المؤكد، أن هذا التمادي انسحب ليطال ملف اللاجئين السّوريّين في لبنان، الذي عاد وفُتح مجدّدًا، بالرغم من الأزمات الكبرى التّي تتربص لبنان حاليًّا، ومنها الاشتباكات المتدحرجة في الجبهة الجنوبيّة؛ بتصريح وزير المهجرين عصام شرف الدين، الذي أعلن فيه، تكليفه حكوميًّا متابعة الملف والبدء بتسيير قوافل العودة، مدعيًّا أن “الجوّ ملائم” وأن الحكومة السّوريّة ملتزمة بورقة التفاهم بين الجانبين. هذا من دون ذكر أي ضمانات بالعودة الكريمة والآمنة، في تصريحات الوزير في حكومة تصريف الأعمال.

إضراب مفتوح عن الطعام
منذ نحو الأسبوع وتحديدًا نهار الإثنين 12 من شباط الجاري، أعلنت عائلة اللاجئ السّوريّ المعارض “ياسين محمد العتر” (31 سنة) إضراب ابنها المفتوح عن الطعام، احتجاجًا على استمرار احتجازه غير المُبرّر لدى الأمن العام اللّبنانيّ، الذي كان أساسًا في صدّد ترحيله بداية الشهر الجاري إلى سوريا، ليعود ويتراجع الأمن العام عن هذا القرار، بعد ضغطٍ إعلاميّ وحقوقيّ طال الجهاز، الذي أصدر بالمرتبة الأولى قرار التّرحيل بحقّ المعارض المطلوب لنظام الأسد، من دون أي مسوّغ أو سند قانونيّ (راجع “المدن”).

وقرار العتر، بالإضراب المفتوح عن الطعام، تزامن واحتجاز الأمن العام له لحين موعد جلسته في شهر أيار المقبل، ذلك بإشارة من مدعي عام التّمييز غسان عويدات، وسندًا للمادة 17 من قانون الأمن العام، حسب ما قال وكيل العتر القانونيّ ومدير مركز “سيدار” للدراسات القانونيّة، المحامي محمد صبلوح، الذي أشار إلى “المدن”، أن قرار إبقائه في سجون الأمن العام غير قانونيّ البتة، ذلك بحكم أن موعد جلسة العتر هي بعد ثلاثة أشهر (قابلة للتأجيل)، قائلًا: “مارسنا ضغطًا إعلاميًّا وحقوقيًّا كبيرًا، لوقف ترحيل العتر، وقد صدر قرار التوقيف كدليل على أن السّلطات القضائيّة والأمنيّة لم تُصب في قرارها في ترحيل شخص معرض لخطر الاختطاف والتعذيب وحتّى الموت”.

وقد سبق وأشرنا في تقاريرنا السّابقة في “المدن”، أن قرار المحكمة القضائيّ بمنعه مع السّفر، يوائم وضع عتر القانونيّ في سوريا، نسبةً لكونه معارضًا شارك في النشاطات المعارضة في الثورة السّوريّة، ويتحدر من عائلة معارضة أيضًا من مدينة القصير- محافظة حمص، وهو مطلوب للنظام السّوريّ، فيما لا يزال والده محمد العتر مخفيًا قسرًا ومحتجزًا لدى النظام؛ ويمنع القرار بالمقابل “الأمن العام” من ترحيله من لبنان، ضمن موجة التّرحيلات التّعسفيّة الأخيرة، سندًا إلى قانون مناهضة التّعذيب والحكم القضائيّ الصادر بحقه.

جريمة حجز حريّة؟

وعليه، أضاف صبلوح: “قام ياسين العتر بالفعل بدفع الكفالة الماليّة البالغة 300 مليون ليرة، المترتبة عليه مقابل إخلاء سبيله، بحكمٍ صادر عن محكمة التّمييز العسكريّة في كانون الأول 2023، بعد أن أمضى حكمًا بالسّجن 10 سنوات، قضى منها سبعًا، فما الداعي لاحتجازه حتّى اللحظة؟”، واستطرد بالقول: “اليوم نحن لسنا قادرين على مواكبة وضعه الصحيّ خصوصًا بعد إضرابه عن الطعام، إذ منعنا الأمن العام من زيارته، إلا مرةً واحدة. وبالرغم من محاولتنا الحثيثة للدفع نحو الإفراج عنه بمقتضى القانون، تبقى مطالبنا غير مسموعة من قبل المعنيين، الذين مارسوا ظلمًا كبيرًا بحقّ العتر، منذ لحظة صدور قرار ترحيله، حتّى هذه اللحظة، ونخشى اليوم أن يزداد وضعه سوءًا، بتفاقم حالة انتفاء اليقين لديه، وبمشاهدته الدائمة لسوء المعاملة التّي يتعرض لها المحتجزون بغية الترحيل لدى الأمن العام”.

وختم صبلوح، مؤكدًا أنه يعتبر الحاصل بحقّ اللاجئ ياسين العتر، سابقة خطيرة وجريمة حجز حريّة، وأنّه بالتعاون مع عددٍ من الحقوقيين، سيستمرون في العمل حتّى إخلاء سبيله، وتحقيق العدالة له.

وليست قضيّة الشاب السّوريّ ياسين العتر، بكل ما يحيط بها من ملابسات، من اعتقاله بتهمة المشاركة بتنظيمات إرهابية، حتّى صدور قرار التّرحيل، بالمستهجنة. إذ هناك عشرات الأمثلة لشبان سوريّين، ضحايا الاحتجاز التعسفيّ حتّى اللحظة في السّجون اللّبنانيّة، من دون أي ارتكاب أي جريمة (جنحة أو جنايّة)، داخل الأراضي اللّبنانيّة، أما التهمة الموجهة دائمًا فتكون شبيهة بتهمة العتر، أي الانتماء “لتنظيمات إرهابيّة”، بالرغم من كون بعضهم شارك وحسب في النشاطات المعارضة السّلميّة، ولجؤوا إلى لبنان، هربًا من بطش النظام، الذي وجه لهم تهم مماثلة، فيما يجري ترحيلهم لاحقًا بصمت.

بتول يزبك – المدن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى